قصة

الجنسية الكندية

قصة واقعية باللهجة العامية الليبية مع بعض التحوير

تعبت مليت من هالحياة من هالعيشة التي تنقص في العمر . .
استيقظ صابر من نوم القيلولة علي وقع هذه الكلمات الموجعة وهي تطرق أذنيه طرقا عنيفا لتصيبه بالألم والصداع..
صاح موجها كلامه إلي زوجته : خيرك يا صبرية ما نرقد منك ساعة هنية . . الله يهديك ويصلح حالك وأحوالك
ردت قائلة : راقد ومتهني وتشخر حتي الشخير لا علي بالك ولا علي خاطرك تاركني في الهم والغم وطول الوقت وإنت هارب وجالي من الحوش
تمتم صابر : لا حول ولا قوة إلا بالله . . اللهم إنا نسألك الصبر . . الصبر ياربي . .
علي صوته برفق : خيرك شن فيه
صبرية : تعبت مليت من هالحياة من هالعيشة التي تنقص في العمر
البيت ،الأولاد ، العمل ، الدراسة . . حضرتك رامي الحمل كله علي ولا من يخفف عني ولا من يعاوني
صابر : الله يسامحك ياصبرية أني طول اليوم شاقي وتاعب من الصبح وأني من طابور لطابور نبدأ نهاري بطابور المخبز وبعده طابور المصرف حتي نطلع قريشات باش تعيشوا بيهم هذا كان حصلنا وبعده طابور البنزينة اللي ياخد في نص نهارحتي نحصل جغمة البنزينة باش نتحركو بالسيارة إنتي عارفة هي إيدينا ورجلينا من غير مشاكل العمل والناس اللي معاد عندها لا دين ولا أخلاق . وحتي المرض واخذ في حصة وإلا نسيتي السكر والضغط
الله غالب شن بن ديروا هذا ما كتب ربي ، ثمانية سنين وإحنا نعانوا .كل ما بتفرج تتسكر من تاني الله غالب . . الله غالب
أصبري يا بنت الناس . . أصبري ما عندنا كان الصبر . . حتي من إسمي صابر وإسمك صبرية . . ما ناخدوش من أسامينا حتي شوية يا سبحان الله .
صبرية : أني خلاص مرارتي بتنفجر ، صبري كمل . . تم . . خلاص معاش عندي صبر، دبرلي كيف . . دبرلي . . مش إنت راجل ومسئول . . خمملنا . . فكرلنا
صابر : لا حول ولا قوة إلا بالله . . شن بنخمم شن بندير قدامك الحال من بعضه هذا البير وهذا غطاه ، تعودي من الشيطان . . بدلي هالساعة بساعة ثانية يا مرا ،
نوضي ديريلنا طاسة شاهي خضراء خلي الضغط ينزل وهاتيلي حبة السكر حتي هيه .
علي مضض دخلت صبرية المطبخ لتعد إبريق الشاي في حين بدا صابريفرك فروة رأسه بيده جيئة وذهابا وحدقتا عينيه تدوران في حركة دائرية دون هدف بينما يغمغم ببضع كلمات مبهمة يغير من طريقة جلوسه بأوضاع مختلفة في كل حين وحين ، يقلب الأمر بينه وبين نفسه ، يدرس الخيارات المتاحة لديه للخروج من هذه المشكلة العويصة . فجأة توقف عن فرك رأسه ثبت عينيه إعتدل جالسا تبسم بهدوء وقال بينه وبين نفسه : والله فكرة . . حتي هوه راي .
قطع حبل أفكاره قرقعة صينية الشاي التي وضعتها زوجته بين يديه بعصبية وصوتها العالي يجلجل : هذا الشاهي الأخضر. . سكبت له كوبا ناولته إياه قائلة : إشرب . . إشرب نشا الله ربي يشفيك ويعافيك .
أخذ رشفة كبيرة متلذذا بكوب الشاي الأخضر بالنعناع ثم وضع الكوب في السفرة علي مهل ، إعتدل في جلسته و يمم وجهه شطر زوجته عاقدا أصابع كفيه بثقة ليبدأ حديثا مهما أولاه كل حواسه :
أسمعي يا بنت الناس ، أني جتني فكرة مش عادية باش نطلعوا من هالدوامة ومن هالبلاد وهالعيشة اللي مش عاجباتك . . بس راهو كل هذا واقف عليك وبين إيديك ، وافقتي وكي ، ما وافقتيش ما صار شي قاعدين زي ما حني .
ردت صبرية : تفضل قول . . تكلم إن شاء الله خير خليني نسمع وبعدين نعطيك رايي .
أضاف صابر :إنتي عارفة أختي سعيدة وزوجها فالح اللي عايشين في كندا
سألت صبرية بتوتر: إيه نعم . . خيرهم . . شن بتقول وضح كلامك ؟ ؟
ح نكلمها تبعت لي دعوة بإعتبارها مواطنة كندية وعندها باسبور كندي وعايشة عشر سنين غادي ، أعتقد ما فيش مشكلة تبعث لي دعوة ونأخذ التأشيرة ونسافر كندا
أنفعلت صبرية وقاطعته بقوة : يا سلام عليك بتهرب وبتسيبنا . . وإحني وين بنمشو
رد صابرا مشيرا بأصابع يده اليمني صعودا ونزولا بعد أن ضمهم مجتمعين : إنتي غير أصبري شوي تو يجيك الكلام . واصل كلامه وهو يشيح بناظريه عن عيني زوجته ، بتردد في صوت دافئ وخافت :
بعد ما نوصل كندا ونستقر. . إن إن ندور علي عزيز كندية . . عزوز مكملة مش مراه صغيرة . . غير ركزي معاي شوي. نتزوجها . . نقعد معاها سنة
– علا صوته بتدرج مع إبتسامة تتسع رويدا رويدا – ليضيف قائلا :
ونقدم ع الجنسية الكندية . . نولي مواطن كندي عنده كل حقوق المواطنة ،
نبعتلكم دعوة إنت والأولاد ، وتجو لكندا ويلتم شملنا ونرجعوا من جديد عيلة ملتمة حلوة سم الله علينا ، ختم حديثه مشيرا بيديه في إنتظار الجواب . . آه شن رايك في هالحل ؟
تسمرت صبرية في مكانها تصلبت يداها جحضت عيناها وتطاير منهما الشرر بقوة ،تصلبت شريين وجهها ورقبتها صرخت في وجه زوجها وقد إختلط اللعاب والكلمات في فمها ليخرجا كالرصاص : لا والله . . فالح . . فكرة يا بو الأفكار
رفعت يدها اليمني عاقدة أصابعها في حركة تشير إلي التهديد والوعيد
والله . . والله في سماه . . وديني وما نعبد . . ما نقعد لك فيها حتي دقيقة . . باهي والله هذا ما مازال . . بعد هالعمر وهالسنين بتاخذ علي ياصابر . . ومنو وشنو وكيف . . عزوز رومية . . عزوز رومية . . هذا ما مزال هذا ما مازال
يا والله حالة . ضربت يديها كفا بكف لتصدرا صوت فرقعة عالية وإرتفعت بهامتها قليلا لتقترب من وجه زوجها الذي إنحني فزعا إلي الوراء ، إسترسلت في حديثها بوتيرة أكثر عنف وصخب :
خيرها بلادنا . . خيرها . . حلوة يا مشاء الله عليها . . شمس وبر و بحر وشجر وناس طيبة ، بترول يبخ من كل تركينة ، خيرات الله تعد وتغلط ، وسط هلنا وناسنا نديروا ما نبوا ما في من يتسلط ولا يتأمر علينا . .
عادت إلي جلستها الأولي وخفت وتيرة غضبها إلي حد ما ، هدأت بعض الشئ واصلت حديثها برفق ولين :
نصبروا يا صابر . . خيرنا . . نصبروا ياخوي . . حتي الصبر باهي . . تو تفرج إن شاء الله .
إنكمش صابر في جلسته وكتم ضحكاته الصامته مرددا بينه وبين نفسه :
توا طلعت ليبيا باهية وقنينة يا صبرية . . ما هو قلنالك م الأول أصبري . . أصبري ياصبرية . . ما عندنا كان الصبر.

مقالات ذات علاقة

خطوط صغيرة في دفتر الغياب

جمعة بوكليب

الديك

رشاد علوه

حكايات مرحة *

رضوان أبوشويشة

اترك تعليق