حوارات

الفـنان: فتحي العريبي/ كل إنسان منا يولد وتولد معه بذرة اهتمام

 

الفـنان: فتحي العريبي

كل إنسان منا يولد وتولد معه بذرة اهتمام

كانت ثقافة الستينيات إجمالا سمة مميزة طالت الجميع في كل أنحاء العالم

الكثير من طقوس الفنان وشعائره تظل في معزل عن عيون الآخرين

أنا مع الآلة المفيدة للإنسان أيا كان نوعها وزمن ظهورها

حاوره: جابر نور سلطان

الفنان: فتحي عريبي

فتحي العريبي.. اسم مهم في المشهد التشكيلي في ليبيا نحت مشواره علي مدي أربعين عاما بجد ومثابرة. لامست عينيه مبكرا للغاية ” العدسة ” حيث تلقف كاميرا الوالد العتيقة وضجت طفولته بشغف للفنون فيما رع يتنقل مثل نحلة بين الزهور. حينا تداعب الريشة أصابعه وحينا تداعب أنامله أوتار العود لكن الطواف الجميل استقر به عند آلة التصوير ومن يومها تواصلت حوارية العمر وتخلقت علاقة خفية سحرية بينه وبين العدسة. علاقة أبدعت علي مدي عقود حقلا من البهجة والإتقان والانحياز الكلي للجمال. حلول مثير حدث في صمت جليل بين حدقة العين وبؤرة العدسة وتكونت علائق وقصص وحكايات وصارت كاميرته تنظم شعرًا وترسم وتتلمس وتتحسس وتغوص عميقا في الملامح والتفاصيل السحيقة وتعرف عين “فتحي” كيف تقبض علي لحظة الوهج عند الإنسان وتعرف كيف ترصد الحالة البشرية في كل تجلياتها.

لقد أحال فتحي العريبي التصوير الضوئي إلى فن ضاف بالمشاعر والأحاسيس وتخلت العين عن اللسان ومارست بوحها مباشرة دون وسيط.

مولع بالقراءة واقتناء الكتب في شتي الثقافات والمعارف. يخصص طابقًا كاملا من منزله لممارسة فنه وعمله حيث المكتبة المتميزة والحاسوب وخط الإنترنت ويعكف في هدوء وسكينة إلى تعاطي شعيرة الفن دون ضجيج.

حاولت عبر هذا الحوار أن أغوص عميقًا في روح وقلب هذا الفنان الذي يبعث الآن رسائل حب وسلام عبر الإنترنت من هنا من ليبيا إلى كل بقاع العالم معلنًا أن ليبيا وطن للفن والحب والحرية وبالفعل تلقف الآخرون رسائله ونزلت منهم منزل الإعجاب. هذه ممارسة مغايرة من لدن فتحي العريبي في محبة الوطن.

* الطفولة هذا الحقل الجميل حيث ترتسم الطراوة والطزاجة والوفرة حيث دثار البراءة والطهر. ماذا تحفظ ذاكرة فتحي العريبي من ذلك الزمن الجميل؟

– لم يكن زمنا جميلا كله بعد الثامنة من عمري وتحديدا عند وفاة والدي فقد داهمتني أثر هذا الحدث الجلل سحابة حزن ثقيلة الوطأة. فحين كان هذا الوالد الميسور الحال الكريم ومن كبار تجار الذهب في سوق الظلام كان بيتنا يعج بالضيوف الكثر من أبناء وبنات عمومتي وكانوا يتوددون إلي بكل الوسائل بسبب الكرم الذي كان يغدقه عليهم بل وكانوا -هؤلاء الأقارب- يسمونني علنا باسم: (أفـتـيح) إمعانا في التقرب من والدي. كان بيتنا من البيوت القليلة في كل أنحاء المدينة الذي يتواجد به مذياع وجهاز جرامفون ضخم وأسطوانات بلاستيكية سوداء كثيرة لأم كلثوم وعبد الوهاب واسمهان وغيرهم من مطربي ذلك الزمان ولك أن تتخيل مثل هذا في أوائل الأربعينات وحتى نهاية الخمسينات في مدينة خرجت لتوها من أهوال الحرب العالمية الثانية.

فجأة أنفض الجميع من حولنا وحل الحزن محل الفرح والسرور والحياة الرغدة، وفي الثانية عشرة عشت حالات من الانفلات وعدم المراقبة العائلية الدقيقة وكنت إلي حد ما علي شفا حفرة من الضياع إلي أن جاء المنقذ السيد: دومه صالح محمد الشاعري العبيدي، الذي تزوج من والدتي: فاطمة حسن الحوتي، وكان سيدا فاضلا بمعني الكلمة وضابط شرطة جاد ومخلص في عمله رجلا لا يدخن أبدا ولا يعاقر الخمر وشاءت ظروفه المهنية أن ينقل إلي أحد مراكز الشرطة في مدينة المرج التي تبعد عن بنغازي شرقا بحوالي مئة كيلو متر وكانت نقلة نوعية بالنسبة لي وفتحا مبينا إذ تعرفت علي أجواء جديدة وأصدقاء طفولة جدد.

في السنة التالية نُقل الملازم دومه صالح إلي مركز مدينة، المدينة التي بناها الإغريق والتي ما تزال آثارهم باقية إلي يومنا هذا، في هذه المدينة مكثنا سنة كاملة ووقعت في الحال في غرامها وتعرفت علي أسماء عصافيرها وأشجار السرو والصنوبر بها وسجلت ذاكرتي الكثير من الحكايات والأساطير المدهشة وغير المعقولة حول الحفريات والمتحف الأثرى.

بعد ذلك عدنا إلي المرج وسكنا في حي شعبي مخصص لموظفي الحكومة لمدة وجيزة ثم رحلنا إلي بلدة طلميثه الساحلية عند سفوح الجبل الأخضر وفي هذه البلدة أتقنت فنون السباحة وصيد السمك وفي نهاية العام 1957 رجعنا إلي بنغازي، رجعنا إلي بيتنا القديم بشارع حويو وتعتبر الفترة التي أمضيتها في الجبل الأخضر من أكثر سنوات الطفولة ثراء، سنوات حافلة بالمغامرة وصيد العصافير والأسماك والاكتشافات الطفولية التي صقلت عودي وقدمتني للحياة فيما بعد صبيا واعيا ومدركا لما يحدث حوله.

* الموهبة هذا الملاك اللطيف الذي يحط بحنو في داخلنا يوقظ مدائن الإبداع والكشف في جوانيتنا متي بدأ هذا الملاك النقر علي نافذة الفؤاد؟

– كل إنسان منا يولد وتولد معه بذرة اهتمام فني معين وتعمل الظروف الحياتية المتاحة لهذا الإنسان أو ذاك علي إنعاشها وتنميتها أو كتم أنفاسها نهائيا.

وبالنسبة لي كانت حالات الانفلات وجانب كبير من مرحلة الجبل الأخضر في زمن الطفولة مناخا حرا وطليقا وفوضويا وان كان محاطا بالخطر ومهاوي الضياع ولم يكن بيتنا كما أسلفت حتى الثامنة من عمري بيتا عاديا بل توفرت به وسائل ومعدات ترفيه كثيرة وكانت آلة التصوير من بين هذه الأدوات التي ظننت أن تواجدها بيننا أمر عادي وهي الآلة التي سوف أعود للحديث عنها ضمن سياق حوارنا هذا وعند السؤال المناسب لذلك.

فقد كنت مولعا بفن الرسم في مدرسة النهضة الابتدائية بشارع شهداء آل جعودة بمنطقة سيدي أخريبيش وكان مدرس هذه المادة يمنحني بعض اهتماماته وتوجيهاته في حدود ما توفر لدي من استيعاب في ذلك العمر وبدلا من الاستمرار في هواية الرسم تحولت إلي الموسيقي وانتظمت فعلا في مدرسة صغيرة لتعليم العزف علي آلة العود كان يديرها الملحن الراحل الأستاذ مصطفي المستيري في حي – فندق بن غربال القريب من حي سوق الحشيش.

وعندما تعرفت علي الفنان الكبير الأستاذ حسن عريبي، وأطلعته علي دروس هذه المدرسة نصحني بعدم الاستمرار فيها وأفرد لي مقعدا في دورة فنية بالإذاعة لتعليم النوتة الموسيقية ولأنني كنت في عجلة من أمري لتعلم العزف علي أي آلة موسيقية وهو غير متاح في هذه الدورة، فانسحبت منها منتهزا انشغالي في رحلات كشفية خارج المدينة وعدت أعبث بآلة التصوير التي تركها لي والدي، غير أنها لضخامتها وصعوبة التعامل معها اشتريت آلة صغيرة وبسيطة التشغيل وشرعت ألتقط الصور كيفما أتفق البعض منها في منتهى الوضوح والكثير من هذه الصور المبكرة مشوشة ومخجلة عند عرضها علي الأصدقاء، وشيئا فشيئا تعرفت علي القليل من الأسرار الفنية وصرت أحاكي صور المصور المصري الفنان إبراهيم عبد الحميد بمجلة: آخر ساعة، ذلك المصور الفنان المعروف حاليا بتوثيق حياة الفنان الكبير عبد الحليم حافظ. ووجدت نفسي أخيرا ضمن العديد من هواياتي المتشابكة وجدتها تحديدا في التصوير الضوئي مع آلة التصوير، تلك الملاك الشفاف الذي نقر علي نافذة الفؤاد وتشاركني حتى اللحظة نبض القلب وفيض الأحلام.

لا يمكن أن نحاور فنانا دون أن نفتش في جراب القلب وننبش في خزائنه العتيقة نبحث عن قوارير العطر الساحرة وعن الأوراق الزرقاء وعن ملامح الملامسة الأولى لفاتنة ساحرة لكائن جميل مغاير ندعوه بكل الحب: أنثي. ماذا عن نبضات القلب التي يوقعها بوقع آخر في حياة الفنان فتحي العريبي؟

حينما عدنا إلى بيتنا القديم في بنغازي بعد رحلة الجبل الأخضر التي سبق الحديث عنها وجدت شارع حويو قد تغير تماما وبخاصة الجيران الجدد. وكان من بين هؤلاء الجيران عائلة أبوشويقير عائلة مختلفة عن الآخرين وأكثر تحضرا وانفتاحا الوالد أسمه: (فـتحي) من أب ليبي وأم مصرية وهو من مواليد مدينة الإسكندرية – تلك المدينة التي أحبها كثيرا – وزوجته – فاطمة – ليبية من مواليد قرية سيدي سويكر شرق بنغازي وكانت فوزية منذ النظرة الأولى محل اهتمامي لتقارب عمرها مع عمري ولأنها أجمل فتيات الشارع بل الحي بأكمله تعلقت بها وأنا في الرابعة عشرة من عمري وتزوجتها في العشرين وكانت تصغرني بعامين وخلال هذه الفترة الزمنية التي سبقت الزواج لم نكن متفقين في اهتماماتنا الموسيقية أنا أنتمي إلى معسكر فريد الأطرش وفوزية تتحصن بمواقع عبد الحليم حافظ وعندما تبين لي أن امتلاك قلبها لا يتم إلا برفع رايات الاستسلام والانضمام عن طيب خاطر إلى دائرة عبد الحليم التي أخذت فعلا في الاتساع مقابل انكماش وتقهقر معسكر الأطرش وهذا الانقلاب والتحول الخطير في مواقفي الموسيقية توج هذا الغرام بالزواج من ( فوزية فتحي سالم أبوشويقير) التي أسميها: (ضي الحوش) وهي الزوجة والصديقة والحبيبة التي لولا تواجدها في حياتي ما وصلت إلي ما وصلت إليه الآن من تألق وفن وإبداع.

* ستينيات بنغازي- الصادق النيهوم- خليفة الفاخري- حسين مخلوف- علي الفزاني- محمد الشلطامي- سالم الكبتي- أنيس السنفاز- محمد الزواوي- فتحي العريبي. وغيرهم. كيف ترسم تفاصيل المشهد الثقافي في تلك  الأيام.؟

– كل هذه الأسماء تشكلت وبرزت من خلال الفضاءات الرحبة التي فسحها لهم رشاد الهوني علي صفحات جريدته الحقيقة.  وكانت ثقافة الستينيات إجمالا سمة مميزة طالت الجميع في كل أنحاء العالم بسبب تفاعلات وإرهاصات ما بعد الحرب العالمية الثانية ففي إنجلترا ظهرت فرقة الخنافس وفي أمريكا سطع نجم المغني الفس بريسلي وفي باريس سلطت الأضواء الفكرية والفلسفية علي جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار وفي لبنان أشرقت فيروز وبهرنا نزار قباني بأشعاره غير المسبوقة وفي سوريا الماغوط وسعد الله ونوس. وتعد مصر المؤثر الحقيقي لثقافة الستينات في بنغازي حيث تألق صلاح جاهين في أشعار الرباعيات وجمال السجيني في النحت وجورج بهجوري في الكاريكاتير ومصطفي محمود علي صفحات مجلة  صباح الخير – وغيرهم.

هذا المد الثقافي الحي والقادم من الشرق هب علينا في زمن (مصر عبد الناصر) وضمن المخططات الثقافية للمبدع الكبير ثروت عكاشة أحد أبرز واهم وزراء الثقافة في الوطن العربي وكان التواصل الثقافي بين الشقيقتين مصر ليبيا في أفضل حالاته.

قد يكون سؤالا كبيرا ربما بحجم الكون حول علاقتك بآلة التصوير أترك لك فضاء الحديث عن تلك المعشوقة !!

عرفتها أولا في البيت وهي الآلة التي أهديتها مؤخرا للمتحف الجماهيري في مدينة طرابلس مرفقة بثلاثة كتب من تأليفي وبعض الصور الوثائقية الهامة وذلك عقب منحي جائزة الفاتح العظيم التقديرية للفنون والآداب 1999 ف لدوري الرائد في فن التصوير.

* من جهة أخري ظللت مخلصا لآلة التصوير أيا كان نوعها أو حجمها لقرابة أربعين سنة كمصور وباحث ومجرب في فنون التصوير ومحققا لمعارض ناجحة شتي هنا وخارج الوطن.

آلة التصوير نفزع إليها لنقبض علي اللحظات الجميلة التي تنفرط من عقد العمر.

أنت كيف تري ( الصورة ) وماذا تضيف للحياة للإنسان؟ أي قيمة الصورة وحضارتها لو وافقتني علي هذا التعبير وأنت أحد رموز هذه الحضارة.

– يقول صديقنا العزيز الأستاذ الفنان زهير سعادة نقيب المصورين الصحفيين في لبنان ورئيس تحرير مجلة (فن التصوير) في افتتاحية العدد الأول من هذه المجلة: (المصور شاهد حق وصوره هي الحقيقة فالمصور بالنور يكتب وصوره ساطعة دامغة وخالدة وهي الحقيقة لا تطمس ولا تنسي يقرأها جميع البشر دون استثناء لأنها تتجاوز حدود اللغات وحواجز الثقافات إنها الأبجدية الكونية من قبل أن يعرف البشر الأبجديات. تقرأها العين بدون وسيط وتبصمها الذاكرة وهي والخلود صنوان).

العمر هذه الأنفاس المعدودة المحددة المبعثرة في هيكلنا المسكون بالفناء إلى أي مدي تفلح العدسة في رصد هذه الأنفاس وملاحقتها؟

إنها لم تتوقف عن الرصد منذ سنوات اختراعاها الأولى معتبرة أن الحياة في مجملها صورة بل صور منها ما يدخل إلى حياتنا وتشغل الناس ردحا من الزمن ومنها ما يتسلل إلى صفحات التاريخ وتصبح وثيقة عظيمة الشأن عند الرجوع إلى شهادتها علي العصر الذي التقطت فيه فهي تشبع حيزا من معرفتنا حول الماضي وتجعلنا نستوعب الحاضر.. هذه هي الصورة أليست الحياة صورة. !!

* الفنان كائن مغاير مفاجئ وقلق !! تري إلى أي حد يمكن أن يقيم طقوسه ويمارس شعائره ضمن منظومة المحرم والسائد والتراتبي؟

– الكثير من طقوس الفنان وشعائره تظل في معزل عن عيون الآخرين وهناك ثوابت لا يستطيع أن يحيد عنها الفنان وغير الفنان في مسائل المحرم والسائد والتراتبي من ذلك مثلا المعتقدات الدينية والعرف الاجتماعي والأخلاق العامة.

أعلم أنك كائن يضيق ذرعا بالآسن والراكد والثبوتي وكائن متمرد فلماذا (الحمامة) وهي المخلوق الهادي والساكن التي تعد شعارك المميز بين معظم الفنانين.

حمامتي إن بسألوك عني يوما فلا تفكري كثيرا قولي لهم بكل كبرياء يحبني يحبني كثيرا، هذا علي صعيد مشاعري حيال هذه المخلوقة الناعمة ثم أن سلوك عن الحمامة وأخلاقها وشكلها البديع يروق لي كثيرا وهي بالفعل المعبرة عن منهجي الفني القائل: (الفن للحب) وهو المنهج الذي يأخذ من الفن للفن الشكل، ومن الفن للحياة المضمون.

العبور نحو الستين هاجس، كيف يطرق روح الفنان بينما تتسع رؤيته للحياة وتمتد كشوفاته ليلامس الحقيقة.

أهم ما كنت أود قوله جاء ضمن مفردات سؤالك هذا، فالفنان لا يقاس بعدد السنين التي عاشها قليلها أو كثيرها بل بمستوي وقيمة ونوعية آثاره الفنية فشاعر عظيم مثل التونسي أبو القاسم الشابي الذي فارق الحياة دون الخامسة والعشرين أعطي في حياته القصيرة جدا ما عجز عنه غيره من الشعراء من الذين بلغوا من العمر عتيا، وما يقال عن أبي القاسم الشابي يكاد ينطبق علي فنان الشعب في مصر – سيد درويش والنمساوي موزارت، من جهة أخري نجد أن شاعرنا الخالد ( نزار قباني ) وقد تجاوز الخامسة والسبعين من عمره لم يتوقف لحظة عن قلب الموازين السائدة في الحب والحرية والسياسة، والحال كذلك مع طيب الذكر الأسباني بابلو بيكاسو.

* رفيقة الحياة المحبوبة التي تشاطرنا أحلامنا وتقاسمنا همومنا وتلبس نيابة عنا التعب والأرق وتسوي لنا عروشا  علي صعيد قلبها.. زوجة فتحي العريبي ماذا أضافت له وكيف مضي مشوار العمر معها؟

– فوزية (ضي الحوش) الآن ومنذ العام 1962 ما تزال تلك الأنثى الشفافة الودودة الطيبة العاطفية جدا والحنونة ولو كان لي الخيار لاختيار زوجة أخري غيرها سوف أختارها هي من دون سائر نساء الأرض.

إنها تعد أول متفرجة علي معارضي قبل إقامتها ولها أراء عميقة في صوري واغلب لقطاتي المنشورة مرت من بين أهدابها أولا وباركتها وأعطتها تأشيرة الخروج كي تعانق أبصار الآخرين فهي الأنثى التي اختصرت كل النساء في امرأة واحدة وهي التي شكلتني كانسان وفنان ولولاها ما كنت.

* نزار قباني – غادة السمان – فيروز – صلاح طاهر – سيف وانلي.. ماذا أودع كل من هؤلاء في قلب وعقل فتحي العريبي؟

– أشعار نزار قباني هذبتني فأحسنت تهذيبي، وغادة السمان وجهتني لاكتشافات تشكيلية حديثة جدا، وفيروز ثقفت حاسة السمع عندي، صلاح طاهر ورغم أنه فنان عملاق إلا أنني أستبدله هنا بسيد درويش الذي جعلني أري الموسيقي الرفيعة وأحس بوجودها، كما أني استبدل الفنان سيف وانلي بالفنان الحبيب إلى روحي الشهيد ناجي العلي الذي فتح مداركي البصرية علي الرؤية الصحيحة لفن الكاريكاتير.

* أسألك عن الحاسوب وعن الإنترنت.. عن الذائقة والآلة عن العفوية والحرفية.

– أنا مع الآلة المفيدة للإنسان أيا كان نوعها وزمن ظهورها وبخاصة القلم الذي صاغ الكتابة الأولي في الحضارات الكبري للبشر وصولا إلي عصر الحاسوب والإنترنت. فالحاسوب مثلا وفر لي كفنان تشكيلي مناخات كنت في أمس الحاجة إليها قبل عام 1995 إذ طور هذا الجهاز أساليبي البصرية وبخاصة في الكولاج والديجيتال آرت والتصميم ومنح هذه الأساليب بعدا تشكيليا يواكب مستجدات العصر كما في لوحات الحمام والخيول.

أما الإنترنت المتواجد الآن في مرسمي ( عش الحمامة ) فدوره هام في أعمالي الفنية وبعلاقاتي الإنسانية والفنية الرفيعة مع نخبة ممتازة من الفنانين التشكيليين في جميع أنحاء الوطن العربي.

مجلة: الشاهد

العدد 186 يناير 2001

نيقوسيا – قبرص


مقالات ذات علاقة

الكاتب والناقد الليبي أحمد الفيتوري لا وجود للمؤسسة الثقافية في ليبيا!

المشرف العام

نجاح بن علي : وجدت نفسي بطريق الشعر مبكرا

مهنّد سليمان

إبراهيم الكوني: أبحث عن الأسطورة لكي تخلقني

المشرف العام

اترك تعليق