أنا ولدٌ شديد الأمل وكامل الكسل والحمائم تختار أحد كتفيّ لتنثر حصيلة يومها كله ، أنا ولدٌ يتأفف من اللغة عقب الاستيقاظ بلحظات لكنّه لا يُهمل غسل أسنانه قبل النوم وبعده، أنا ولدٌ تُربكه الجموع فتنفلت الحروف من بين أصابعه ولا يذهب للمسجد إلا لحاجة في نفسه! أنا ولدٌ يطرح نفسه على الطاولة بوضوح قد يُزعج! ويلوذ بحجرته إذا ما رنّ جرس الباب! ..
أنا ولدٌ أخفق في أن يكون وَغدًا بينما نجح في أن يتهجأ معلقةً لطرفة ابن العبد، أنا ولدٌ لايُرى من قِبل نساء مدينته تفرّ الواحدة منهن فرارها من شبح!
أنا ولدٌ يحمل طفولته على ظهره ويسدد ديون هذه الطفولة كلّ يوم ! أنا ولدٌ لازال يتذكّر كيف ادخر من مصروفه اليوميّ ثلاثة عشر دينار لكي يبتاع علبة كورن فلكس! أنا ولدٌ يفتنه الشكل الهندسيّ للقبور ويفتعل عشرات الأعذار لعاشقةٍ تجاهلت مكالماته على الفايبر ! أنا ولدٌ يفكر أحيانًا في الموت وفيمن سبقوه تحت التراب! ما أحوالهم هل صنعوا أخبارًا جديرة بالنشر ….
أنا ولدٌ ساذج جدًا وفارغ من مطامح الغد!
أنا ولدٌ يحلم بأنثى تزرع فيه القيل والقال، تقول له لِمَ تأخرت ويقول لها مسافة شوق وأصل، لا أريد نكدًا هذا اليوم ! أنا ولدٌ يُصاب بالانتشاء بمجرد سماعه لنوبة “دولة الاسعاد” لحسن عريبي، ويحب عبد الحليم حافظ لأنه يطرق مواطن أوجاعه بموعود…
أنا ولدٌ عندما تعصى عيناه عن البكاء ينفطر قلبه…
أنا ولدٌ اختل توازنه تمامًا مذ نسي توديع أمه ويطالب من كل امرأة يلتقيها أن تكون له أمًا لا تحرمه من حليب ثدييها
أنا ولدٌ قد أبدو تافهًا قد أمارس الأحلام بصورة مفرطة قد يروقني الانتظار قد تُشفيني كلمة ما قد تدميني نظرة تحمل دلالة …أنا ولدٌ كل شيء ولا شيء في آن.
