من ظن أنه لا يخطئ فهو أكثر المخطئين ومن ظن في نفسه أنه المصيب دائما وأن الغير دائما مخطئين فهو واهم في نفسه ظالم للغير ، انظر إلى نفسك والغير باتزان ، فالكل بعد النبي ﷺ يصيب ويخطئ يا إنسان.
نحن جميعا بعد النبي ﷺ نصيب ونخطئ ما نصيب فيه من فضل الله علينا وما نخطئ فيه من أنفسنا ووسوسة الشيطان إلينا وعامة الإنسانية وعلماؤها في هذه القاعدة سواء، ومن هنا وجب ترسيخ مبدأ المراجعة والاستدراك دائما في حياة الإنسان على وجه العموم والخصوص سواء.
أَدْرَكَ مَنْ راجَعَ واسْتَدْرَكَ ، فلولا خطأك لتكبرت ولولا مراجعتك واستدراكك لخطإك لما تقدمت ، فالحمدلله الذي هدانا لهذا المبدأ وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، ومن ظن أنه وصل في الدنيا حصل ، ذلك أن السير في طريق الخير والسلام لا ينتهي فقضية تحقيق الخير والسلام أزلية وجب فيها ترسيخ مبدأ المراجعة والاستدراك دائما ، فهو ضرورة ملحة في السير حتى لا يظنن السائر بأنه لا يخطئ فيدخل في شراك الوهم ، ولكي لا تتراكم الأخطاء بعدم المراجعة والاستدراك فيدخل في شراك الإطمئنان بها ، هذا على العموم والخصوص سواء ، فالمراجعة والاستدراك مبدأ مهم لنا جميعا ، فكيف بمن يقودون الدول أن لا يراجعوا ويستدركوا ؟!. فالخطأ أمر طبيعي على الإنسانية أجمع ولكن عدم المراجعة والاستدراك أمر غير طبيعي !.
بصلاح الراعي تصلح الرعية فلا تعتبن على شعوب تدنت معيشتها واعتب على سوء الإدارة بأنظمتها ، لا تتخاصموا أيها الساسة فيتساقط ركام اختصامكم على شعوبكم فأنتم هنا تحملون هذه المسؤولية ألا وعيتم لها قليلا وراجعتم واستدركتم ما كان منكم من خصومات فيما بينكم في إدارة دولكم وعلاقاتكم ببعضكم البعض ؟! أفهل ظننتم أنكم لا تخطئون أبدا فواصلتم عدم مراجعة واستدراك الأخطاء التي تضر بشعوبكم وتزيد من حدة الخصومات بينكم فيستفيد من ذلك أعداؤكم الذين يحاولون دائما تشتيت شملكم وتجزيئ المشتت أيضا ؟! ، راجعوا واستدركوا يا ساسة الشرق الأوسط.
وعن دولتنا الحبيبة ليبيا أتحدث ، ما فائدة كثرة الساسة فيها إن لم تكن فيهم سياسة ؟! إلا ما رحم ربي ، وما فائدة مقاعد السلطة التي تتلهفون عليها إن لم يكن الدافع نية صادقة لتحقيق الخير والسلام بالعمل لما فيه الخير للصالح العام؟! إلا ما رحم ربي ، وما فائدة تقلدكم للمسؤولية إن لم تكونوا على قدر المسؤولية ؟! إلا ما رحم ربي ، متى تقفون وقفة مراجعة واستدراك مع أنفسكم بنية تحديد الأخطاء وإصلاحها والعزم على التقدم تجاه الصواب وعدم العودة لذات الأخطاء بعد أن تقوموا بمراجعتها واستدراكها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية وتجديد النية سعيا في تحقيق الخير والسلام بترجيح المنافع للشعب الفاضل ودفع المضار عنه على الدوام ؟!.
من الطبيعي أن تخطئ ومن غير الطبيعي أن لا تراجع وتستدرك خطأك إن الاعتراف بالحق فضيلة ، فلنراجع ولنستدرك على الدوام فالمراجعة والاستدراك قيمة لا تقدر بثمن ، بها تتواضعون وتتقدمون في الخير والسلام بإذن الله وفضله ومشيئته ، وهذا لي ولغيري أطرحه في هذا المقال ، ولنتذكر دائما : ( جل من لا يخطئ ). تصديقا لقول سيد الخلق أجمعين محمد ﷺ : “ كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ”.
لغد أفضل يمن الله به علينا وعلى كافة دول العرب والمسلمين ، فلتكن المراجعة والاستدراك مبدءا مرسخا في ذواتنا وقناعاتنا وأفكارنا ووجهات نظرنا وأقوالنا وأفعالنا وسلوكنا مع أنفسنا والغير ، فلتكن المراجعة والاستدراك مبدءا مرسخا في شتى مناحي حياتنا ومجالات أعمالنا سعيا في تحقيق الخير والسلام قدر استطاعتنا خالصا لوجه الله الكريم وابتغاءا لمرضاته والله ولي التوفيق بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
سبتمبر / 2018