رواية (البحث عن المكان الضائع) للروائي الليبي إبراهيم الكوني
قراءات

إبراهيم الكوني وفلسفة الاستقرار والترحال في رواية البحث عن المكان الضائع

مسعود صالح مسعود

%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9_%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%a7%d8%a6%d8%b9

رواية البحث عن المكان الضائع عمل أدبي يستمر فيه الكاتب الليبي “إبراهيم الكوني” بإبهار القارئ بخلقه حياة وعوالم مميزة لصحرائه بلغة معبرة جدا، واصفة لكل أراء الشخصيات والأحداث بدقة.

فكعادته، يدمج الكوني أبعاد فلسفية، دينية، وأخلاقية في قالب واحد يتخذ من الصحراء بيئة له. ولكن، الجديد هنا أن الواحة هي التي تمثل المكان وليس الصحراء برمالها وخوائها.

الصحراء والواحة:

يرى البعض أن الواحة هي جزء من الصحراء، ولكن الكوني وبشخصياته سيخبرونك بأن مفهوم الواحة والصحراء لدى سكان الصحراء مختلف.

فالصحراء تعني لهم السفر والترحال وعدم الاستقرار، بينما الواحة فترمز إلى الاسترخاء والبقاء في مكان واحد. فمن عاش طيلة حياته متنقلا في الصحراء والخلاء، تجده يمقت الركون في مكان واحد، وينتقد، دائما، اختيار البعض للواحة كمكان للعيش فيه مدى الحياة، فهم يرون أن في الاستقرار (خطيئة).

الاستقرار والترحال:

من الآراء التي ستلاحظ تكرارها في مواضع عديدة هو أن الاستقرار في مكان واحد -الواحة في هذا النص- يصيب الأبدان والعقول بالداء. ففي ثقافة الصحراويين “يجب عليك أن تختار الترحال، دائما. فالروح لا تستقيم إلا بالترحال، ولا تعطب إلا بالاستقرار. وكما جاء في الرواية:

“أهل الركون أموات حتى لو عاشوا، والمهاجرون أحياء حتى لو هلكوا!”

تعرفك الرواية، أيضا، على ثقافة أهل الصحراء. فمثلا: لا يجب أن يعري الصحراوي عن فمه وعليه أن يغطيه بلثام. فهم يعتقدون بأن الفم واللسان عورة، لما يجلبانه من لغو وثرثرة، كما يذگر الكوني:

“اللسان حية مختفية في الفم، والحية لسان يسعى في البرية.”

ويضيف، أيضا، على لسان إحدى الشخصيات.

“احترس أن تراك امرأة بلا لثام، لأنها ستكرهك حتى لو صنعت لها من قلبك بيتا، وأنجبت من بطنها ذرية تملأ الصحراء.”

جاءت النهاية مشوقة تحبس الأنفاس باكتشاف الحقيقة.

البحث عن المكان الضائع، نص أدبي، فلسفي، صحراوي يأخذ فيه الكوني بيد القارئ ليتتبع قصة هذا الغريب في ترحاله. وفي أثناء ذلك سيعرفك على الكثير من المعلومات عن الصحراء بعوالمها وأساطيرها التي لا نعرف عنها الكثير. وعند الانتهاء من قراءاتها ستتساءل عن جدوى الاستقرار وما الذي يمكننا أن نستفيده من ترحالنا.

عن الرواية:

عدد الصفحات: 257 صفحة

سنة النشر: 2003

مقالات ذات علاقة

ضباط عسكريون من جنزور في الجيش العثماني

المشرف العام

دم أزرق …للبحر عروق زرقاء لا تملكها السماء

مهند سليمان

قراءة فى قصة الهاوية للكاتب: الصديق بودوارة

المشرف العام

اترك تعليق