من أعمال التشكيلي مصباح الكبير
المقالة

يوم واحد للقراءة

.

الحقوق هي ثقافة مجتمع، وفي هذا اليوم يحتفي العالم من حولنا باليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية، وكنا قد احتفينا لأول مرة في بلادنا باليوم العالمي للكتاب، الذي اطلقته اليونيسكو قبل نهاية القرن الماضي على ان يكون موافقا ليوم 23 ابريل من كل عام، حيث تنادى أعضاء من الجمعية الليبية للمكتبات والمعلومات والارشيف مع المنتدى الليبي للمعرفة في ميدان الشهداء، بهدف إحياء هذا اليوم العالمي حيث يحتفي كل مجتمع لايعاني من التخلف و انتشار الأمية، بالتبرع بالكتب وبتوزيعها على الاطفال والجرحى من نزلاء المستشفيات، كما تتنافس دور النشر التجارية في عرض منشوراتها بسعر مخفض، وتجتهد مؤسسات المجتمع المدني في نشر أهمية الوعي بالقراءة، كما تقوم المكتبات العامة بدورها تجاه روادها من سكان الحي في التعريف بخدماتها ومقتنياتها.

ففي المجتمعات التي حظت بخطط وطنية تهدف الى غرس عادة حب القراءة منذ الصغر، وتحققت لأطفالها مكتبة مدرسية تؤمن حق المعرفة والقراءة كسلوك يومي، الى جانب حق الوصول المجاني للمعلومات عبر الوسائط الالكترونية، مع ادخال مناهج الحاسوب في المراحل الأولية للتعليم؛ حتى يتدرب النشء على طرق البحث عن المعلومات، وهنا يأتي دور الجمعيات الاهلية والثقافية في تحويل هذه الحقوق الثقافية الى التشريع القانوني ووجوب نفاذه من الجهات التنفيذية، كما ينبغي على وزارة الثقافة اصدار سلاسل ورقية والكترونية من المؤلفات، تباع بسعر التكلفة بما يحقق الثقافة العامة للجميع، وانشاء مواقع الكترونية وطنية، والأهم مجانية الوصول الحر للمعلومات عبر شركات اتصالات حكومية غير مرسمة او بسعر رمزي.

لقد تغيرت الأجيال، ولم يعد الكتاب وحده مصدر المعرفة، بعدما تحققت قنوات جديدة توظف الفن والصور والأدوات في التمتع بالقراءة، بفضل مايحققه العلماء من اختراعات في كل يوم، ولم تعد المطبوعات وحدها مصدر البهجة مع ظهور الشاشات مرفقة بالصوت والصور المتحركة وامكانية التواصل مع العالم، فبفضل الاجتياح الالكتروني للورق واعلان انتهاء عصره الذهبي، غدت اغلب الموسوعات العلمية والعالمية، تصدر في شكل الكتروني فقط، بما يمكن من الاضافة والتحديث، وسرعة الانجاز وحماية للبيئة، كما شهد النشر الالكتروني انتشارا هائلا بين القراء، انحسر به الارتباط السابق مع الكتاب، الذي لم يفقد جمهوره بل ظل ينمو بموازة انطلاق السهم المعلوماتي.

لكنني مازلت انتمي الى عالم الكتاب الورقي، الذي سحرني منذ طفولتي، بما تمنحه القراءة من شغف بالمعرفة، حتى وجدتني أستعير ثم أقتني ما أرتفعت له جدران من رفوف مكتبتي الى السقف.

مقالات ذات علاقة

اللغة الليبية القديمة.. ثلاتة الاف عام من العزلة

منصور أبوشناف

السيف والوقت

محمد دربي

إجهاض العقلانية وشلُّ الحداثة

عمر أبوالقاسم الككلي

اترك تعليق