في الجوار
.I
قلب صناعي يئز،
المريض
صورة متشققة لجدّنا الأول
مستسلم للمجاعة.
وفي النصف الأسفل من الصفحة
عربات المترو تندفع الى البحر
” لتشكل شعابا مرجانية
على شاطئ ديلاوير.”
ماذا تعني لي الآن
بعد أن صرتُ مادتك؟
أنت لحظة
و أنا مداها
شبكة غرائز هُذبّت
لتكون همجية خالصة
فردوسية محتلمة.
ضوء الشمس يلفح الساحة الخلفية.
خبراء الأرصاد الجوية يلهثون,
” شهر بأكمله
والحرارة تزيد عن مئة درجة فهرنهايت.”
الجفاف يدفع ذئاب الجبل والدببة السوداء
إلى المدن
بحثا عن الطعام.
سياسة الاغتيالات الرسمية ” أُعطيت
الضوء الأخضر” ثانية –
الخارق للطبيعة أصبح سهوا
فيما نبض القارة
يخفق في المكتب المعدني.
“أحقا أن الرب لم يخلق
إنسانا بقلبين في صدره؟”
“أحقا إن القلوب في هذا القلب
تهلل بأسمي؟”
سن القلم تهدد
بحفره
على القطب الطوطم
لينخس الوجوه
التي لا تنطق بشيء.
الـبـث
يجلس أمام الجهاز
حاجزا الرؤية
و الخطبة الثانية التي يلحقها
هى من الجمهورية العربية السورية, بث مباشر
من المسجد الأموى –
وعندما ينهى مفتى مصر
دعاءه الأخير –
اللهم نحمدك على ما رزقتنا –
بـ آمين
يقود خطاه فى مسيرته الطويلة مع الله
ليسمع آذانه الرابع
فى مسجد الحي
*
لكن آه من مربى التوت الجديد!
والكعكة المحلاة بكمثرى
اعتقدناها بطاطا
و نحن نتفرج – حمالة معاطف
محشورة فى ثقب العمود الهوائى –
عبد الحليم عندليب القاهرة
و صدر ماجدة يعلو
ويهبط ,أنفاسها محبوسة، مأخوذة
بعينّى عمر الشريف العسليتين –
ثم لاحقاً شخص ما
مُزوّد بجهاز لاقط
يبث فى كل الاتجاهات
تحركه الموجات الناقلة
كاسراً الحصارات الدبلوماسية
مدعماً بمحطات الترحيل
حركاته مضخمة يصل
هابطا العمود المحنى
لحمالة المعاطف, صوته يقطع
طريقا مختصراً لأطباق استقبال الصوت
صورته الرمادية (أسنانه البنية
حقيقية، ليست خدعة تجميل) مندفعا
فى الأقطاب الموجبة, الأقطاب السالبة, الصمامات الثلاثية
ليُفتت بمدفع الالكترون –
ويجرى تجميعه
أخيراً لينظر فى أعيننا
ويمسك بياقة أحد ما ويصيح
” ماذا تقصد؟”
شخص آخر يعقد حاجبيه
فى غضب منذر بالانتقام –
ويفتل عمدة القرية
شاربه، يصدر إشارة “اُقتل”
*
قد نكون نائمين في
صباحات الجمعة عندما
يلحق بموعظته الأولى
مستقبلة على دِش سامسونج
بث مباشر من ابوظبي
بعد سنين من
” أنظر هنا يا رجل,
الكزها بشوكة” –
صورة من قناة مقرصنة –
الموجات تحجبها التلال
العمارات أو الأبراج, مغلولة
بالهواء الساكن أو البحار الهادئة
مرتدة أماماً ووراء
واصلة كأشباح
للإشارة الأصلية ونحن الآن
ممسوسون بلا أمل –
نظرية الكم إشاعة غامضة
فى كتبنا – ملصقة –
والناتج مرئى بالكاد:
مسحوقين تحت قبضة كادر الثورة الجديد
فيما هم يلعقون مهلبية “الوطن “
والسلاطة المحلية
الخيار(مدعوم) والطماطم
(مستوردة لسوء الحظ) –
علب الصفيح تغطى ميدان الشهداء
*
وجبات مجمدة والشمس غاربة
مُجمع الشقق فى سكون وقت العشاء
قل له أن يخرس –
ظلال المساء تعبر إطارات النوافذ
فى الضوء الأزرق للوحشة الأمريكية
اطفئه, اطفئه,
قلت لك
*
شقراء مصبوغة تغوي ابن البلد, لكن
بصعوبة, صعودا في مصعد المال
وهبوطا على سلالم سوء الخلق –
يحصل على مرسيدس (الطراز ما قبل الاخير)
شقة في هليوبوليس لكن
قلبه لايزال يهفو نحو بنت الجيران –
ثم يتبع ذلك غداء خفيف, أقراص
ارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية, قطرات
في عينيه المصابتين بالمياه البيضاء في حين
قمر عربسات على ارتفاع
خمسة و ثلاثين ألف
و ثماني مئة كيلومتر
على مدار أرضي متزامن
يبث ” كفى من نزف الدماء “
مصروخة على الهواء مباشرة من الجزائر –
لكن لم يكن الأمر كذلك تماما
– الإمام الذي يرفع ذراعيه النحيلتين نحو السماء –
لم يكن هو ماغص في حناجرنا حين ذاك
*
ابن البلد في الأثناء
يفكر يفكر يفكر
يدخن روثمانز ويفكر –
في العمة سلمى العانس
التي كانت تخبز
وصفات المجلات و نحن
ناكري الجميل نلعق
طبقة الشوكولاته التي أعدتها و
مربى التوت غير المسبوق –
ماتت مكسورة القلب –
متكدرا يهفو إلى بنت الجيران التي خلّفها وراءه –
” سأكسر يديك
لو غيرت هذه المحطة”
هذا ما قالته –
و هي تخفق طاسة القشدة في حجرها
*
آبوت وكاستلو[1]
الكيس المنتفخ والعود الهزيل
لوريل وهاردي
و”نياه نياه نياه” الأغبياء الثلاثة[2]
“كيرلي” و”لاري” و”مو” –
وكاسبرو العفريت اللطيف
“الأحداث المؤسفة في ماي لاي[3]”
وعينا الأمير “سيهانوك” الحزينتان
تُبث من القاعدة الأميركية –
أخواتي يستيقظن مترنحات —
الكعكة المصنوعة بالكمثرى
اعتقدناها بطاطا –
ثم في بلدة جنوبية صغيرة
بعد قهوة فولجرز وكعكة سارا لي
“غريدي” و العمة “إستر” ( مسلسل سانفورد وإبنه[4])
ومسلسل أهواء مختلفة لناس مختلفين[5]
و”هاري ريزنر”[6]
مؤطر بتعليقة تيك
تيك تيك تيك تيك تيك
ليس بعيدا عن البنك المركزي
يقذف بأسئلة ناعمة الى الرفيق القائد –
ثم بعدها بعام “نيوزويك”
تلقبه بـ ” أخطر
رجل في العالم ” –
أعتقد أنني سأموت حقا يا لامونت –
احترس مما تقول يا ويليس –
وهكذا تجري الأمور[7]
*
لا الـ سي إن إن إذن ولا “سكاي”
رغم العارضة الجديدة
و العمود الذي سمرنا به هوائيا ذا قطبين
بأشواك متعددة الأطوال
رغم الموجهات, العاكسات
رغم القاعدة الدوارة –
و لا حتى تلفزيون مالطا –” ثبتها, ثبتها” – لاري
و كيرلي ومو يصلون ذابلين فاتري الهمة
من الشاشة ينزلقون
*
بالطبع, شيء مطمئن
أن يفكر – و هو منحن –
فيما عيناه مثبتتان على عيني المذيع –
بأنه ادرك –
أو وهو يشاهد الأئمة –
تلك الدموع –
الريموت ينفلت من يده –
كانت بالرغم مما عرفه –
و ما شاهده –
تعيق الرؤية –
شيء مطمئن أن تفكر –
لتعرف فقط ما ينتظرك
*
(فاصل إعلاني, صوت نسائي)
يا جزائر يا جزائر
أيها الرجل ذو الكبير –
لا أستطيع انتظار رؤيتك
للاتصال: 33 004569872349
*
تنفيذاً لأوامر الرفيق القائد –
احواض الأرز تقطر سمناً
السلاطة محلاة بخيار(مدعوم )
و طماطم (مستوردة لسوء الحظ) –
جيل الانتصار الحتمي
يرقص, قبضات ترتفع وتنخفض
“طز طز” لأعداء الوطن!
“اتباعا للتعاليم ولحماية الأقليم”
هذا ما قالوه
*
الأب البيروقراطي المسكين – موسيقى الناي الحزين
أو الكمان – ليس لديه شيء ليتركه
لبنت الجيران لأن هناك
وعوداً والدراما
العبوس وتقطيب الحواجب
و هي
أطفئه
بسبب
اهمالهم الرهيب و قنابلهم
ستسرف في شرب الخمرة مع
نصابين ذوي كروش ضخمة/ مقاولين/
أصحاب مصانع للحوم المعلبة/
تجار هيرويين/
ملوك عقارات – رجال دين
إبق معنا مشاهدنا العزيز لنتابع إبن البلد
لأنك
لست أصم بالتأكيد, عيناك كانتا…
أطفئه بالله عليك
كان نور الشريف يلعب دوره بانتظام
أنا معك دائما
( لا علاقة لهذا بـ الشريف سابق الذكر )
معك, معك كعادتي –
تخصص محاسبة, عاطل الان
يدخن سجائر محلية
*
ومع ذلك ظل يشاهد الأخبار
وجهه قريب من وجه المذيع
كما لو كان راغبا في قبلة –
ندور حول ظهره
في البيوت, المدارس, المقاهي –
غبار أبريل يغطي كل شيء –
الرفيق القائد يتابع
المشهد من نافذة
في الطابق الثالث في البنك المركزي
الأجساد تتمايل –
غبار أبريل يغطي شفاههم[8] –
أحد ما يصدر إشارة “أقتل”
*
الشاشة قناع ظل
طبقة من مواد معتمة
مغطاة بثقوب وشقوق –
كاهنة، نذير –
في بلدة جنوبية صغيرة
منحتك – لكمة على شفتيك –
كسرت ملل لياليك المراهقة
بـ “ايرل كامبل” و”مين جو غرين[9]”
قل له أن يخرس
الشاشة قناع ظل
حين تغرق في….
نقط متلألئة
في الحادية عشرة, الرابعة والعشرين, الثالثة والثلاثين
أطفئه – أطفئه من فضلك
منحتك برنامج تشيكو والرجل[10]
قذارة النصر
سأم الهزيمة –
منحتك غزو بغداد
*
ثم خرج عشرة منهم – سرعة
الإشعاع الكهرومغناطيسي متغيرة –
هل ترى الاستقبال؟ – ثبّته –
شاهدنا جلودهم –
تتردد مرات عدة
تذبذب موجة –
نخيرٌ يصدر من أوصال متشابكة –
سلك مكبرات لنقل الصوت –
مركب الحديد يتذبذب في الداخل كالبظر –
حلقات نحاسية ملفوفة حول ألواح شفافة –
مركب الحديد يركز الطاقة –
لفة السلك تُحدث الاستقبال –
لقطات مقربة لمهابل عميقة الأغوار –
الموجات تدفع البث قُدماً –
ثم دفقٌ غزير
*
لكنه – رآنا – ممسكين
ليس فقط عبرالإشارات اللاسلكية
لكن في كل مكان –
“تونس, تونس
أنا أقطر يا حبيبي –
متى ستأتي” –
في حافة
أمسية لا نهاية لها –
ترتعش العضلات إزاء
“المغرب يا غزالي –
ألا تحبني؟
لا أزال أنتظر مكالمتك” –
ترتعش إزاء شخص يشير –
أكتاف تنهار حين
تهبط الأرصدة –
فاصل إعلانات –
الريموت يبعث الروح ثانية
في تأجيل لا ينتهي
*
ثم يحدث شيء ما
ليس النقلة الى السجائر الأجنبية وحدها
وساكسفون “كيني جي” كخلفية موسيقية
ولا حتى ” ثبته, إلكزه بشوكة ” –
(كان ذلك في وقت متأخر جداً)
وإنما تطابق أرسطوطاليسي مثالي:
شخص ما يمر جوار مسجد
و يسمع معزوفة أرغن باكية
مع ناي حزين
أو أن الشرطة تعثر على أثر ضئيل
و تتعقبه طوال الطريق
حتى تصل إلى التلاوة القرآنية
عزيزي المشاهد
خير
ما نختم به ارسالنا لهذا اليوم
*
وفي ثوان –
أطلع
يا خفاش الليل
تأكد لمليون غريب –
كفتية صهيون المترعرعين على سخط
يقصف السماء و يُفرغ الشوارع –
إن ما استغرق شهوراً لتصديقه
ذلك حين تشبث شخص ما…
“ماذا تقصد؟”
*
الشقراء المصبوغة هنا أيضا
تصفع رفيقها
فيرد عليها بصفعة أقوى
نظارتها الشمسية ماركة فرساتشي الأصلية
تطير تتكسر –
وابن البلد
وبنت الجيران –
رئيس الشرطة يقتطع بعضا من
وقته العامر بالانشغالات ليحضر حفل زفافهما
والزوجان الشابان يبيعان المرسيدس
ليقتنيا سيارة “نصر” محلية الصنع –
شعرها مصبوغ بلون طبيعي –
و يعودان إلى منشئهما الأصلي في شبرا –
(الأخت الكبرى تحّمر خجلا من
طلب الأخ رئيس الشرطة يدها ) –
*
وأرونا الأصابع
المقطوعة, التيار الكهربائي المار باللحم البشري
النبضة التي ينقلها جهاز المؤالفة
عارضاً وجوها متورمة –
أطلع يا خفاش الليل –
السجائر التي تطفأ في الوجوه, الاعترافات
القسرية الهشة, التعذيب
طُز طُز –
ابتعاث وامتصاص الإشعاع
الذي يحدث في وحدات متناهية من الطاقة
القاضي المتوتر, الرعاع
طواقم الإعدام بالرصاص، الأجساد – يا خفاش الليل –
المادة تستعرض ثنائية
الموجة و الجسيم والأجساد ــ
ما من مهرب أخير
*
رائحة قهوة فولجرز والشمس
تتسلل الى
سكون الفجر
أنت أيها الأكثر غلاظة من المحيط والخليج –
أنت يا من يضاعف قيمته –
أيها السائر طويلا مع الرب –
موشورات الكاميرا
و مراياها بحثت عنك –
في بلدة جنوبية صغيرة حين كسرتُ ــ
لكمة نحو شفتيك ــ
عدسات الكاميرا مُركّزة
الضوء من اللهب –
و عندما يقدم ملك المغرب –
لإنتاج صورة مستمرة –
مرات متعددة كل ثانية –
يده للمفتي الأعلى –
اللهم نحمدك على ما رزقتنا –
آه ياكعكات الكمثرى الغامضة
و مربى التوت غير المسبوق –
للمفتي ليُقبلها ( يقعقع الدِش ماركة سامسونج
بفعل الرياح التجارية)
في المسجد الكبير المواجه للمحيط –
تنهار العينان ينحني الرأس
والأولاد متلهفون للمونديال:
سكوتلندا تخسر أمام البيرو –
والأحفاد يتلهفون لسكوبي دو –
و الريموت يفلت من يده ــ
ميشيغان
_____________________________
[1] ابوت وكوستيلو برنامج كوميدي اميركي من الخمسينيات.
[2] تعريب لبرنامج و افلام The Three Stooges الكوميدية التي اشتهرت في منتصف القرن العشرين.
[3] مذبحة ماي لاي قام بها جنود اميريكيين في جنوب فييتنام يوم 16\3\1968 و اسفرت عن قتل مئات من المدنيين.
[4] برنامج Sanford and Son الكوميدي اشتهر في السبعينيات بطولة ريد فوكس.
[5] برنامج Different Strokes for Different Folks الكوميدي كان يعرض في نهابة السبعينيات بطولة غاري كولمان:
[6] هاري ريزنر مقدم برامج صحفية في شبكة CBS سي بي اس الاميريكية اهمها برنامج 60 دقيقة.
[7] And that’s the way it is! مقولة مشهورة لمذيع الاخبارالاميركي والتر كرونكايت كان ينهي بها نشرة الاخيار اليومية من شبكة CBS. كرونكايت كان يلقب “اصدق رجل في اميركا.”
[8] مشانق بنغازي, ابريل 1977.
[9] ايرل كامبل و مين جو غرين من فريقي هيوستون اويلرر و بستبرغ ستيلرز يعدا من افضل لاعبي كرة القدم الاميريكية في اواخر السبعينيات
[10] تشيكو اند ذا مان برنامج كوميدي كان يذاع في السبعينيات
07.01.2010