الطيوب : حاورها / مهنّد سليمان
الشعر مرفأ يهتدي إليه العاشق المتعب الذي يستسيغ تجربة المشقة حينما يُحب، فإنما الرابط بين الشعر والحب طردي ومحكوم بخيط يراهن عليه الفؤاد حتى وإن قذفت به الأمواج نحو فكرة الغرق يظل في وعي القصيدة انتصارا يؤسس به لموطئ سكن على سطح القمر، وعبر هذه البسطة نستضيف شاعرة أصغت جيدا لجاذبية الأشياء من حولها فهي تكاد تحبل بالقصيدة فتسقيها من ماء أيامها، فالشعر بالنسبة للشاعرة نجاح بن علي ليس مجرد مخرج طوارئ بقدر ماهو جسر لوزيّ تُغنيه فيروز على مرأى من الجبل الأخضر وشلال درنة، وقد شغلت عضو بهيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم جامعة عمر المختار خلال عامي 2011-2012م، متحصلة على درجة الماجستير في فلسفة علوم الوظائف لديها عدة نشاطات في مجال الأعمال الثقافية والأهلية بالإضافة لمشاركاتها المختلفة في عدد من المؤترات والندوات الفكرية والثقافية نشرت نتاجها الشعري والإبداعي على صفحات مجموعة من الصحف المحلية، صدر لها باكورة أعمالها الشعرية (سحب المارنج) عن دار الجابر للنشر والتوزيع.
لِمَ الشعر ؟
-لأنه داعب خيالي مبكراً ، اختارني كأصغر منصتة له في حلقة مكونة من عديد الشعراء ، منهم خالي عمر المكاوي حيث تحدث الشعر فسكن ذاكرتي صوراً و قوافي ومجازات، نَمَى بهدوء منذُ ذاك الزمن الجميل زمن الطفولة وظل صامتاً، وحين قرر أن يكون كانت نصوصي ملاذه الأمن، وكان هو لي خير صديق ينصت لكوامن ذاتي فتفيض عيونه بالفرح، ولعلي يوماً ما أغازل فيض إبداع أخر.
هل القصيدة جسر لمرآتك؟
جميل هذا السؤال، نعم أحياناً تكون القصيدة جسراً لمرآتي تعكس ما يجول بخلدي وما يراودني من أفكار وما أعتقده من مبادئ وقيم وما يعتريني من مشاعر ، وأحياناً أخرى تكون القصيدة منحازة لمن هم حولي وما هو حولي فتحتفي بلحظات ومشاعر إنسانية، وبالتالي أعتقد أن الذات الشاعرة تستبان لحظة الكتابة فتتجلى في النص معلنة عن نفسها ساعة البوح.
للقصيدة مزاج ملتوٍ، كيف تطوعينها؟
العدالة بيننا، أنا أكتبها حروفاً ومجازات، خيالاً مكتظاً بالصور مفعماً بالمشاعر ، عبقاً بالأحاسيس وهى تكتبني، تعلن وجودي على منصة البوح إن صح التعبير. في بعض الأحيان تأخذ القصيدة مكاناً قصياً، استراحة محارب، وأحياناً أخرى ألهثُ وراء إنسيابها وتدفقها الثري، لذا أنا لا أتأخر عنها حين يتدفق شلالها فتجدني في انتظارها أدوِّن ميلادها وأعلنها قصيدة.
هل النزوع للبوح هو الذي يصنع من العاشق شاعراً؟
نعم. صدق التجربة والمعاناة والشفافية ونزوع الذات للحديث عن نفسها هو براح ميلاد القصيدة، فالقصيدة اعترافات قلب وبوح نفس بشكل تلقائي هي أي القصيدة تجلي لعلاقة الذات بالموضوع أي علاقة الشاعر بنصوصه.
من اهتدى للأخر أولاً أنتِ أم هو؟
لعله القدر أو لعلها الصدفة جمعتنا، لا أعرف من منا أختار الأخر، لعلنا أعلنا لقائنا في ذات اللحظة لقد وجدت نفسي بطريق الشعر مبكرا طفلة ترافق خالها الشاعر، وتحضر مجالس الشعر تداعل خيالها القوافي وتندس بخلدها الصور المجازية، تغفو لسنوات لتولد شعرا بعد أن اهتدى لها لاحقا وجدانا وخيالا.
وسط مجتمع يضع العقدة بالمنشار، كيف للمرأة المبدعة أن تكون صادقة مع نصها؟
في هكذا مجتمعات يغدو البوح عن مكنونات الذات جداً صعب، فغالباً ما يكون للتلميح صدارة عن التصريح وأحياناً تتسم بعض النصوص بالجرأة، تعلن عن ذاتها ملقية بالغموض وبالتلميح وراء ظهرها كاشفة عن خفايا روحها. وذلك يرجع لسمات الشاعر/ة الشخصية من ثقة وجرأة تمكن من خرق بعض المحضورات الاجتماعية، وما أقصده الإعلان عن المشاعر.
متى يبدأ مخاض القصيدة؟
يبدأ بعيداً عن إرادتي، يفاجئني وكثيراً ما يوقظني من نومي فيتدحرج القلم راقصاً على الورق في ظلمة الليل، وتدون القصيدة نفسها معلنة ميلادها وإن تأخر القلم وأهملت إلحاحها وغضضتُ البصر عن ميلادها رحلت عني دون عودة.
كلمة أخيرة:-
باقة من الشكر والإمتنان لكم لإتاحة فرصة التواصل مع كل من تلامس عيناه حروفي .وارف التحايا لكم.