قصة

العـرافـة

 

ألقت العجوزُ الودعاتِ السبع وتفرستْ فيها جيداً.. عيناها الغائرتان وسط تعاريج وجهها تبادلان النظر بين الودعات وبين وجهِ سعيد الذي ظل واجماً ينتظر بلهفةٍ ما يبوحُ به الودع.

جمعت العجوزُ الودع وألقته من جديد.. وضعت يدها على خدها وهي تتمتم بكلماتٍ حاول سعيد جاهداً أن يلتقط شيئاً منها دون جدوى.

لم يستطع الصبرَ فسألها: أخبريني يا سيدتي.. ماذا قال الودع..!!

ودون أن تبدي أيَّ اهتمام بسؤاله.. سألته: ما اسم أمِّك..؟؟

أجابها على الفور: عائشة.

التقطت العجوز الودع وألقته للمرة الثالثة بينما يزدادُ توجس سعيد وينفدُ صبره.

أرجوكِ يا سيدتي أخبريني.. هل ثمَّة أمرٌ مكروه.

أجابته العجوز: اسمعْ يا سعيد يا ابنَ عائشة..!!

– نعم يا سيدتي..!!

– أنتَ مسحورٌ

لم يستطع سعيد أن يخفيَ انفعاله.. ومن الذي سحرني.. وماذا فعلت به..؟؟

 أنا ليس لي أعداء.. كل أهل القرية يحبونني..!!

– إنها امرأة من قريتنا..!!

– ومن هي هذه المرأة.. وماذا تريد مني..؟؟

– تريدك زوجاً لها.

– ولكني لا أملك مالاً.. ولا بيتاً يؤويها.. فما الذي رغَّبها فيّ..؟؟

– المالُ مالها.. والبيتُ بيتها.. والرأيُ رأيها..!!

– صفيها لي أرجوك..

– لا لن أصفها لك لأنكَ ستراها الليلة في منامك.. فقط خذْ هذه الصرَّة ودسَّها تحت وسادتك..

أخذ سعيد الصرة وقلبها بين أصابعه وقال وكأنه يخاطبُ الصرة: سأعرف كيف أضعُ حداً لهذه الساحرة الملعونة.

– لا.. أرجوك لا تفعل شيئاً.. إياك أن تكلمها أو تذهبَ إلى بيتها.. دعني أتولَّى الأمر.. فقط أحضر لي قبضة من أثرها وأنا أكفيك أمرها.

قبضة من أثرها..؟؟ هذا أمر في غاية السهولة..

خرج سعيد من كوخ العرافة وهو يتمتم: الحمد لله أنها لم تطلبْ خصلةً من شعرها أو قطعة من ثيابها..!!

صار سعيد ينتظرُ الليلَ بفارغ الصبر لكن الليل تأخرَ كثيراً على غير عادته..!!

وعندما جاء الليلُ لم يأتِ معه النوم.. وصار سعيد يتقلب في فراشه من جنبٍ إلى جنبٍ بحثاً عن النوم.. ويتقلب بفكره في بيوت القرية من بيتٍ إلى بيتٍ بحثاً عن ساحرته إلى قرابة الفجر. وأخيراً أخذته سِنة من النوم أفاق منها كالمذعور لولا الابتسامة التى تملأُ وجهه. جلس في فراشه يستعيدُ المشهدَ الذي رآه.. ثم همس بينه وبين نفسه: لا داعي لإحضار القبضة. ومنذ ذلك الحين لم يذهب سعيد إلى كوخِ العرافة.. أبداً

مقالات ذات علاقة

الطوفان

عبدالعزيز الزني

نظارة جدي

فائزة محمد بالحمد

ليلة

عاشور الأطرش

اترك تعليق