طيوب عربية

كاتب سوري يحلل القرآن الكريم روائيا

عبدالباقي يوسف: التحليل الروائي يُعنى بتحليل الكلمة القرآنية تحليلاً روائياً، بمعنى مدى ترابطها بالكلمات الواردة قبلها، والكلمات التي سترد بعدها.

ميدل ايست أونلاين

عن موقع ميديل إيست أون لاين
عن موقع ميديل إيست أون لاين

عمل تفسيري جديد، يدخل مكتبة التفسير القرآني، يقدّمه الأديب والروائي السوري عبدالباقي يوســف من خلال منهج جديد يعمل عليه في تفسير القرآن الكريم تحت عنوان: “التحليل الروائي للقرآن الكريم”. وقد صدر منه المجلد الأول متضمناً تحليل السور الخمس الأولى من القرآن الكريم: (الفاتحة – البقرة – آل عمران – النساء – المائدة) تحليلاً روائياً، وجاء المجلد في 640 صفحة من الحجم الكبير، وصدرت طبعته الأولى 2016 في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.

جاء في الصفحة 268: “يُعنى التحليل الروائي بتحليل الكلمة القرآنية تحليلاً روائياً، بمعنى مدى ترابطها بالكلمات الواردة قبلها، والكلمات التي سترد بعدها، والكلمة القرآنية هنا هي مختلفة عن الكلمة غير القرآنية، لأن توظيفها في القرآن يُكسبها ويُغنيها بمعان واستدلالات لا تكون لها في توظيفها في غير القرآن، وهذا ما يجعلنا نكتشف أن اللغة العربية كم كانت فقيرة باكتشاف معانيها وغناها ومدلولاتها قبل أن يُشرّفها الله تعالى بحمل رسالة القرآن، ولعل هذا ما حض أهل النبوغ كي يفتحوا في هذا الحقل فتوحات جديدة ما كانت للغة العربية من قبل نزول القرآن الكريم، وهي الفتوحات اللغوية التي كمنت في المعاجم والقواميس اللغوية”.

وفي الصفحة268: “التحليل الروائي هنا يشتغل على خصائص البنية الروائية المتماسكة والمترابطة مع بعضها البعض، سواء في جوهر العلاقة بين الكلمة وصنوّتها، أو بين الآية وصنوّتها، أو بين السورة وصنّوتها، وعلى هذا النحو يجلو لنا كيف أن السور القرآنية تتحوّل إلى فصول متناغمة ومتداخلة مع نسيج بعضها البعض، ومستكملة الأركان لبعضها البعض، لتتشكّل من هذا كله عمارة البناء القرآني المجيد.

يُظهر هذا المنهج العنصر الروائي في خطاب القرآن الذي يتحوّل إلى مجموعة هائلة من القصص التي يقصّها الله سبحانه وتعالى على رسوله، ويصفها بـ: [أَحْسَنَ الْقَصَصِ] يوسف 3، ولا يعني ذلك أن: [أَحْسَنَ الْقَصَصِ] هي قصص إيجابية فحسب، بل هي في مجملها مزيج من قصص إيجابية، وقصص سلبية معاً، لكنها في وجهَيها [الْقَصَصِ] الـ [أَحْسَنَ] في اتخاذ العِبر منها، فهي الـ [أَحْسَنَ] صلاحاً لاستنباط واستخراج هذه العبر منها، كون مضامينها هي مضامين مفتوحة يمكن لها أن تقع في كل زمان ومكان، أي أنها قابلة لأن تتكرر في مضامينها وفق أشكال وألوان مختلفة لأنها تمس عمارة الحياة في كل زمان ومكان، فهي إذن أحسن العِبر الكامنة في ثنايا هذه القصص التي يمنّ الله تعالى على الإنسان بأنه يقصّها عليه.

أمام هذا الترابط التصاعدي بين هذه الكلمات، ثم هذه الآيات، ثم هذه السور، يتناول منهج التحليل الروائي مسألة العلاقة بين هذه الكلمات والآيات المتناثرة في عموم سور القرآن، ذلك أن السورة هي غير منفصلة عن الأخرى، كما الأمر بالنسبة للكلمة، والآية، فالسورة هنا هي فصل قرآني تابع، ومتبوع له”.

• شيء من المتن

جاء في الصفحة 117 في مستهل سورة آل عمران: سوف نلج بشيء من التدرّج والتحليل إلى روائية هذه الأجواء المشوّقة لهذه العائلة لنتعرّف على الدروس والحكم التي يمكننا أن نستنتجها من خلال مجريات الأحداث التي تكاد تركّز على جوهر الإيمان، وما يمكن أن يمتاز به الإنسان المؤمن عن غيره، وهي تبيّن مزايا الإيمان، إلى جانب ما يمتاز به الإنسان الكافر، وهي تبيّن مزايا الكفر، ثم تُظهر صميم العلاقة بين المؤمن والكافر.

مع آيات هذه السورة، نرى تغلغل تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها الناس لحظة بلحظة، ونرى كيف أن الله متتبع لكل صغيرة وكبيرة، نرى عناية الله عز وجل بالإنسان الذي يعيش في الأرض.

إن الله جل ثناؤه هنا يتحدّث لرسوله حديثاً عاماً يمتاز بالعمومية، إلى جانب حديث خاص يمتاز بالخصوصية، وآية إثر آية نتشوّق لمعرفة المزيد، ونحن نرى كيف أن هذا الحديث الذي يقوله الله يُغني اللغة العربية، ويفجر فيها آفاق المعاني الجديدة، حيث لم تعد الكلمة تقتصر على المعنى المألوف لها، بل يضفي الحديث الإلهي إلى القرآن معان جديدة مع مرور السنوات، وهذا لا يعني أن المعاني السابقة التي اجتهد فيها المفسرون تُلغى، بل تبقى مضافاً إليها هذه المكتشفات والمشتقات اللغوية الحديثة، وبهذا وما يمتاز به الخطاب الإلهي القرآني، يبقى القرآن متجدداً، ويبقى القارئ يرتقي في درجات تلقي معانيه، وقد بيّنتُ ذلك بشيء من التفصيل في كتابي: “الارتقاء في درجات تلقي معاني القرآن” لذلك أرى أن الناس يحتاجون إلى تفسير جديد للقرآن الكريم على رأس كل قرن، وإن كان القرن محمّلاً بالكثير من المكتشفات، والمنجزات البشرية، وكذلك بالأحداث المتفاقمة، فإن الناس يحتاجون إلى تفسيرين، أو أكثر للقرآن الكريم، لأن السنوات، والقرون، والأحداث، والمكتشفات تحتاج إلى مرجعيتها القرآنية، كي يتجنّب الإنسان تحويل نعمة المكتشفات إلى نقمة، هذه المرجعية التي تجعلنا منضبطين في استخدامها، وبالتالي منتفعين بها، ومقدّمين من خلالها صور وآيات القرآن المشرقة إلى العالم، نقدم إلى العالم المسلمبن بكل ما يتمتعون به من روح الإنسانية، والتسامح، والمحبة التي أرساها القرآن الكريم فيهم.

مقالات ذات علاقة

رواية “باب الريح” المغربي عبد الإله بسكمار أو تباريح الألم وارتجاجات الذاكرة الجريحة  

المشرف العام

الشوق وسع السماء

آكد الجبوري (العراق)

 رنا حتاملة.. بين جنونين

المشرف العام

اترك تعليق