تاريخ تنفيذهــا: 2005
أبعــادهــا: 70×100 سم
خاماتهــا: ألوان صمغية وطباشير وطلاء على فابريانو
مدرستها: الرمزية التعبيرية
هــدفـهـــا: المُعَاصَرَة مع الأصالة، تأتي ضمن مشروع التشكيلية في حصر الرموز الوطنية الليبية بكافة أنواعها ومواضيعها، وإعادة إصدارها في لوحات تشكيلية تعبيرية حديثة.
موضوع اللوحة:
هي تخليد لإحدى معالم العرس التقليدي في طرابلس وهي “ليلة الحِنَّة” التي تجري مراسمها ليلة الثلاثاء وفجر الأربعاء، أيام كان العرس يستمر لأسبوع، وكل يوم فيه له طقس مختلف.
تُسمى هذه الليلة كذلك باسم “ليلة النجمة”، ومما علق بذاكرة طفولتي أقول …
بعد أن يُكمل أهل العروس “تحنيتها” بحضور أهل العريس مرتدية الرداء التقليدي وملحقاته وزينته يعود أهل العريس إلى بيوتهم وتخرج العروس مباشرة قُبِيْل الفجر ماشية رفقة نساء العائلة إلى الشارع قبالة مدخل البيت، مُغطاة الوجه، ممسكة بسكين كبيرة أمام صدرها يتوجه رأسها إلى السماء! يرافقها كذلك ضمن الجمع بنت تحمل بندير وأخرى الدربوكة، حيث يعزفون أغاني معينة بالمناسبة وتغنيها نساء العائلة المصاحبين لها من لحظة نهوضها من مجلس الحنة حتى خروجها إلى الشارع، حيث يستهدف هذا الطقس “إراءة” العروس لنجمة معينة في السماء، تُسميها الجدات “نجمة الصبح”، فهي أول نجمة تظهر في سماء الصباح، وهي التي نعرف اليوم أنها كوكب الزهرة، الذي هو كذلك أول نجمة تظهر مساءاً في السماء، والجدات يعتقدن أنها نجمة تقوية السعد.
تخرج العروس المُحنية في هذا الموكب ووجهها مغطي، وحينما تتوقف أمام نجمة الصبح ترفع غطاء وجهها لترى نجمة السعد ورأس سكينها يتجه إليها ثم تغطي وجهها 7 مرات، في المرة الأخيرة التي يكون فيها وجهها سافر يحين دور إحدى بنات العائلة التي صاحبت هذا الموكب منذ البداية حاملة معها مرآة، حيث تضعها أمام وجه العروس في هذه المرة السابعة والأخيرة قاصدة أن تنعكس بركة وسعد هذه النجمة على وجه العروس فتستحوذ عليها! ثم تزغرد في علامة على أن هذه النجمة وسعدها قد تملَّكا العروسة أخيراً!
لكن الغناء والعزف لا يتوقفان، حيث يغني الجمع في هذه اللحظات أغنية خاصة أتذكر مطلعها فقط: “خدينا النجمة خديناها .. وأم العريس غلبناها!” … إلخ لتُختَم هذه المراسم بعودة العروس إلى البيت ثم يضعون المزيد من الحنة في يديها ويضعون المرآة فوق رأسها ووجهها إلى فوق، ثم يضعون على هذا الوجه قنديل ثم يُعَرُّون رأس العروسة، وتستمر الأغاني الخاصة بهذا الطقس … ربما إلى أن تسقط العروس مغشياً عليها في اليوم التالي من تعب يوم وليلة كاملتيْن!!
على أي حال يبدو واضحاً أن هذا الطقس أعتق مما نعتقد، إذ قد يعود إلى آلاف السنين، فقد لا يعرف الكثيرون أن صنم “اللات” الذي عبده العرب قبل الإسلام هو في الواقع صنم مُكرس لعبادة كوكب الزهرة ذاته – نجمة الصباح-! وقد كان عبارة عن صخرة مربعة بيضاء ملساء منقوشة بنقوش جميلة تحتفظ بها قبيلة ثقيف، بنوا فيما بعد فوقها بيت فخم مُكَعَّب الشكل أخذ العرب يعظمونه قبل الإسلام حتى صار مُقدساً في نظرهم، حيث أن المباني المقدسة مكعبة الشكل (ولهذا يسمونها الكعبة) كانوا قد أخذوها من التراث الفارسي المجاور لهم.
إن “اللات” وأختها “العُزَّى” كانتا على أي حال تُعنَيان بالخصوبة والزواج والصلح! لذا لا أستغرب أن تُصِر جداتنا على أن ترى عروسهم “اللات” بالذات قبل يوم من دخولها بزوجها، إذ كل ما يتمنونه لها في هذا اليوم هو بالفعل “الخصوبة والزواج والصُلح” مع زوجها وعائلتها الجديدة!
أخيراً ربما شملت هذه اللوحة رمز مبهم بسيط لمرآة صغيرة – كعادة المدرسة الرمزية التعبيرية – أمام السيدة في منتصف اللوحة، بشكل ألماسة بُنية، لكنني سألت التشكيلية لماذا لْم تُضْمِن السكين كذلك؟ أجابتني بأنها ترددت في ذلك كثيراً خوفاً من أن يُسيء غير العارفين بالعادات والتقاليد الطرابلسية هذا العنصر في لوحتها! خصوصاً متابعي مناشطها الأجانب! الذين يتخوفون من مجرد سماع كلمتيْ العرب والمسلمين!