من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.
قصة

أمنية بعيدة

إيناس بن حميدة

من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.
من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.

توسدت يدها وامتدت على البلاط عند حافة الشرفة علّ نسمة تلفحها أو بصيص نور.
غلفت العتمة المكان وانسدت أبواب السماء مانعة أي حركة للهواء، عدى عن ذرات الرطوبة التي تتحول لقطرات لزجة حول عنقها والوجه، لتتسلل بين كتفيها تاركة آثار الالتصاق على ثوبها الفضفاض، والذي تستخدمه كمنشفة تمسح فيها آثار العرق حول صدرها. لم يجد النوم لها طريقاً، وإن أجهدت نفسها بحثاً عنه.
تلمست ساقيها المليئتان بقرصات الباعوض، الذي لم يترك مكان إلا وطمع فيه، لكنها عادت وتلفتت نحو أطفالها الممتدين قربها، بعد ان استسلموا تعباً وخيبة. انقطعت الكهرباء منذ ساعات النهار الأولى حاملة معها الكثير من الأمنيات والمهام المؤجلة.
ليس أولها عدم قدرتها ولا أطفالها على الاستحمام، فالمياه قطعت أيضاً، ولا آخرها (السلفة) التي فتحت أبواب بيتها لهم، وصارت توارب هذه الابواب، بعد أن ضاقت ذرعا من انتشارهم في شقتها منذ أكثر من شهرين، وإلى مالا نهاية، حيث قرر كمشة من الهمج إشعال حرب لا حد لها، أجبرتها وأسرتها على ترك كل شيء ورائهم هربا من قذائفها العمياء.
أخذت سيارات الإسعاف في الصياح من جديد، كاسرة حالة السكون المصاحبة للظلمة، عادوا للاقتتال. لم تعد تبالي بمصيرهم، كل ما تفكر به هو أن ينتهوا معاً وتتوقف الحرب، لتتمكن وأطفالها من العودة لبيتهم.

مقالات ذات علاقة

عطلة..

المشرف العام

الفــقـــاعـة

علي الجعكي

الـمـزيـودة

عبدالرزاق العاقل

اترك تعليق