إلى أين أيها الفتى ؟
إلى أين تستدرجك أحلامك في وضح الكهولة ؟ وأنت الذي أنفقت أكثر مما ينفق الناس بحثاً عن حلم كان لك … نعم كان لك .. لك وحدك .. نسجته أنامل روحك بحذر طفولي .. ووسدته حنايا فؤادك الغرير إدخارا ً لغد ٍآت زرعته يد خفية في أعماق طفولتك .. فانبرت مخيلتك تجوس حقول الزهور بحثاً عن زنبقتك الأثيرة .. حتى أضناك السفر وأثقل كاهلك الرحيل .
ــ( إلى أين ؟ )ــ
وكل هذه الزهور تحتفي الآن بك .. وترسل أريجها العبق بين يديك .. وترسم بأكمامها المشتهاة لوحة للغواية تنادي ألوانها تراتيلك بحنين ( هيت لك .. هيت لك ) ويظل صدى النداء يصم الحقول .. وأنت كما أنت تحلق بك فراشة أحلامك حيث زنبقتك الزاهية ولا تعود .
ــ( إلى أين ؟ )ــ
وكل الطيور التي تردد الآن تسابيحك التي أطلقتها في فضاءات مدينتك بخشوع ستنساك أو تلفظك من ذاكرتها المثقوبة غير مأسوف عليك .. مثل من سار قبلك على الطريق ذاته ..
ماذا تريد ؟ وفرحة الحلم عندك ساعة من مساء وليل طويل وصور محترقة الحواف وقلب غازل النجم كثيراً ثم حاك من خيبته ألف برد للشتاء ومازال يطعنه الصقيع
ــ( إلى أين ؟ )ــ
وأنت الذي من وهج كلماتك أيقظت الربيع وزرعت ألف زنبقة على باب المدينة للحالمين بكرنفالات الزهور وبالطيور ووقفت ترقب ـ في خيالك ـ ما صنعت يداك هل كان حقاً ما أردت ؟ وكيف كان ؟ وأراك تستدني السدول .. وتظل وحدك بانتشائك تختزل الحقول ، وتتنشق عطر زنبقة وحيدة !!