قصة

ضياع

من أعمال التشكيلية خلود الزوي.
من أعمال التشكيلية خلود الزوي.

 كانت دائماً تهدّدني بأنها ستغادرني، فعندما تغضب مني أولى الكلمات التي تقولها لي إنّها ستتركني وتذهب إلى غرفة أخرى؛ لتثبت شديد غضبها مني، وتبقى على هذه الحال ليومين أو ثلاثة، ثم تعود إلى النوم في غرفتنا وتحرص على وضع وسادة بيننا؛ لتشعرني بأنها ما زالت رافضة أيّ حديثٍ معي.

 لقد كنت أقسو عليها؛ لكنّها تعرف جيدّا أنّي أحبّها كثيرًا ولا أستطيع فراقها يومًا واحدًا، وبعد فترة من الزمن.. لاحظت أنّها تسألني الأسئلة نفسها وأكرّر لها الإجابات عينها لدرجة كنت أتضايق كثيرًا من ذلك؛ ولم أكن أتصوّر أنّها تعاني من خطبٍ ما، حتّى أنّه عندما كانت تغضب مني لم تعد تهدّد بتركها لي، بل تنظر إلى وكأنّ لم يحدث شيء ولم تعد تغادر غرفتنا. ظننت أنّها قد تجاوزت كل ذلك ومع مرور الوقت قد اعتادت على مشاكلنا وزعلها، إلى أن جاء يوم كنت قد عدت باكرًا إلى البيت، كان هناك رائحة طعام يحترق ودخان يتسرّب من المطبخ، وكانت واقفة في منتصف غرفة الجلوس ويبدو عليها الحيرة، نظرت إليّ وكأنّها تبحث عن شيء وفي عينيها ذلك الضياع الممزوج بالخوف، ورفعت لي يدها وطلبت مني أن أخذها إلى غرفتها لتنام، فشعرت بغصّة وألم يعتصر قلبي، وأدركت حينها أنّها غادرتني بلا عودة.

مقالات ذات علاقة

وصايا توزين

جلال عثمان

موقف

حسين نصيب المالكي

الدهليز…

أحمد يوسف عقيلة

اترك تعليق