1/
في الحُلمِ يمكنني أن أجعل الأفعال تتحلل من أصفاد زمنيتها، أُجردها من تبعيتها للماضي، وأسمحُ لأصابعي الغضَّة أن تُكوِّر عجينها من جديد، يمكنني أن أُعيد تصفيف الأوراق الصفراء على أغصان شجرةٍ تجرَّدتِ من أنوثتها في خريف عمرها، أُغدق عليها من يخضور المحبة المُشعة بكستناء الحياة، فأكسوها ربيع زمنٍ آخر، يمنح العصافير المهاجرة موسماً لبناء الأعشاش الضاحكة.
2/
من شأنِ الفرص الضائعة أن تهبني أرشيف الذكريات، المُخبَّأ في رحم الصيف، حيثُ يمكن لطائر اللقلق أن يلتقط صنَّارة الوجع، كسمكة، مندهشة، ويحملها فوق أكتاف غيمةٍ.. سخَّرت رغوة جسدها للأسفار فوق المدن الفارهة، هنالك تُمطر الحلم بإغداقِ ووفرة الماء، تتسلل إلى يباس الطين المُتشقق من جفوة الغياب، فيرتوي حتى يبعثَ من عروقه العطشى بذرة تصرخ مزغردة بالحياة.
3/
يُمكنني أن أعيد تدوير دولاب الزمن، أُغير طريق نيوتن إلى التفاحة، لأمرَّ أنا، فأهزُّ الغصن عبر نسيم الرياح الهادئة، تتمايل التفاحة مع اتجاه الرياح ــ التي غادرت للتو بيت صفيرها، تسقط متدحرجة صوبي، تستحيل وردة جوري تتيهيأ لربيع أمنياتي، في استدارة الكون، و فرح الجاذبية بنشأة التجاذب.
4/
كانت نسبية آينشتاين تقيس المسافة بين الحلم، والزمن في روعة التفاوت بين أملاح الكائنات، مازال الحلم ملح التَّخيل وماء الخيال، عذوبة اللون ومذاق الحياة.
الحلمُ حقيبةٌ مغلقة ٌ، مليئة بكراسات الرسم، و أقلام التلوين.
الحلمُ دائماً أبيض، أو أخضر، أو وردي.
الحلمُ لا يمنح نفسه تحت مظلة سوداء.
الحلمُ تربة من طينٍ، نحن من يجيد تخصيبها بأجمل النوايا.
الحلمُ طائر عنقاء، يتشكل حقيقة لمن يؤمن به.
الحلمُ غيمةٌ لزجة، يندس في رحمها غيث الرؤى.
الحلمُ سحابةٌ يتصدَّرها صبرٌ لا تمطر إلا بالدعاء.
الحلم تفاصيل هاربةٌ منا، نحاول استعادة أنفاسها بخيالها في الحياة.
الحلم زمنٌ معتقلٌ رهن لحظة التمنى، يمكننا أن ندير اتجاه عقاربه متى نشاء!