النقد

تجارب نسوية في الشعر الليبي

الإحساس بالحزن أساس في قصيدة النثر عند الشاعرات في ليبيا!!

 

د. أحمد عثمان أحمد

وجدت المرأة الليبية نفسها على خارطة الشعر في بلدها فقد قالت قصيدة الشعر الشعبي وقصيدة النثر وقصيدة التفعيلة كما قالت القصيدة الموزونة المقفاة وبالرغم من وجودها في هذه الأنواع الأربعة فإنها أخفت نفسها حينا من الدهر فلبست قناعا اختفت به عن عيون الناس حتى تمكنت أخيرا من الظهور والكشف عن ذاتها ومواجهة المجتمع والجمهور فها هي الشاعرة حواء القمودي تنشر إبداعها الشعري في مجلات مختلفة باسم دلال المغربي والشاعرة زينب محمد سالم الجرمي تنشر إبداعها في وسائل الإعلام التونسية باسم أرياف العذاب والقائمة تطول بنا لو رحنا نتتبع عملية التخفي التي مارستها المرأة الليبية في إبداعها الأدبي إلا أن هذا الأمر قد انتهى وعادت كل لشاعرة تنسب إبداعها إلى نفسها معلنة ذاتها مفاخرة بإبداعها بعد أن كانت تتنصل منه.

عرفت المرأة الليبية قصيدة النثر فالشاعرة نعيمة الزني المولودة في درنة في العام الرابع والسبعين من القرن الماضي تنشر إبداعها الأدبي في كثير من الصحف كالشلال والأفريقي والفجر الجديد وغيرها وتشارك في تحرير صحيفتي الشلال والأفريقي كما تقوم بنشـر ديوانها (أراك تهطل في القلب) تقول فيه:

لصوتك ../ أوطان تعرف ../ كيف تستضيف خطاي الشاردة وكيف تكمل الأمنيات / فوق شفاهي / وكيف تلملم جنوني ../ وأنت تبعثر على سفوح العمر / أتعس الأحلام .

أما الشاعرة حواء القمودي التي عادت إلى نفسها أو عادت إليها نفسها بعد أن ظلت فترة تتخفى تحت قناع يدعى دلال المغربي فلها ديوان بعنوان (أركض في حقول الريح) كما لها قصائد أخرى متعددة نجتزئ منها :

بودي أن أبكي على صدرك/ قذفت بي أمي إلى فراش رمل / من أنا كيف حلمت بي / كيف جمعت عناصري / من أنا… دمعة… لعنة / أستسلم لسكين حادة شرسة / أين أنا كنت هناك روح هائمة / كيف نفخ في الطين صار سجين الروح سجين  أشواقها للسماء / دمع على وشك انهيال / بودي أن أبكي على صدرك .

والشاعرة سميرة البوزيدي تكتب ديوانها (أخلاط الوحشة) فتكتب فيه تحت عنوان احتمالات اللهب فتقول:

أهجس بالنار / يدانيني صهيل براكين / تشبه صفاتي / الصمت الذي عذبته / برطانة الروح / صار راية قديمة / لا تهم أحدا .

إن الإحساس بالغربة الذي عبرت عنه قصائد الشاعرات قد أوجد حالة من الحزن الدفين والعميق كامن في نفس كل واحدة منهن وإن هذا الحزن قد انعكس بصورة واضحة في القصائد الثلاث ، ولعلني لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن جل ما قرأت من قصائد – لكل الشاعرات الليبيات – لكل الشاعرات الليبيات – لا لهؤلاء الثلاثة فقط – يحمل الإحساس الدفين والعميق بالحزن لدرجة جعلتني أتصور أن الإحساس بالحزن أساس في قصيدة النثر عند الشاعرات في ليبيا .

وكما كان للمرأة الليبية إبداعها في قصيدة التفعيلة كان لها إبداعها في قصيدة النثر فالشاعرة ثريا الفقي المولودة في منتصف القرن الماضي التي عملت مذيعة في الإذاعة الليبية ومقدمة برامج فيها تقدم لنا إبداعها في إطار قصيدة الشعر الحر حيث تقول في قصيدة لها بعنوان (لا .. سيدي) لم لا نعود .. وقلتها ببساطة كبرى / ونسيت أنك تعشق الأخرى / أو لست تذكر سيدي / ما خلفت في نفسي الذكرى .

__________________

مجلة العربي الكويتية – العدد 597 – أغسطس 2008

مقالات ذات علاقة

الناصب والمنصوب عليه روائيا

المشرف العام

صندوق الرمل والهروب من جزيرة أوستيكا.. بين المحاكاة وإعادة تدوير الفكرة.

المشرف العام

القصيدة المشهدية في شعر جمعة عبد العليم

المشرف العام

اترك تعليق