مُنذ أنّ اهتدى الانسان إلى أهمية المعجزة التي زُرعت بين كتفيه فتفطّن إلى ضرورة الخروج مِنَ الأحراش، وهو في حالة تأطيرٍ مطَّردة لمعادلة الصراع بين العقل من ناحية والعاطفة من ناحية أخرى، ولازال رغم كلّ شيء يخفق في خلق أرضية مشتركة تُوازن بين المُنافِسين !
وربَّما الأكثر حيرةً أنّ العقل أيضًا مُتحيِّزٌ هو الآخر حسبما يفيدنا علماء النفس الحديث وليس كما يرشح عادةً ! مِنْ أنّه أي العقل طرفٌ حياديٌّ تصدر عنه دائمًا القرارات الصائبة مما يفتح الأفق لعدة خيارات فتَسقطُ النقاط على المقلب الثاني.
وفي هذا المُقام يلتقي العقل مع منافسته الشرسة العاطفة على موقفٍ واحد أو شبه موحّد، الفارق الجوهري الذي نلحظه يتمثل في كون العقل يأبى قبول مَنْ تتخيِّرهم العاطفة في ضوء جملة معاييرها وتنحاز إليهم، وبالتالي هذا ما تُمارسه العاطفة في المقابل إذ تأبى قبول مَنْ يراهم العقل الخيارات المناسبة لعبور النهر أو للتقهقر مِنَ المعركة، مِمَا يُشكِّل صورةً قاتمةً تثرى بالحِديَّةِ والمواجهة في أكثر الأحايين بين منافسين كلاهما ينجرف قُدمًا إنما كلٌّ وفق شروطه المسبقة .