يسعدني هدا اليوم ان أتقدم باحر التهاني بقدوم الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك وان يكون شهر اصلاح وفلاح في الدنيا والاخرة ويسعدني بهذا الشهر الكريم ان اعد مقالات خاصة بالتعريف بشخصية ليبية بمختلف المجالات الدينية منها والسياسية والرياضية والعسكرية وغيرها والتي تركت بصمة في وطننا ليبيا من خلال حقبة ما من التاريخ الليبي المعاصر والذين أعطوا دروس في التميز من خلال اعمالهم وتخصصاتهم المختلفة سواء بداخل الوطن اوفي تمثيل ليبيا في المحافل الدولية بوجه مشرف وإذ نعرج عليهم من خلال هذه المقالات البسيطة التي لا توفيهم حقهم بالكامل الا اننا اردنا تقديم هذه الشخصيات الليبية للشارع الليبي لكي يتعرف عليهم وما قاموا به من اعمال ونشاطات المختلفة مميزة للوطن ليبيا ولتكون عبرة وقدوة للأجيال الحالية والمستقبلية والطامحين للنجاح والتميز لهذا الوطن، وثم اختيار عنوان المقالات تحت اسم… كل يوم شخصية ليبية مشرقة.
ولد الشاعر سليمان باشا الباروني سنة 1870 في مدينة (جادو) او (فساطو) بليبيا. رحل صغيرا طالبا العلم وعمره 11سنة الى القطر التونسي ليلتحق طالبا بجامع الزيتونة ثم رحل الى مصر للدراسة بالجامع الأزهر، ثم الى الجزائر لدارسة المذهب الأباضي (مذهب معظم الشعب الامازيغي) في الجزائر مدة أكثر من ثلاث سنوات. في مصر تعرف على المصلح الإسلامي الكبير الشيخ محمد عبده وصادقه وتواصل معه فكريا. وعقائديا. عاد إلى ليبيا بعد سنوات طويلة من الترحال وطلب العلم، كان قد أصبح شابا ناضجا، مشحونا بالروح الوطنية المعادية للاستبداد التركي في ليبيا الا انه بعد عودته سجن ثلاث سنوات واحرقت السلطات التركية الحاكمة آنذاك كتابه (الازهار الرياضية) الذي اصدره بثلاثة اجزاء، فاضطرته الاوضاع في بلده إلى مفارقة الوطن في رحلة طويلة شملت تونس والجزائر وفرنسا ومالطا ومصر. وفي اخر هذا التشرد استقر به المقام بمصر التي كانت ملجأ سياسيا وفكريا للمثقفين والسياسيين العرب والمسلمين الفارين من الاضطهاد التركي. اسس في مصر سنة1906 مطبعة اسماها (مطبعة الازهار البارونية) واصدر فيها صحيفة باسم (الاسد الاسلامية) عام 1908 دعى من خلالها او تبنى بكتاباته فكرة انشاء (الجامعة الاسلامية) ثم قام بطبع ديوانه الذي اسماه ( ديوان عبد الله الباروني) كما قام بطبع الجزء الثالث من كتابه (الازهار الرياضية). رجع من مصر الى ليبيا ملبيا حاجة وطنه والدفاع عنه عندما هاجم الايطاليون (الطليان) ليبيا وحاولوا استعمارها.
المجاهد سليمان باشا الباروني تزوج من جادو فساطو جبل نفوسة بليبيا، مجاهد ليبي وكان من أكبر المجاهدين السياسيين الليبيين في تلك الفترة حيث كان عضوا في مجلس المبعوثان العثماني (مجلس النواب) وتحصل على رتبة الباشوية وكانت له عدة مبادرات في ليبيا منها طباعة عملة سماها البارونية وتأسيس جمهورية في الغرب الليبي تحت اسم الجمهورية الطرابلسية. كما أسس المدرسة البارونية بمدينة يفرن بليبيا وأسس بمصر عام 1906م “مطبعة الأزهار البارونية”، 1908م أصدر جريدته التي أسماها (الأسد الإسلامي). وقاد معارك الجهاد ضد الغزو الإيطالي من الفترة 1911م حتى. ثم أعلن أول جمهورية في العالم العربي تحت اسم الجمهورية الطرابلسية. سنة 1919م اعتزل العمل السياسي بعد اعتراف إيطاليا المزيف بالحكومة الوطنية الليبية .وفي عام 1922م أجبرته السلطات الإيطالية على مغادرة طرابلس حين قاوم محاولة بعض الليبيين اللجوء إلى الاستسلام ورفض صلح بن ادم وأصر على مواصلة الجهاد. فتنقل بين تركيا وفرنسا محاولا العودة إلى أرض الوطن ولكنه منع، واستقر به المقام في سلطنة عمان سنة 1924 حيث عمل مستشارا لدى الإمام محمد بن عبد الله الخليلي إمام عُمان وظل بها حتى وفاته عام 1359 هـ / 1940م توفي في بلاد الهند أثناء رحلة علاجية من مرض الملاريا. يذكر السيد فالح الحجية الكيلاني في كتابه شعراء النهضة العربية شعر الباروني يمتاز بالوطنية ومقارعة الغزاة المستعمرين بروح إسلامية إصلاحية وي من ثقافته الشخصية التي تجمع بين الثقافة الأمازيغية والعربية الإسلامية والغربية الفرنسية. تميز بانه ذو أسلوبية بسيطة وثقافة لصيقة بموافقتها السياسية لفكرة الجامعة الإسلامية ونابعة.
• حياته العملية واعماله:
أول جمهورية في الوطن العربي…. الجمهورية الطرابلسية تتألف من الجزء الغربي من ليبيا تم الاتفاق على إعلانها بمدينة مسلاته في 16 نوفمبر سنة 1918 ولم تستمر لفترة طويلة. تبلورت فكرة تكوين الجمهورية الطرابلسية عقب هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الأولى وتوقف الدعم التركي-الألماني للمقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي. وقد بدأت الفكرة في مدينة مصراته على إثر اجتماع بين الشيخ سليمان باشا الباروني والمجاهد عبد النبي بالخير و كل من أحمد المريض و رمضان السويحلي. ولكن لم تدم طويلا ولي هدا السبب لم تأخذ تلك الشهرة في التاريخ الحديث.
• مؤلفاته:
1. كتاب الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية.
2. ديوان الباروني.
3. تاريخ الحرب في طرابلس.
شهاداته العلمية ومؤهلاته
1. شهادة حفظ القرآن الكريم.
2. شهادة الجامع الأعظم الزيتونة بتونس.
3. شهادات الأزهر الشريف المختلفة.
4. شهادة معهد القطب محمد بن يوسف بالجزائر.
5. شهادة الأكاديمية الفرنسية قسم التاريخ والجغرافيا.
• اللغات التي كان يتقنها كتابة وخطابة: العربية، التركية، الأمازيغية. الأوسمة والتقديرات التي نالها:
1. نيشان البحرية الذهبي العثماني.
2. الرصيعة العثمانية.
3. نيشان الجندية العثماني.
4. نيشان الصليب النمساوي الأعلى.
5. نيشان الصليب الألماني الأعلى.
6. النيشان الهاشمي.
7. النيشان السعيدي.
8. النيشان العماني.
• الوظائف التي تقلدها:
1. نائباً عن جبل نفوسة بليبيا في أول مجلس نيابي عثماني.
2. رئيساً للحكومة الوطنية في طرابلس سنة 1912م تطوعا.
3. عضواً في مجلس الشيوخ العثماني سنة 1912م.
4. مندوباً للجهاد من جهة برقة إلى طرابلس سنة 1915م.
5. والي وكومندان ولاية طرابلس الغرب سنة 1916م.
6. عضوا في الجمهورية الطرابلسية سنة 1918م.
7. رئيسا لأول وزراه عصرية في حكومة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي سنة 1926.
8. مستشارا لسلطان مسقط سنة 1938م.
• نيابته في البرلمان العثماني:
سمي الشيخ رسمياً عضوا في مجلس الأمة العثماني (مجلس المبعوثان) ممثلا طرابلس الغرب حينما كانت من بين ولايات الدولة العثمانية كان ذلك في 24 يوليو 1907م كما عين عضوا في مجلس الأعيان العثماني فلبث فيه إلى سنة 1919 ميلادية في عهد مصطفى كمال.
• الاصلاحات في ليبيا:
له العديد من الاصلاحات في ليبيا اضافة الى عضويته في مجلس المبعوثين العثماني منها: العملة “البارونية” (وهي عملة عثمانية ليست من اصدار الباروني باشا وانما عرفت باسمه لانه قام بتوزيعها على الاهالى المجاهدين وهي عملة عثمانية اعطيت كمساعدة في الجهاد ابان الحرب العالمية الأولى حيث كانت دول المحور تركيا وألمانيا ضد الحلفاء إيطاليا وبريطانيا وفرنسا)… اسس اول جمهورية في الوطن العربي في غرب ليبيا اسمها (الجمهورية الطرابلسية)… اسس المدرسة (البارونية) بمدينة (يفرن) جبل نفوسة.
• ومن قصائده الوطنية هذه الابيات:
هذا هو الشَّعْرُ الذى
شهد الحروب الهائلات
هذا هو الشَّعْرُ الذي
شهد الحروب الهائلات
وعليه امطرت القنابل
كالصواعق نازلات
خاض المعامع لا يهاب
على الجياد الصافنات
حبا بتطهير المواطن
من بني الايطاليات
آليت ان يبقى الى
ان يعبر الجند القناة
لنرى الغزاة على
ضفاف النيل تفتك بالبغاة
ونرى طرابلس العزيزة
في ليالي باهرات
تختال في برد الهنا
بالانتصار على الطغاة
وتسود اعلام الخليفة
في البلاد الضائعات
ونرى الهلال متوجا
جزر المحيط الخالدات
اد ذاك يحلق بين
افواج الاعاظم والغزاة
ما بين تهليل وتكبير
وتقديم للصلاة
فيكون عنوان الفتوح
مدى العصور الدائرات
وهكذا يبقى اذا لم
ننتصر حتى الممات
يامن وعدت المسلمين
النصر امنن بالحياة
يوم الاثنين غرة شهر رمضان الموافق 06/06/2016م – طرابلس/ ليبيا
____________________
المصادر:
• سليمان باشا: ديوان الباروني؛ أبو اليقظان إبراهيم، سليمان الباروني باشا في أطوار حياته، جزءان، المطبعة العربية، الجزائر، 1379هـ/1959م
• أبو القاسم الباروني، سليمان باشا الباروني زعيم المجاهدين الطرابلسيين، ط2، 1948، (مجهول مكان الطبع).
• محمد مسعود جبران، سليمان الباروني، آثاره، الدار العربية للكتاب، ليبيا، 1991م.
• جمعية التراث، معجم أعلام الإباضية، قسم المغرب، ج2، ص:206-208، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2000م.
• د. محمد ناصر، أبو اليقظان وجهاد الكلمة، ش ون ت، ط2، الجزائر، 1984م.
• أمانة الإعلام والثقافة، دليل المؤلفين العرب الليبيين، دار الكتب، طرابلس، 1977م.
• شعراء النهضة العربية – فالح نصيف الحجية.
• سليمان الباروني، ديوان الباروني، مطبعة الأزهار البارونية، مصر، 1908م.
• زعيمة الباروني، سليمان الباروني (تعريف موجز)، دار لبنان، بيروت.
• زعيمة الباروني، صفحات خالدة من تاريخ الجهاد الليبي، جمع ونشر زعيمة الباروني، د.ت، جزءان.