مقهى كازا ميدان الساعة مدينة طرابلس
المقالة

لكل زمن مقاهيه

مقهى كازا ميدان الساعة مدينة طرابلس
مقهى كازا ميدان الساعة مدينة طرابلس

في معظم بلدان العالم خاصة العربية منها، يشكل المقهى مؤسسة اجتماعية، والكثير منها يفخر بمقاهيه القديمة لأنها جزء من تاريخه، ولعل هذا ما يفسر وجود هذا النوع من المقاهي في المدن القديمة،لكنه ليس شرطا لازما لهوية المقهى، كما أن الأبهة والفخامة لا تعنيه، وهو ليس مكانا لشرب فنجان قهوة أو تناول وجبة إفطار أو لانتظار صديق أو لممارسة هواية لعب الورق فقط، المقهى منتدى اجتماعي يلتقي فيه رواده من مختلف الأعمار والمهن والمشارب،في فضائه يجدون فرصة للاسترخاء وقليل أو كثير من الحرية،يناقشون أمور حياتهم ويتبادلون الحوار والرأي في قضايا اجتماعية أو سياسية لا يجدون لها فضاء خارج المقهى، يتبادلون المشورة والعلاقات والصداقات والمصالح، ولا بأس من لحظات يبوح فيها اللسان بمتاعب الزوجة والأولاد والخوف من المستقبل، وعلاقات المقهى عفوية تأتي هكذا وبلا تخطيط، فقد يكون الجالس بالقرب منك طالبا جامعيا أو أستاذا أو موظفا أو باحثا عن عمل أو تاجر أو سمكري أو طبيب أو مهندس على سبيل المثال،نماذج بشرية من كل أطياف المجتمع تلتقي لزمن يطول أو يقصر ثم ينفض مجلسها، وما يؤكد اجتماعية المقهى هو أن الكثير من رواده لا يغيرونه،هم يرتبطون به حتى يصبح امتدادا لحياتهم خارجه، أحيانا يتميز كل مقهى برواد معينين، فقد تجد مقهى الأدباء ومقهى الأطباء ومقهى العمال،وهكذا،والدولة أو الحكومة لا علاقة لها بإنشاء ومكان المقهى،فالمنظومة الاجتماعية وعبر علاقاتها ومؤسساتها تنجزه بواسطة مواطنيها.

هل للمقهى علاقة بتقدم المجتمع أو تخلفه..وهل هو تلبية لحاجة مفقودة..؟الإجابة على هذا السؤال سريعة وهي أن في المقهى صورة أصغر للمجتمع الآخر الكبير،حتى ليمكن القول أن المقهى كان أقصر طريق لمعرفة طبيعة المجتمع ومكوناته في طرابلس،لكن وكما حدث في مجتمعات أخرى ذهب زمن وجاءت أزمنة أخرى ومعها ذهب زمن جميل كان متألقا بالفرح.

لا بأس..فلكل زمن مقاهيه.

مقالات ذات علاقة

سعادة سفير الثقافة… وداعا

المشرف العام

الصادق النيهوم يكتب في السنوات الأخيرة من حقبة الاستقلال – 30 مارس 1968

محمد دربي

محمد زغبية؛ أغنية الميلاد!

أحمد الفيتوري

اترك تعليق