كالعادة قبل العصرية في أيام الشتاء العاصفة تطل علينا “حناي” رحمة الله عليها بفراشيتها “وصايبتها” اللي فيها اللوزيات والكاكاوية وحلوى وشوية كعيكات وماتابعه، هربا من قضاء ليل الشتاء بمفردها خوفا من صوت “الرعد والبرق”، رغم وجود خالي رحمة الله عليه معها، ورغم أن الوضع لا يختلف بين حياش ميزران، وحياشنا بكوشة الصفار العربية، التي لا يغطيها إلا حيط “القرقطون” الذي كان يحمي الغرف من تدفق ماء المطر بداخلها والرواشن.
بوجودها تستلم هي “الكانون” والشاهي وتحط لوازمه، ومع تهويدة الليل يشتد صوت الرعد الذي يهز أركان البيت مع الريح وتدفق الماء من “المازيب” بداخل البيت والزنقة، فأكون أنا ملاذ “حناي” الآمن وهي تسكب لي “الخراريف”ؤخرافة بعد خرافة، هي تنسى خوفها وأنا أعيش تفاصيل الحكايا حتى أنام، ولا أعرف متى كانت تنتهي .
تبدأها ياحزاركم يامزاركم، وبركة رب العالمين ديمة ساكنة دياركم، كان فيه “أمحمد” ولد السلطان “أمحمد” هو بطل كل خرافة، مرة مسحور، ومرة عاشق، ومرة معشوق، الوحيد الذي بمقدوره قتل “الغولة” ويجيب رأسها يجر فيه بحصانه.
أتسربل أنا بين هذه الحكايا ويظل بعضها يأسرني مثل قصة “عيشة بنت الحوات” الطيبة والمظلومة من “زوجة أبيها”، واللي سقت يوم عابري سبيل وهي عطشانة على البير فدعوا لها بأن في كل خطوة تخطوها يتخبل الحرير في اقدامها، وكل ما تضحك يترشق الذهب من فمها، وكل ماتبكي تصب المطر.
كان الخيال منذ تلك اللحظة يحملني بمراجيح الفرح، فكنت أعشق الشتاء لأنه وحده من يشرع لي مساحة الخيال الذي مازال يسكنني، قد تختلف الظروف بين ماض وحاضر ولكن بالنسبة لي الشتاء هو مواسم “الخرافة والدفء وامحمد السلطان، وعويشة بنت الحوات، وبوك شويخ، والطوير الأخضر، وسبعة صبايا في قصبايا…”
ومشيت وخليتهم.. وبعيني ماريتهم.
المنشور السابق
المنشور التالي
كريمة حسين
كريمة محمد حسين.
بكالوريوس مكتبات ومعلومات - جامعة الفاتح.
صحفية وكاتبة.
عضوة برابطة الأدباء والكتاب.
عضوة بنقابة الصحفيين.
نشرت بالصحف والمجلات المحلية والعربية.
أعدت حلقات مرئية شملت اغلب فناني الحركة التشكيلية الليبية.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك