خاص الطيوب
صدر عن مكتبة طرابلس العلمية العالمية الليبية كتاب(إبداعاتٌ أردنية وقراءاتٌ ليبيّة) للأديب والكاتب الليبي يونس الفنادي يتناول فيهنماذج من الأجناس الأدبية والشعرية الأردنية. يقع الكتاب في مائة وخمسين صفحة من الحجم المتوسط، وهو يعد من الإصدارات المتميزة لمكتبة طرابلس التي تتولى إدارتها الناشرة الليبية الأستاذة فاطمة محمد حقيق وهي أول ناشرة تتخصص في طباعة وإصدارالكتب في ليبيا منذ تأسيسها لهذه المكتبة مع الراحل زوجها الأستاذ ضو المزوغي تيبارسنة 1992، كما أنها أول سيدة عربية تحظى بعضوية اتحاد الناشرين العرب، ولازالتتواصل مهام عضويتها حتى الوقت الحالي. وحول إصدارها كتاب (إبداعاتٌ أردنيةوقراءاتٌ ليبية) كان لنا معها الحوار التالي:
س1) بداية ما الذي يتضمنه كتاب (إبداعاتٌ أردنية وقراءاتٌ ليبية) حتى يحظى منك بالاهتمام والنشر؟
أولاً أشكر لك اهتمامك بهذا الإصدار، وأيضاً طرح هذا السؤال الذي بقدر ما فيه من تقزيم لدور الناشر وحدوده الجغرافية بقدر ما يمنحني التعبير عن أهمية الناشر في إرساء علاقات وتواصل عربية وعالمية مع كل المجتمعات الإنسانية المهتمة بالفكر والكتاب والثقافة. ولقد حملت هذه الدار منذ تأسيسها صفة (العالمية) لإيمانها بأن الإبداع والعلم والفكر والثقافة لا حدود لهم، بل تتجاوزهاكلها حتى تكتسب صفة الإنسانية وهي أسمى الغايات المنشودة.
كتاب (إبداعاتٌ أردنيةٌ وقراءاتٌ ليبية) لم يكن المطبوع الأول للمؤلف الأستاذ يونس شعبان الفنادي، لأن هذه الدار سبق وأن أصدرت له (طرنيش في القلب) الذي تناول فيه المسيرة الصحفية للفارس النبيل الأستاذ محمد رجب طرنيشرحمه الله، وكذلك كتابه (روايات ليبية نسائية) الذي اهتم بالأدب الروائي النسوي في ليبيا وقد لاقى هذا الكتاب اهتماماً على المستوى الأكاديمي لطلبة الدراسات العلي افي الأدب الليبي وأوساط المهتمين وكذلك المسئولين حتى خصصوا له ندوة في معرض القاهرة للكتاب في دورته الماضية سنة 2018، ولاشك أن رصيد المؤلف الإبداعي ونشاطه في المشهد الأدبي والصحفي والإعلامي يعد مكسباً لأي دار نشر للتعامل معه.
(إبداعاتٌ أردنيةٌ وقراءاتٌ ليبية) يتضمن مقالات نقدية نشرها المؤلف الليبي حول سبعة إصدارات أردنية متنوعة كالتالي: المجموعة القصصية (شبابيك) للكاتب محمد عارف مشه، والمجموعة القصصية (أنثى تشبهني) للدكتورة نهلة عبدالعزيزالشقران، والمجموعة القصصية (ضيوف ثقال الظل) للقاص الأديب جعفر العقيلي، وديوان (أنثى الفواكه الغامضة) للشاعر الأردني الراحل عاطف الفراية، والمجموعة الشعرية (لروحك ألملم حروفي) للشاعرة سهى حدادين، والمجموعة الشعرية (سأكتفي بعينيك قمحاً للطريق) للشاعرة غدير حدادين، ورواية (أنثى افتراضية) للروائي فادي المواج الخضير، وقد رأت مكتبة طرابلس العلمية العالمية أن تكبر هذا الجهد الإبداعي الليبي وتنشرالكتاب لتؤكد بأن الكاتب العربي الليبي لم ولن ينفصل عن جذوره العربية وأنه لازال يواصل اسهاماته الأدبية والفكرية بروح عربية وحدوية.
س2) أهدى الكاتب إصداره إلى الراحلين عيسى الناعوري من الأردن وخليفة التليسي من ليبيا وهما علمان من أعلام الأدب والثقافة في البلدين الشقيقين، كيف كانت قراءتك لهذا الإهداء؟
يحمل هذا الإهداء دلالة واضحة وتوجه ثاقب، فهو يمثل رسالة المؤلف الأستاذ يونس الفنادي ونظرته العربية الوحدوية، وهي رسالة تتشارك الدارالناشرة فيها وتتبناها معه بكل اعتزاز، وأيضاً فإن هذا الإهداء كما عبر عنه الدكتور سلطان الزغول الناقد الأردني المعروف (هو إهداء دالّ يشير إلى حقيقتين؛ أولاهما ريادة الرجلين في ربط جسور الأدب العربي في هذين القطرين الشقيقين، وثانيتهما أنّ ما أسساه لم ينقطع، فها هو كاتب مجتهد في أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين يتابع دربهما بهمةٍ واجتهاد.) وأنا أتفق تماماً مع هذه الرؤية وعلى يقين تام بأن فضاءات الإبداع على اختلافها في مجالات الأدب والفكروالثقافة هي العصمة التي تجمع الأمة العربية وشعوبها من المحيط إلى الخليج وتحميها من السقوط في براثن الفساد والتمزق والانحطاط الفكري والذوقي والاخلاقي.
س3) هل يلقى إصدار حول مواضيع أردنية مثل كتاب (إبداعاتٌ أردنيةٌ وقراءاتٌ ليبية) رواجاً في سوق الكتاب في ليبيا، أم أن إصداره كان مغامرة؟
لا شك أن طباعة ونشر هذا الكتاب وطباعته ونشره، وفق تصوري، يجب أن يكون في الأردن لأنه سوقه التجاري الخاص الذي يتيح للمبدع الأردني أن يرى صدى إنتاجه خارج القطر الأردني، ومدى تأثيره في فضاء جغرافي بعيدٍ عن محيطه الوطني. كما أنه يعكس مساحة انتشاره خارج الأردن، وكل هذا يمنح المبدع الأردني دفعاً وتأكيداً على أن صوته يلقى قبولاً لدى الآخرين، وأن إبداعه ينال الاهتمام والقراءة النقدية والدراسة من قراء ونقاد ودارسين غير أردنيين، مع كامل الاحترام لكل الجهود والأعمال التي ينجزها الأدباء والكتاب الأردنيين حول نصوص مبدعيهم طبعاً، ولكن إحساس المبدع ، أي مبدع، بأن نصه الإبداعي قد تجاوز بيئته وحقق حضوراً في أوساط أدبية أخرى بعيدة يبهجه ويشجعه ويحفزه على المزيد من العمل والإيمان بأنه لا يختلف عن أنداده الآخرين في الوطن الكبير.
وإنطلاقاً من هذا فأنت أصبت حين وصفت بإصداري له بالمغامرة، ذلك لأنه بالمنطق التجاري فلا مكسب مالي يتوقع من إصداره وتسويقه داخل ليبيا، لأن سوقه التجاري هو الأردن فعلاً، ولكن بما أن مكتبة طرابلس العلمية العالمية تؤمن بعروبتها وعالميتها فلم يكن إصدار (إبداعاتٌ أردنيةٌ وقراءاتٌليبية) متأسساً على مبدأ الربح والخسارة التجارية، بل هدفنا أبعد من ذلك وهو أن نكون جسراً أدبياً وفكرياً بين العرب كافة، ومع الأشقاء في الأردن على وجه الخصوص من خلال هذا الإصدار الذي نتطلع بأن نراه يوماً ما على أرفف المكتبات الأردنية، مع وافر تمنياتنا بالمزيد من التوفيق لكل الأدباء والكتاب والناشرين الأصدقاء النشامى والنشميات بالمملكة الهاشمية.