هِيَ لِيبِيَا؛ اِبْتِهَالٌ نَدِيٌّ تَزُفُّهُ شَفَتَا شَيْخٍ أَيْقَظَتِ الفَجْرَ لِلصَّلَاةِ .. دُعَاءٌ نُورَانِيٌّ تُرْسِلُهُ يَدَا عَجُوزٍ تَوَضَّأَتْ سَحَرًا لِعِنَاقِ صَبَاحٍ صَدِيقٍ؛ فَضَوَّأَتْ قَلْبَهَا بِنُورِ التَّوَكُّلِ .. وَحَصَّنَتْ رُوحَهَا بطُهْرِ اليَقِينِ المَكِينِ..
هِيَ لِيبِيَا؛ قُنُوتٌ شَفِيفٌ تَلْهَجُ بِهِ شَفَتَا طِفْلَةٍ يُطِلُّ قَلْبُهَا عَلَى جَنَّاتِ اللَّهِ .. وَتُتَاخِمُ رُوحُهَا الْبَرِيئَةُ ضِفَافَ الخُلْدِ، وَتَحِدُّ أَنْهَارَ النَّعِيمِ المُقِيمِ..
هِيَ لِيبِيَا؛ أُغْنِيَةٌ مُكَابِرَةٌ تُوَشْوِشُ القَلْبَ بِشَجَنِهَا القَدِيمِ .. تَفْرُدُ كَلِمَاتِهَا شِرَاعًا لِحُلُمٍ ذَهَبِيٍّ .. وَتُطْلِقُ لَحْنَهَا نَهْرًا مِنْ هُدُوءٍ وَأَلَقٍ وَعَبَقٍ، وَدَنْدَنَةٍ وَانْتِشَاءٍ..
هِيَ لِيبِيَا، أُنْثَى مُدْهِشَةٌ تُتْقِنُ مُرَاوَدَةَ الأَرْوَاحِ، تُجِيدُ فَنَّ إِيقَاعِ القُلُوبِ فِي أَحْضَانِهَا .. تُحْسِنُ أَسْرَ العُشَّاقِ دُونَ أَنْ تُمَزِّقَ قُمْصَانَ قُلُوبِهِمْ ..
هِيَ لِيبِيَا، حَسْنَاءُ مُذْهِلَةُ الحُضُورِ، فَائِقَةُ الْفِتْنَةِ، حَاضِرَةُ الإِغْوَاءِ،تَحْضُرُ لَحْظَةَ الْوَلَهِ لِتُوَسْوِسَ لِلْقَصِيدَةِ بِحُلْمِهَا السَّرْمَدِيِّ .. لِتُمَرِّرَ عِطْرَهَا الأَزَلِيَّ فِي رُوحِ الْمَعَانِي .. لِتَسْكُنَ بِضَوْئِهَا أَخْيِلَةَ الشُّعَرَاءِ .. لِتُقِيمَ فِكْرَةً عَذْرَاءَ فِي رُؤَى العَاشِقِينَ .. وَلِتَحْضُرَ خَيَالاً عَصِيًّا فِي مَجَازَاتِ القَصَائِدِ الْمَلَكَاتِ .. لِتَبْسُمَ لَثْغَةَ بَرْقٍ فِي دَهْشَةِ الأَسْئِلَةِ .. لِتَزْهُوَ فِي الرُّوحِ المُشْرَعَةِ عَلَى شُرُفَاتِ الْبَوْحِ أَغَارِيدَ مِنْ نَسَغِ النَّهَارِ .. تَشَاوِيقَ مِنْ ضَحِكِ الْفُصُولِ .. تَهَاوِيمَ مِنْ بَرْقِ الأُغْنِيَاتِ .. وَأَهَازِيجَ مِنْ عَطْفِ البَهَاءِ .. أَقَاوِيلَ مِنْ سِيرَةِ المَدَى .. وَتَعَاوِيذَ مِنْ لَيَالِي النَّقَاءِ ..
هِيَ لِيبِيَا، شَغَبُ الأَعْمَاقِ الْحَمِيمِ بِعِشْقٍ لَا يَهْدَأُ .. مَوَّالُ طُفُولَةٍ لَا تَكْبُرُ .. وَصَوْتُ قَصِيدَةٍ لَا يَطَالُهَا الصَّدَأُ .. رُوحُ نَشِيدٍ لا يَتَقَادَمُ بِالتِّرْدَادِ .. وَمُضْغَةُ لَحْنٍ لَا يُنْسَى .. جَوْقَةُ حُلُمٍ لَا يَفْنَى وَلَا يَبْلَى وَلَا يَبِيدُ ..
هِيَ لِيبِيَا؛ قَصِيدَتُنَا الْبَالِغَةُ سِنَّ الدَّهْشَةِ .. مَدْرَسَتُنَا الَّتِي لَا تَقْفِلُ أَبْوَابَهَا .. أُمُّنَا الَّتِي لَا تَتَوَانَى عَنْ سَكْبِ عَسَلِ قَلْبِهَا فِي قُلُوبِنَا .. وَلا تَمَلُّ عَصْرَ رُوحِهَا فِي أَعْمَاقِنَا .. وَلَا تَنْسَى حَلْبَ رَحِيقِهَا فِي ثُغُورِنَا .. تُبَلِّلُ بِرِيقِهَا رِيقَنَا .. وَتُطْفِئُ بِابْتِسَامَتِهَا حَرِيقَنَا .. تُهَدْهِدُ أَعْمَاقَنَا بِحَكَايَاهَا الدَّفِيئَةِ، تُرْقِدُنَا فِي حِجْرِ رُوحِهَا .. تُنِيمُنَا عَلَى وِسَادَةِ شَغَافِهَا .. وَتْغُفُو عَلَى يَمِينِ القُلُوبِ قَصِيدَةَ طُهْرٍ .. وَطِفْلَةَ حُلُمٍ.. وَتَمْضِي عَمِيقًا فِي صَمِيمِ الأَرْوَاحِ.. وَفِي رُوحِ الصَّمِيمِ يَقِينًا لَا يُدَانِيهِ شَكٌّ أَبَدًا ..
هِيَ لِيبِيَا؛ رَشْرَشَاتُ اشْتِيَاقٍ مُعَتَّقٍ لَا يَفْتَأُ يُدْلِقُ سَطْوَتَهُ الحَرِيقَ فِي قَلْبٍ عَاشِقٍ مُنْصَهِرٍ ..
هِيَ لِيبِيَا؛ قَصِيدَةٌ عَسْجَدِيَّةٌ تَتَسَامَى عَنِ الذُّبُولِ وَالنُّحُولِ وَالارْتِخَاءِ ..
هِيَ لِيبِيَا؛ حُضُورٌ يَخْشَاهُ الغِيَابُ .. اِنْشِرَاحٌ يَتَأَبَّى عَلَى القَلَقِ الدَّبِقِ .. اِبْتِهَاجٌ يَتَجَافَى عَنِ الحُزْنِ الزَّنِيمِ .. مَسَرَّةٌ تَتَعَالَى عَنِ الضَّنَكِ وَالرَّهَقِ والعَذَابِ..
____________________________________________________
من مخطوط كتابي: #وَطَنٌ فِي القلبِ ” أَغَارِيدُ فِي عِشْقِ الوَطَنِ “