من أعمال التشكيلي عادل الفورتية
قصة

اللعب بالأسلحة

من أعمال التشكيلي عادل الفورتية

 

(1)

كان يختبئ تحت النخلة، أنفاسه  تتصاعد بسرعة عندما حاول الهروب من الغريم؛ حرقت شمس آذار الصباحية خديّه لكنه هرب منها ليستظل بالنخلة التي تنتصف الجنان الخلفي للحوش حيث يستريح والده أحياناً، إذا علم أنه كان يلعب حيث يستلقي ويشرب الشاي ويمضي ساعات راحته سيؤنبه بالتأكيد، أراد أن يتحرك ناحية مكان آخر وتمنى أن هنالك نخلة أخرى تحميه لكنه لم يشأ المخاطرة بالتحرك، وضع جسده على جذع النخلة القديمة وانتظر حتى تهدأ أنفاسه، والجته سعادة غامرة وهو يحمل المسدس البلاستيكي خاصته ليملأه بالكرات البلاستيكية الصغيرة، الآن… التفت إلى الخلف ليراه يحمل سلاحه مختبئاً خلف العامود الذي يحمل الفيراندا الأرضية، شعر بريح خفيفة تمر بجانب النخلة حتى رأى مجموعة من الكرات تسقط بجانبه، انتابته غبطة ما عندما أحس بريح الكرات الدقيقة بحجم حبة الأرز حمراء وصفراء وخضراء تضرب في حائط الدار القديمة وترتد تحته، ضحك… إنه يعلم تماماً كم يحتاج غريمه ليفرغ كامل دخيرته، هذه ليست المرة الأولى التي يقاتله فيها، وهي أيضاً ليست المرة الأولى التي سيكون عليه أن يخرج منتصراً، إنها  لعبتها المفضلة: الشرطي والمجرم، كان دائماً ما يختار الشرطي؛ ولم يكن الغريم يناقش في ذلك فقد أحب هو الآخر أن يمثل دور المجرم؛ جهز ذخيرته الاحتياطية، انتظر قليلاً ونهض يسرع ناحيته مصوباً مسدساً عليه ليملأ جسده بالكرات البلاستيكية منادياً عليه ” استسلم…”، اعتلت ضحكات الانتصار وضحكات الهزيمة سوياً في باحة المنزل، شعر بسعادة غامرة.

• انتصرت عليك! مجدداً! هاهاهاهاهاها

• أنت تغش. قال له الغريم الذي  وخت الكرات ساعده ليحكه متأففاً.

• لا، ولكني الخير وأنت الشر، أنت تعرف أن على الخير دائماً أن ينتصر هاهاهاهاها.

• ليس كذلك، لقد شاهدت فلماً ما حيث ينتصر الشر.

• نعم في الأفلام يحدث ذلك، ربما..ولكن في الحقيقة الخير (وقد أشار لنفسه) ينتصر على الشر (وقد أشار للغريم).

كان يبتهج حقاً عندما يلعب بمسدسه، يطلقه على العصافير، القطط، الكلاب الشاردة والدمى وكل ما يمكنه أن يتدرب على التصويب أو على اللهو به، إنّ العصافير شريرة لأنها تبول على رأسه، القطط شريرة لأنها تعبث بأكياس القمامة، الكلاب الشارذة شريرة لأنها تعوي في الليل دون سبب يدركه، والدمى…ببساطة شريرة لأنه أراد لها أن تكون كذلك، كان يشاكس الفتيات الصغيرات وهنّ ذاهبات أو راجعات من المدرسة لأنه يعتقد بأنهن يجب أن يُضربن فقط نظراً لتفوقهن في العمر عليه ولأنهنّ مزعجات بتلك الملابس المدرسية وخصلات الشعر المتشابهة والأحذية النظيفة التي يرتدينها، إنه ذلك الطفل الصغير الذي يهابه الفتيان والفتيات الذين يمرون أمام منزلهم كل يوم؛ مليئاً بالنشاط والحيوية والرغبة في اللعب الأمر الذي جعل الشكاوي تنهال في حقه من الجيران كما جعل تأنيب والده العسكري له وتخويف أمه له بالله والنار والغيلان والوحوش أمراً ضرورياً لم يساهم في أن يهدأ، كان عصياً…شرساً ومليئاً بتلك الابتسامة الغامرة محياه، وبمسدسه الذي لا يقهر، لقد عُرف في الحي كله بأنه أفضل من يطلق كرات البلاستيك من أي لعبة، وعندما لم يكن لديه مسدس بلاستيكي ليلعب به يصنع واحداً من البالونات، يضع الكرة في جلد البالونة، يسحب الجلد المطاطي للخلف ويطلقه، وعندما كبر قليلاً صنع الحدقة خاصته…عند ذلك أصبح أكثر خطورةً بالنسبة للعصافير والحمامات والقطط المسكينة.

كان سعيداً… سعيداً جداً بذلك؛ كان يمكن أن ينهي ما تبقى له من أيام في اللعب بأسلحته الصغيرة ومطاردة الأشرار والمجرمين والفتيات؛ وعندما استطاع أن يجلس في مقاعد الدراسة داعبه همه الوحيد في العودة للبيت وألعابه، حلم أنه يوماً سيصبح شرطياً، جندياً أو شيئاً من هذا القبيل، يرى والده العسكري يعود للمنزل ببدلته الخضراء والنياشين عليها فيحلم باليوم الذي يصبح فيه مثله، ولأن والده كان عسكرياً فكان مصرحاً له أن يحمل بعض الأسلحة، مسدساً قديماً يخبئه في أحد أدراج غرفته، وبندقية صيد يضعها تحت سرير النوم، كان يوم سعده عندما يشاهد والده يخرج الأسلحة لتنظيفها، ورغم أنه حرم عليه أن يقترب منها أثناء العملية إلا أنه سمح له في بعض الأحيان أن يشاهده من بعيد وعندما ينهي تنظيفها كان يسمح له بأن يلمسها، الملمس الحديدي للبندقية يضيف على بشرته إحساساً لذيذاً، يحرك أصابعه عليها حتى يصل إلى الجزء الخشبي منها فيغمر نفسه بالرضا، سيحكي للأطفال عن أسلحة والده الحقيقية التي يوماً ما ستكون له وربما سيضيف حكايات خيالية عن رحلاته والعائلة لصيد طيور الحجل، الأرانب البرية والسمان في الريف، وأنه قد استعمل البندقية في صيد حمامة أو عصفور بضربة واحدة ليذهلهم؛ نعم، لقد اصطحبه والده مرة للريف…كان العسكري المخضرم يعشق أن ينفس عنه  صحبة أصدقائه تعب الأيام وانشغالاتها بالذهاب إلى إحدى المزارع الريفية التي قد يصادف أن تجد فيها أرانب برية أو طيور الحجل والسمان أو بعضاً من الطيور المهاجرة، أحياناً يسافر إلى الصحراء لأيام ويعود لابنه بقصص عن الغزلان والحيوانات الأخرى التي قام باصطيادها، أراد أن يفعل مثله بالضبط… أن يتخلص من المسدس اللعبة، البالونة، الحبل البلاستيكي، الحدقة وكل تلك الألعاب التي تطلق السخافات، حتى جاءت تلك اللحظة التي توقف فيها والده عن العمل، لم يكن وقتها يعلم ماذا تعني كلمة ” تسريحه” أو “محاكمة عسكرية”… لكنه عرف أن والده لم يعد عسكرياً من وضعه لبدلته العسكرية في خزانة الملابس للأبد، تحول الرجل المحب للصيد، العسكري المخضرم لرجل يابس، منزوع الحياة، ومليء بقناني الكحول المحلية، ولأنه لم يستوعب أنه قد تم رفده من العمل فقد حوّل منزله إلى ثكنته، كل شيء يجب أن يمر بقوانينه التي تعلم عليها، عند ذلك توترت العلاقة بين الابن وأبيه، عسكري ضاعت حياته كاملة غارق في الكحول يواجه طفل شرس لم يتم ترويطده ويرى سعادته في ممارسة العنف.

(2)

كان يختبئ تحت النخلة، أنفاسه تتصاعد بسرعة وهو يحاول الهروب من الغريم، لقد حرقت شمس آذار الصباحية وجنتيه السمراويْن كالعادة لذا فحاول أن يستظل بما يمنحه له النخيل من ظل وحماية، العرق يتساقط من رأسه على قميصه الداخلي المتسخ يتسلل تحت القميص حتى يصل إلى سروال الجينز، استعاد أنفاسه مليئاً بسعادة تغمر جسده وروحه، حمل بندقيته القناصة ونظر نحو زملائه الذين اتخذ كل واحد منهم حماية ما من الأعيرة في الشارع الترابي، كانت المدينة مليئة بالخراب والأعيرة النارية وأصوات الطائرات تسقط القنابل والمأسي، وهو مستند بظهره على النخلة موجهاً نظره إلى الشوارع الترابية المليئة بالمنازل المهجورة وأشجار النخيل والزيتون الكثيفة ينتظر تلك اللحظة التي يتوقف فيها ما تبقى من عناصر الغريم المتحصنين بمدرسة الحي الترابي عن إطلاق النار ليتحرك إلى مخبئه الجديد، فكر قليلاً فكيف يمكن لأي شخص يدعي الخير أن يتحصن بمدرسة، ثم قاده عقله لدراسة أصوات الأعيرة المطلوقة ليحاول معرفة أسلحة الغريم وعدد عناصره ويقارنهم بما تملكه فرقته، كانت الأعيرة تتجه في كل مكان حوله وحواليْه، رشاش، بنادق رشاشة وقناصيْن، ربما…قال لنفسه، كانت أذناه ميزانه الوحيد في قياس الأمور، وعندما توقف الرشاش عن الإطلاق، درس أي الأسلحة التي ستشتغل بعده، المشهد أصبح أكثر إثارةً عندما سنحت الفرصة للانقضاض ولكن فرقته بأكملها لم تكن لتتحرك إلا إذا تحرك هو، عرفه الجميع وأعجبوا به فقد قادهم إلى معارك فاصلة بينهم وبين قوات النظام وربحوا نقاط مهمة، إنّه الحساس الذي يتحركون حسب إحداثياته، كان هنالك وقت لم يحلموا فيه بالسيطرة على عدد ضخم من الأسلحة الثقيلة وذخيرتهم من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة  محدودة لذا فقد حاولوا أن يستخدموها بحكمة.

• هاهاهاهاهاهاها كنت أموت يا أولاد العاهرة.

أطلق صرخة ضاحكة وهو يتحرك نحو مخبئه الجديد حيث راوده اعتقاد بأنّ الغريم يعاود ملأ ذخيرته عندما انطلقت رصاصة صفرت في أذنيه، لم يأبه للأمر، انتشي بسماع الرصاصات تتفاداه، إنّ لعبة الحرب لهي ممتعة ورائعة؛ كان يقول لنفسه، في مخبئه الجديد اكتشف مخبأ عناصر الغريم الذين يحملون الرشاش ويحاولون تعبئته، الآن هي فرصتهم في الفوز…إذا تخلصوا من سلاح الرشاش سيتمكنون من تدميرهم، جهز نفسه جيداً، حمل قناصته وهو يختبئ خلف النخلة وأطلق رصاصة في رأس الهدفين المتمركزين في سطح المدرسة. وانطلقت من ناحيتهم قذيفة مصنوعة يدوياً  إلى إحدى النوافذ حيث أشّر هو لهم بوجود القناصة، لقد تمكن أخيراً من الدخول إلى المدرسة بحركة سريعة كادت أن تؤدي بحياته للتهلكة هذه المرة؛ مرر جسده داخل الباب الرئيسي لها وتقدم ببطء يعبر الممر المؤدي للباب الخشبي للمبنى، تذكر أين يقع القناصة، لابد أن القذيفة قد أهلكتهم ولكن عليه أن يتأكد، انتظر أحد رفاقه للوصول ودخلا معاً بسرعة، صعدا الأدراج حيث القناصة، وجدهما هنالك مرميان، أحس بحركة… أحدهما رمى رصاصات لتنبيهه وصاح…

• انتصرنا! الله أكبر! هاهاهاها الله أكبر يا أولاد الحرام.

• الله أكبر الله أكبر الله أكبر. صاح أحد زملائه فيه محيياً إياه.

• لقد انتصرنا عليكم يا أولاد العاهرة. قال للقناص الذي يلفظ أنفاسه والدم ينز من جسده الممتلئ بالغبار.

• ن… ن… ننتصر أو نموت. قال له القناص.

• تفو… يا أنجاس الطاغية. ضربه برصاصة الرحمة وصرخ ضاحكاً.

كان عليك أن تراه وهو يحتفل داخله، هل تعرف ذلك الاحساس الذي يجعل شعرك يقف تلذذاً بالموسيقى؟ هو ذاته يخالجه كل مرة يسمع فيها أصوات الأعيرة النارية، القذائف وعندما يكون داخل المعركة، ظل كذلك طيلة خمسة أشهر حتى حرروا المدينة بالكامل، وعندما تحركوا نحو العاصمة حيث يقطن، حيثما هرب من قبضة النظام من ستة أشهر كان يبكي من السعادة وهو يتجول في شوارعها التي لعب فيها وعاش فيها ويطلق رصاصات الاحتفال والأهالي يحتفون به وبرفاقه، وعند عودته لحيه ذبح الجيران له الخراف وتحلقوا حوله ليسمعوا قصصه، بطل الحي عاد ليحميه من كلاب النظام، الموالين له والذين كادوا يسحقون أنفاسهم، كانت تلك أفضل أيامه، شعر بأنه في الجنة… الحسناوات يرونه فارس الأحلام، الأطفال يرونه رمزاً، النساء يتحدثن عن شجاعته، والكبار يتملقونه وينادونه بألقاب لم يحلم يوماً بسماعها؛ ووالده لم يكن يملك أي شيء ليقوله له، كان العسكري القديم الآن ينظر إليه كشيء غريب، تمكن أن يقرأ ما تحمله عيناه اتجاهه، سلم عليه ببرود وقال له:

• لقد انتقمتُ لك منهم.

لم يجد في فم والده أي شيء، كأن شيئاً ما قد اختطف لسانه ولكنه لم يأبه للعلامات، بل ظل سعيداً بحياته الجديدة، سيعود للمعركة من جديد، سيلاحق كل أولئك الذين ينتمون لكلاب النظام وسيستمتع جداً بمشاهد الدماء تخرج من أدمغتهم، أفئدتهم وأعضاء أجسادهم وهم يودعون الحياة كما سيستمتع بأسلحته التي سيصطاد بها جميعهم، الآن لا يمكن لأحد أن يشتكي منه، بل كلهم سيشتكون إليه، الآن ستستمتع الفتيات بمشاكسته لهن، بل سيشاكسنه هنّ بالمقابل،  لن يتمكن أحد من أن يرفع صوته أو يده عليه، لقد ملك كل شيء.

عاش مخدراً كما أحب لسنتين، اشتغل في تدريب المراهقين كيفية حمل السلاح، عمل مع العديد من الجهات الثورية ودخل في معارك عديدة تحدث بين الفينة والأخرى بعد انتصار الثورة، وفي كل مرة يعود فيها للعاصمة طرابلس كان جمع من الناس يرتدون ضده، كل أولئك الذين فرحوا به أصبحوا يرونه كائناً آخراً لا يمت لهم بصلة بعد كل معركة ومع كل يوم يمضي، ارتفعت شكاوي الحيْ ضده وتهامس الجميع بأن الحرب قد قتلت ما تبقى له من عقل، نعته البعض بالمجنون ولكن لم يتجرأوا أن يتفوهوا بذلك في حضرته، استذكروا سيرة حادثة قديمة فيما بينهم وخافوا أن يعلم هو بها، وكلما ازدادت حمى اللعبة كلما ازداد غرماؤه من ما يطلق عليهم المدنيين إلى أن اضطر والده أن يطرده من البيت، لكنه قبل أن يخرج منه سرق بندقية الصيد التي لطالما أحب أن يمتلكها كما سرق المسدس، إنّ أمثاله لم يكن عصياً عليهم أن يجدوا لهم مكاناً يحتمون به، اجتمع هو ومجموعة من رفاق الحرب واحتلوا إحدى مدارس المدينة في حي يكتظ بالناس والأسواق وتمكنوا من السيطرة الأمنية على مجموعة من الأحياء القريبة أيضاً، وقال لنفسه أنه إذا لم يرد أحد أن يلعب معه مجدداً سيلعب لوحده، إنّه سيؤدبهم وسيعلمهم احترام القانون والأبطال من هذا المبنى، كان يراهم خونة للثورة، أشرار ومجرمين متلبسين في ملابس المدنية والحرية وليبيا الجديدة التي أهداهم  إياها.

(1)

كان يحمل جسده البرونزي الصغير خارج نافذة السيارة يواجه الهواء الذي يحرك شعره المجعد في كل مرة تخرج فيها العائلة للتفسح أو التسوق، أمه دائماً ما تنزعج من تصرفاته الصبيانية والمليئة بالطيش والرمي بالنفس في غمار الخطر ولكنه احتمى بعدم اكتراث أبيه وغرقه في أفكاره وانسحابه من الحياة، أخرج سلاحه البلاستيكي خلسةً عندما مرت السيارة في زحمة سير، وجه نظره نحو المارة من الناس المشغولين بأرق الحياة ووجهه ناحيته مدعياً بأنه يقتلهم، كانت اللعبة مفرغةً من الكرات إذ لم يكن مسموحاً له أن يلعب بها خارج البيت وعندما يصوب اللعبة في رأس أحدهم يصدر بفمه صوت إطلاق “بف… بف، بوم… بوم، طاف…طاف” ويصدر صوت سيارة الشرطة المحبب إليه “وي… وي… وي… وي”، كان دائماً ما يحب أن يلعب اللعبة ذاتها في السيارة وإذا لم تكن لعبته في حوزته، يحول يده على هيئة مسدس ويصوب ناحية الأهداف، القطط، الأطفال، عمال النظافة وأحياناً الكبار والسيارات والجميع يواجهونه بالابتسامات والتلويحات وبعضهم يتظاهرون أنه أصابهم. الجميع يحب أن يلعب مع الأطفال، أليس كذلك؟

كانت هناك تلك المرة التي تجرأ فيها أن يملأ المسدس ببعض الكرات،  عندما ولجت السيارة  ببطء داخل زحمة أحد الأسواق الشعبية، جذبت انتباهه طفلة تتمسك بيد أمها من الغرباء تتمشيان على الرصيف ترتدي فستاناً وردياً تشبه الأميرات اللائي يراهنّ في الرسوم المتحركة، لم يحب أبداً الأميرات على عكس الأبطال الخارقين والشخصيات الكرتونية المليئة بالأكشن وروح المغامرة، كانت الأميرة ذات الفستان الوردي تبادله النظرات… هو خلف النافذة الزجاجية واضعاً يديه على الزجاج وهي تجرها والدته، نظراتها اللئيمة اخترقت روحه، تتحداه بإخراج لسانها ناحيته هنيهة وبابتسامة صفراء هنيهة أخرى، تذكر لعبته التي يدسها داخل حقيبته، فتح النافذة، أخرج نصف جسده، حمل مسدسه خارجاً وصوبه ناحيتها عندما ركزت عيناها اتجاهها في خضم توقفتالسيارة إثر زحمة السير، قطعت ووالدتها الطريق أمامهم، تحرك بسرعة إلى الجانب الآخر من السيارة وفتح النافذة وعندما أصبحت في مرماه، أطلق كراته، أراد أن يصيب لسانها القذر الذي تجرأت بإخراجه لكن الكرة انحرفت قليلاً إلى الأعلى وأصابت عينها، سقطت تبكي، لقد انحرفت اللعبة التي لعباها، شعر بسعادة الانتصار قليلاً عندما شاهدها تبكي في الرصيف وأمها تصرخ فيها، خيط دم يخرج من عينها اليسرى، لاحظ ذلك جيداً والدم يتسلل إلى فستانها ليصبغه بالأحمر… قال في نفسه “آه… ها! تستحيقن ذلك!” لكن شعوره تبدل عندما خرج والده ليتفحص الفتاة، ارتبك، أصبح الموقف أكثر واقعية، تجمهر الناس، توقف الباعة عن البيع والمشترون عن الشراء واتخذ المشهد درامية سخيفة، تقدم والده نحوه وفتح الباب وظل يضربه أمام المرأة، كان الناس في السوق قد صنعوا حلقة حول الحادثة، امتلأ الموقف بالبكاء، الصياحات، السباب والشتائم لم يعرف مصدرها، الآن… لم يعد الأمر ممتعاً كما تخيله، ضربات والده في كل مكان، تكسيره لمسدسه، صياح الناس وأم المرأة فيه، دم الطفلة يصل إلى فستانها، الورطة والموقف الكريه الذي ورط والده فيهما، لم يكن كل ذلك جزءاً من اللعبة.

وعند عودته للمنزل ازداد الموقف حدة، كل ما تذكره أنه أغمى عليه إثر ضربات والده له، استعمل العسكري المخضرم المطرود من الخدمة العسكرية جميع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي اتجاهه لأيام، حبسه في غرفته لشهر، كسر ألعابه والحدقة وأجبره على العيش في غرفته لا يزوره الضوء فيها إلا قليلاً، زارته الأشباح والكوابيس وعندما خرج بعد ذلك لم يعد كما كان أبداً، والجه شعور أن كل ذلك جزء من اللعبة وأنه سينتصر أخيراً فيها فلا يمكن للغرماء، الوحوش، الظلام، والده أو أي شيء أن يوقفه من اللعب… عليه أن يستمر، أن يجد طرقاً أخرى لاستمرار اللعبة، فليذهب ألمه وخذلانه إلى الأبد، لن توقفه الكدمات ولا الشتائم ولا شيء…. لا شيء، تساءل لأيام عن الشرير الأخير الذي عليه أن يواجهه في هذه اللعبة، كانت صورة والده تتكون في عقله عندما يسأل هذا السؤال لنفسه، خصوصاً عندما يدخل لغرفته سكيراً يحمل في يده العصا أو الحزام وينهال عليه بالضربات والشتائم.

• لقد فقأت لها عينها أيها النكرة، الطفلة الصغيرة خسرت عينها اليسرى فقط لتستمع حضرتك باللعب يا ابن الشيطان….يا ابن العاهرة، كل تأديبي لك في المرات السابقة هو مجرد لعب أمام هذه المرة، سأخرجك انسانا جديداً وسأعلمك جيداً كيف تعيش.

عندما يخرج ويفرغ غضبه أو سكره فيه، ينسحب هو للاحساس بألمه ولخطته القادمة في الانتصار، وبعد شهر قد خلق منه انساناً جديداً.

أُفرِجَ عنه.

تسلل إلى غرفة نوم والديْه، كان يعرف أين يخبئ والده مفتاح قفل المسدس، فتح الدرج؛ وجد المسدس برصاصاته يعكس ضوء الغرفة في عينيه، أمسكه بين يديه، أحس بثقله، أحس بالمعدن بين أصابعه، إنه رغم اختلافه عن البلاستيك لكنه شبيه به بعض الشيء، عبأه بالرصاصات النحاسية، وخرج من الغرفة… تحرك حيث يستلقي والده في الباحة تحت النخلة يستمتع بالعشية لوحده، صوب المسدس ناحيته، علت وجهه بسمة مطفأة، كان يقول لنفسه ” لقد عدنا للعب…مرة أخرى، الآن سأنتصر عليك وستعود علاقتنا كما كانت من قبل، ستعود للابتسام في وجهي وأراقبك تنظف المسدس والبندقية، وستأخذني صحبتك لاصطياد الأرانب البرية وسيكون كل شيء على ما يرام، علينا فقط إنهاء اللعبة، أعلم أنك تريدني أن أنتصر ولن أخيب أملك مرة أخرى”، واجه والده الذي شعر بوجوده، حدق العسكري المخضرم في المسدس الذي يحمله الطفل موجهاً ناحيته وحدق في وجهه، كانت عيناه مليئتان بالدموع لكنها لم تكن تلك الدموع التي تعتريه أثناء ضربه، هذه ليست دموع الألم، إنها…إنها دموع الفرح، البهجة والسعادة، دموع اللعب! انتفض العسكري واقفاً وتحرك ناحيته ببطء ولم يعطه الطفل فرصة للاقتراب أكثر إذ أطلق رصاصة كادت أن تقتله لكنها انحرفت عن مكانها، شعر بقوة المسدس، إنه ليس كالبلاستيك…إن عليه أن يمسكه بقوة أكثر حتى يصوب ناحية الغريم، توقف والده جامداً، شريط حياته بدأ في التسارع، شعر بندم غريب وبأنه سيموت، ترجى الطفل أن يرمي بالمسدس، قال له:

• يمكنك أن تتوقف الآن يا صغيري، كل شيء سيكون على ما يرام، إنك تعلم أن ما تفعله خطر عليك سيؤديك…هيا أعطني المسدس.

ولكن الطفل استعاد قوته وأعاد تصويب السلاح ناحيته؛ الآن أطلق رصاصة أخرى ناحيته؛ انحرفت الرصاصة وأصابت ساق والده، كان يشاهد الدم يخرج من الساق، أسقطت السلاح وضحك فرحاً، ثم قال له بصوت عالٍ مسموع:

• لقد انتصرت عليك هاهاهاهاها يا ابن العاهرة! هاهاهاهاهاها

لكن النظرة في وجه والده أعلنت له شيئاً آخراً، أحس بأمه تدخل المشهد وتحتضن والده صارخة تبكي، الاثنان يبادلنه بنظرة… نظرة لم يعرف كنهها أبداً، نظرة مليئة بالخوف، بالارتباك، بأنهما قد خلقاً وحشاً.

(2)

كان يحمل جسده الكبير خارج نافذة السيارة يواجه الهواء الذي يحرك شعره المجعد، لطالما أحب خروجه من النافذة وهو يرتدي قميصه الداخلي الذي لطالما حارب به، شعره سمحت له الحرية التي قاتل من أجلها أن يطول حتى يصل كتفه صانعاً خصلات لولبية تجعله يشبه الثوار الحقيقيين الذي هو منهم بالطبع، ارتاح بمقعده على النافذة وحول ناظريْه في الناس والسيارات والمحلات، كان يوجه بين الفينة والأخرى بندقية الصيد ناحيتهم، الحوادث المتكررة جعلت من الجميع يهاب نوع السيارة التي يركبها ويهاب أمثاله، لقد دارت في الأحياء التي يسيطرون عليها قصص عن ما يفعله المسلحون في البلاد، لم يعد الأمر كما في السابق عندما احتفى به كل من يمر أمامه؛ سيارات كتيبته التي أظلت تحتها أكثر من مئة فرد تدور الأحياء يومياً لتظهر قوتها وهو يركب معهم في كل جولة حتى أصبح شخصية معروفة، يطأطئون رؤوسهم حالما يخرج رأسه من النافذة، هو بالذات صار سبباً لحوادث مقلقة في أماكن عدة، يخرج بندقيته معه ويطلق النار عالياً عندما يشعر بأن الوقت قد حان للقليل من المرح مع الأهالي الذين بطريقة ما تخيلهم ظباء، أرانب برية وحيوانات كالجرذان قد يصطادهم فقط لأنهم لم يؤمنوا به، أحب أن يلعب معهم لعبة الاختباء، يطلق الرصاص في الأعلى وينظر إذا ما اختبئوا أم لا وإذا ظل واحد فقط لم يحتمي من سلاحه يطلق الرصاص في الأرض ضاحكاً، كان الرفاق في الدورية يهابونه لذا لم  ينبس أحدهم  ضد ما يفعله، بل إن بعض الهواة والمتعطشين لإظهار قوتهم شجعوه، مرة أصاب قدم أحدهم، مرة أخرى كسرت الرصاصات زجاج أحد المحلات في حي ما، كان الأمر ممتعاً حقاً.

كانت هنالك تلك المرة التي انعطفت سيارتهم فيها داخل زحمة السوق الشعبي القديم، السوق الذي يحمل في ثناياه حكاية عنه هو بالذات أيام الطفولة، دخلت السيارة زحمة السوق حينما اتكئ يجول بناظريه في المحلات والمارة والمتسوقين، الباعة ينادون على بضاعتهم، نساء يساومن بائع لملابس نسائية، أطفال سود يحملون العربات اليدوية ينادون لنقل البضائع، وفتاة بها علامة مميزة تحاول أن تقطع الطريق، ترتدي نظارة طبية وعباءة سوداء وتمشي ببطء مرتعدة من السيارات المارة، مرت بجانب سيارتهم واتضحت سحنتها وملامحها جيداً له، كأنّ بها شيء يعرفه، إحدى عيناها بها ضرر ما كأنها مفقوءة، تحرك داخله شعور بالفضول… شغل منبه السيارة كما أحب أن يفعل دائماً (وي…وي…وي…وي)، التفتت نحو سيارة الشرطة وأسرعت خطاها لتدخل إلى السوق مجدداً، توقف ليشاهدها تختفي ثم حمل سلاحه ونزل من السيارة التي توقفت تنتظر أن تتحرك السيارات أمامها، تبعه أحد رفاقه وهو يتتبع الفتاة، أحست بأقدام تمشي خلفها، لكنها لم تلتفت هذه المرة بل تابعت حتى توقفت أمام طاولة لأحد التجار وظلت تتفحص قميص وردي تقربه من عينها السليمة، قاومت رغبتها في الالتفات لكنها لم تنجح، التفتت، وجدت شاب في العشرينات من العمر يرتدي قميصاً أبيضاً متسخاً، شعره يصل إلى كتفيه، سرواله الجينز ينتهي بشبشب مطاطي يوضح كامل قدميه المتسختين التي أحست بوجودهما قبل لحظات، لكن ما لفت انتباهها حقيقة هي تلك الابتسامة الفارغة في وجهه الذي حمل علامة ما تجعله أليفاً لها، حدق فيها وكأنه قد وجد أخيراً لعبته المفضلة بعد بحثه عنها، انجذب إلى عينها المفقوءة، فمها والحكاية التي تحكيها له ملامحها التي كانت ستجعل منها أميرة الزمان لولا، لولا تلك الحادثة التي مرت الآن بخياله، هي تمد لسانها له، هو يصوب المسدس البلاستيكي نحوها، هي تبكي، هو يضحك، هي تدمع دماً، هو يقهقه روحه وعقله لشهر كامل داخل غرفته؛ هي تكبر لتصبح تلك الفتاة ذات العين الواحدة التي غالباً ما نالت حصتها من اشمئزاز الناس، نكاتهم، سخريتهم وابتعادهم عنها، هو يكبر ليصبح ذلك البطل الذي أدار الناس له ظهورهم وسلموا له شيك مصدق بسبابهم، اشمئزازهم، خوفهم وهروبهم منه، واتاه ذلك الشعور بمعاودة اللعبة مجدداً، رفع سلاحه نحوها… شخصت تحمل القميص الوردي، تحدق فيه بعينيها، لقد جاء لينقذها ربما،  ينقذها من هذه الحياة التعيسة التي تعيشها، تجمع الباعة والمشترون حوله، انتفض فيه بعضهم لكنه فعل ما يفعله معهم كل مرة، يصوب سلاحه للأعلى ويضغط على الزناد فتراهم يحتمون منه هاربين، اختبأ الجميع سواها هي، وقفت هنالك تحدق، تحمل القميص، تنتظر، ضحك، إذا لم تهرب يعرف ما سيفعله، سيصوب السلاح ناحيتها ويطلق رصاصاته، صورة والده أمامه، السلاح أخف من قبل، لن يكون عليه أن يعاود التصويب، هي طلقة واحدة وستذهب للهدف، صوبه للأعلى، حيث عينها الأخرى وأطلق!

تجمهر الناس وتشجع بعضهم بعد أن رأوا الفتاة تسقط دون حركة، كانت بنادق الصيد أقل خطورة من بقية الأسلحة، لهذا فقد خبأ دائماً مسدسه لحمايته من أي موقف، كان القميص الوردي الذي أرادت أن تشتريه أصبح أكثر حمرة الآن، سمع صياحهم وسبابهم، شخص، ولكن يد أحد رفاقه تمسك بكتفه جعلته يطمئن قليلاً، زميل آخر تجرأ على إطلاق الرصاص من تلك البنادق الرشاشة، كاد انتفاض الناس يهلكهم لولا أنهم قرروا أن يهربوا، انتابته هستيريا لم يصدق منها أنه يمكن أن يهرب من اللعبة في يوم من الأيام، شغل نفسه طيلة الطريق بتفريغه للأعيرة النارية في السماء عالياً، فمه الفاغر  وتلذذه بموسيقى الموت.

(1)

ظل في غرفته لوحده لشهرٍ آخر، طوعياً هذه المرة… تكرر مشهد الدم ينساب من ساق والده ونظرات أمه نحوه وخوفها منه، فكر كثيراً أنّ الشرير الأخير لم يكن والده وإذا لم يكن كذلك فعلى شخصٍ آخر أن يكون، لا يمكن أن يستمر البطل، الجندي، الشرطي في محاربة الأشرار إذا لم يتواجدوا خلفه، لا يريد أن يصبح كوالده العسكري المخضرم الذي كان يرى فيه البطل الأول له والذي يتكئ طيلة اليوم تحت النخلة متخلياً عن قضيته وسلاحه وكل شيء منشغلاً بضربه ومنعه من ممارسة طفولته التي يريدها، هل الشرير الأخير هي القطط والكلاب الشاردة والعصافير والحمامات؟ هل الشرير الأخير هي الفتاة التي سببت له كل هذا الفراغ الذي يشعر به في صدره؟ الأطفال؟ من؟ قد يكون هو الشرير الأخير على حد علمه، لكنه ليس كذلك إنه يعرف أنه ليس كذلك، فهو المنتصر دائماً ولا يمكن للشر أن ينتصر… الجميع يعرفون ذلك، الشر لا ينتصر أبداً، حتى إذا ما حُبِس الخير، ضُرِب، تألم، مارس بعض الأخطاء لكنه سيتعلم من أخطائه وسينتصر أخيراً.

انتظر أن يعود والده لضربه مجدداً، أن يشرب من تلك القنينة وسيأتي في أي وقت ويدخل حاملاً عصاه، حزامه وربما سلاحه لينهي اللعبة لكن لم يحدث أي من ذلك، كان والده مشغولاً بتعلم المشي مجدداً بعد الإصابة، مشغولاً بمعاناة الحياة بقدم مترنحة، ربما تكون أمه الشرير…لكنها لا تأتِ له سوى لوضع طعامه أمام الباب، تطرق الباب وتخبره بأن طعامه وشرابه جاهز، وعندما جاء والده مرة، فتح الباب،لا يحمل معه عصاً بل إن العصى تحمله، نظر فيه نظرة خالية من أي تعابير ثم اختفى.

(2)

وجد نفسه في غرفة وحيداً، كان رفاقه يتحلقون حوله، بعد أن عاد من ما أصابه، قال له بعضهم ” ماذا كنت تفكر ، هل أعجبتك العصفورة؟ هاهاهاها”، تذكر العصفورة، ضحك، ودعه الرفاق وتركوه وحيداً ” يمكنك أن تلحق بنا متى ما أردت “، كانوا أغرب منه، كيف تغاضوا عن ما فعله؟ لماذا لم يحبسوه كما فعل أبوه، لماذا لم يضربوه؟ هل يمكن أن يكونوا أسوء منه، يمكن ذلك ويمكن أيضاً أن يكونوا خائفين منه، كان يعرف أن الجميع يهابه، الجميع من غير سلاح…ولكن قد يكون المسلحون ” أمثاله” يخافونه أيضاً، يرونه وحشاً، تفحص في عقله نظراتهم وهم يودعونه وهم يحملون بندقيته معهم، وهم يغلقون الباب، كان بها شيء غريب رآه مرة في وجه أمه، في وجه والده، في وجه الفتاة، في وجه المجتمع.

أراد أن ينهض، لكنه استذكر تلك اللحظة التي اختفى فيها عندما تم ضربه، كان هنالك ذلك الشريط الذي مر بين عينيه، حياته، تذكر أنه عليه قبل أن تنتهي اللعبة أن يجد الشرير الأخير، الزعيم، لقد اعتقد أنه كان القذافي، المجتمع، الفتاة العصفورة، هل يعقل أن يكون قد عاش حياته كله يطارد هباءً؟ ولكن ماذا عن الذي قرأه وشاهده في الحكايات والقصص وما أخبرته به ألعابه جميعها، ما أملته عليه الحرب؟ لا يعقل أن يكون كل ذلك مجرد هباء، يجب أن يكون هنالك شرير، آه…تذكر أنه بقي لشهر آخر يبحث عنه، وأنه ذات مرة قال ” ربما أكون أنا “، نعم فقد يكون هو الشرير الأخير على حد علمه، لكنه ليس كذلك إنه يعرف أنه ليس كذلك، فهو المنتصر دائماً ولا يمكن للشر أن ينتصر…الجميع يعرفون ذلك، الشر لا ينتصر أبداً، حتى إذا ما حُبِس الخير، ضُرِب، تألم، مارس بعض الأخطاء لكنه سيتعلم من أخطائه وسينتصر أخيراً.

سخر من بحثه، عاودته الهيستيريا، تذكر مسدسه، أخرجه، وجهه في رأسه، لكنه لم يتجرأ أبداً أن يطلق الرصاصات، قال:

• هاهاهاهاها أنا انتصرت يا أبناء العاهرة!

مقالات ذات علاقة

قصصٌ قصيرةٌ جدًّا ..

المشرف العام

البرقية

إبراهيم دنقو

بيضة الحظ

عائشة إبراهيم

اترك تعليق