من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي
طيوب النص

العسلُ الذي يقطعُ كلَّ حديثٍ!؟

من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي
من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي

يتسايلُ الحديثُ على الشِّفَاهِ .. محدِّثُكَ الجريءُ يُبَادِرُكَ بالهجومِ، يُصَوِّبُ نحوَكَ أمرًا صارمًا بالسُّكوتِ وإن طلاهُ بعسلِ لباقةٍ مغشوشٍ : ” ولا تسَّكَّتْ ..”
وحين تتوهَّمُ أنه أعادَ كُرَةَ الحديثِ إليكَ، يعودُ لنزعِهِ من بينِ شفتيكَ متداخلًا : ” نقطع كلامك بالعسل .. “
تتلمَّظ بشفتينِ متيبِّستينِ متلمِّسًا أثرَ العسلِ فيمتلئُ فمُكَ بالمرارةِ ليعودَ قاذفًا كراتِ الحديثِ الفارغِ في كلِّ اتجاهٍ..!!
وحين تعتقدُ أنهُ هدَأَ، وأن هجمتَهُ المرتدَّةَ قد توقَّفَت، ينطلقُ مجدَّدًا لتهدئةِ اندفاعَتِكَ: ” ما تنسى ما في بالك “
وستنسى كلَّ ما في خاطرِكَ سوى رغبةٍ ملحَّةٍ للكمِهِ وإسقاطِ ما تبقَّى من أسنانِهِ الصَّدئةِ..!
يخاشنُكَ عندَ كلِّ حديثٍ، ويحتجُّ في كلِّ التحامٍ، وبعدَ الاحتكامِ لتقنيةِ ( الفار ) يعودُ لمخاشنتِكَ مجدَّدًا : ” عطيني امعاك كلمة ” فتفتحُ فمَكَ حدَّ التمزُّقِ، إذ كيفَ يتوسَّلُ كلمةً وقدِ انتهبَ كلَّ الكلامِ..!!؟
وحينَ تجاهرُ باحتجاجِكَ على اللَّعبِ الخشنِ، واللاعبِ العنيفِ، والفار الأعمى، يفاجِئُكَ بتدخُّلٍ متهوِّرٍ ” اشربْ ومدّْ القدح .. “
تعودُ شفتاكَ للتَّلمُّظِ .. تشعرُ بعطشٍ شديدٍ؛ وقدِ اندلقَ قدحُ الحديثِ مفرغًا كلَّ الكلامِ الممكنِ..
.. وتصمُتُ… وثمَّةَ شعورٌ بغيضٌ بالحسرَةِ يغزو أعماقَكَ ..!!

مقالات ذات علاقة

25 يوليو 1510.. ذكرى الغزو الإسباني لطرابلس

بدرالدين المختار

هرولة

زهرة سليمان أوشن

دروب السفر

نورا إبراهيم

اترك تعليق