بعض النخب الليبيين، والدائرين في فلكهم، والدائرين في فلك من يدور في فلكهم، وهم يتابعون الحراك السياسي في البلدان المجاورة، عبر شاشات التلفزيون، لا يخفون إعجابهم بالحوارات التي تجري بين الأطراف السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني وغيرهم، وفي مرات عديدة يعلنون عبر صفحات التواصل الاجتماعي انبهارهم بما يعتبرونه وعيا ورقيا وحرصا على الوطن.
أما حين يقفلون أجهزة التلفزيون ويلتفتون إلى حالهم، تصبح الحوارات الليبية هنا وهناك مشبوهة ومرفوضة، وملحوقة بتوصيفات التآمر والتخوين، خاصة إذا ما ظهر أحد الذين يخالفونهم الرأي والتوجه طرفا في حوار ما من هذه الحوارات، وكأن شرط الحوار هو أن يكون مصبوغا باللون الواحد، وداخل التيار الواحد، متجاهلين أن من سمات الحوار وجدواه هو أن يكون بين المختلفين، وليس بين المتفقين بالطبع، وأستثني من هذا من ثبت تلطخ أيديه بدماء الليبيين وتلوثت بأموالهم المنهوبة، وهذا أمر يفصل فيه القضاء، بعيدا عن الأفكار والتصنيفات والأحكام المسبقة، والشخصنة والإطلاقيات وادعاءات امتلاك واحتكار الوطنية.
المشكلة أن ثقافة القطيع تمكنت من كثيرين، وصار يكفي أن تنشر خبرا مفبركا وصورة منتقاة، على سبيل المثال، وتلتفت لترى قطيعا قد تشكل وراءك وسار خلفك كمن يمشي مخدرا أو وهو نائما، دون أدنى جهد للبحث والتحري واستجلاء الحقيقة ..
هل تنقصنا ثقافة الحوار والإستماع إلى الرأي المخالف والتعاطي معه على قاعدة الشراكة في الوطن، وفي تقرير مصيره ومستقبله؟.. نعم، وإلا ماذا يعني كل هذا؟
المنشور السابق
المنشور التالي
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك