من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه
المقالة

خيوط الحنّاء

فاطمة الورفلي

من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه

 

يحرثكِ العابرون ويحفرون في جسدك الأخاديد، وأنت تمارسين غوايتك وغرامك وتحتفين بالغريب.

نخلاتك السامقات تشرئب بأهدابك الفاتنات، عابرة للبحار والقارات مع النسيم!

رياحك كما تاريخك هائجاً معربداً، لا يُرى يتيم منكسر تحت قدميك، وأمه تطوع الحجر وتلوك الزجاج والحديد، وقلبك لا يلين!

تجيدين الرقص مع المغامرين التائهين، تفتحين قلبك وذراعيك، وتصبين اللعنات على العبد الفقير.

الوطن فينا تعويذة نتقاسمها، هضاباً، وأسماءً ونتف من غيم وزرع.

عصانا التي نتوسدها لا تليق بالتوكؤ، فالذئب قد استباح النعجات، ويطلب المزيد.

أي وطن انت؟ وليس فيك رصيف أكتب عليه اسماً لحبيب، ولا مقهى يلملم ثرثراتنا أنا وصويحبات العمر البعيد.

عندما تغنينا بأغانيك (عاش يا بلادي.. من غنى عليك موال).

كل أرصفتك ومقاهيك وشاطئك القريب.. فاكهة محرمة تدان فيها النساء بالكلام البذيء، فأي ذكرى أحمل لكِ، وأي عشق أشاركك سرّه دون أن تشي بي لذاك المتربص المرتاب.

لاشيء يربطني بك عندما أحزم قاربي، وأعبر شاطئك لضفة أكثر رحابة.. وقلب رحيم. لاشيء يجعلني ألتفت إلا بعض قصائد كتبتها خلسة أصفك فيها كما يليق بعاشق مسكين، وحكايات أمي عن عرس جدتها، وكيف أنها هربت ليلة عرسها مع جدي، وفكّ خيوط حنائها بعد أن نام الجميع.

منهكين من الغناء والكشك والصبايا، وللعشق حرمات تنحنى لها أعناق الجبابرة، في نجوع البدو.

تركت فيك بعضَ قلب أنهكته السنون وجعاً وترقباً وكبداً كاملاً ورئة لا تتنفس إلا هواك العليل.

كل هذا وتصدقين أني سأشفى منك! انكساري وولهي هو كل ما أملك لوطن اسمه ليبيا.

أنا وكل ما قلت فيك إنما أعاند ﻷعيش خارج خارطة أبنائك وعقوقهم اللعين. فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً، ولم أكن بشغفي بك شقياً.

أيها الوطن المكابر، العصي على خبز الفقراء، وبرد الشتاء، وصرخة مظلوم يستجدي قطرة ماء في سجون القهر والتنكيل.

أنهكتنا الحروب، وظلم المحتل، وتعبت مختبراتنا من تجارب الواهمين!

ليبيا نبضي المشاكس.. تتمنعين ونحن فيك راغبين!

مقالات ذات علاقة

تسع سنواتٍ لها السَّبق

المشرف العام

لا.. لهذا المسلسل الدموي

محمد محمد المفتي

بين المدنية والتدين 1/3

علي الخليفي

اترك تعليق