عندما سُحبت من تحت الركام، انتبهت أنهم كانوا يتحاشون النظر إليها، ومن بينهم من أسرع.. والبسها وهو يشيح بوجهه بعيدا عنها لباسا ليسترها.. ظلت جامدة … لا شيء بها يتحرك سوى عينيها، زاد ذهولها وصمتها، لم تعرف أحداً ممن هم حولها.. الوجوه كلها رغم طيبتها وبُشرها.. لم تبصرها من قبل.. سَمِعت تكبيراً سمعت تهليلاً.. سمعت تحميداً.. وسمعت من يردد حية.. إنها حية.. كانت أكثر ضعفاً من أن تستوعب ما حولها، وضُعت على حامل.. نُقلت خارج المكان، استلمتها مجموعة أخرى.. تطلعت الهم.. زاد ذهولها.. لم تعرف من بينهم أحدا.. عيناها لا تكفان عن الدوران.. يحتفون بها.. يهتمون بها.. يبتسمون لها.. كل يود لو يقدم لها شيئاً.. كل كان يبارك لها نجاتها.. وهي لا تدري شيئاً، لا تعي شيئاً، تعود ومن جديد تتفرس في وجوه من حولها، يتأكد لها عدم معرفتها، وأنه لم يسبق لها رؤيتهم من قبل، هنا انتبهت وأدركت أن ليس بين هؤلاء من ناداها أمي.. خالتي.. عمتي، وأدركت أيضاً، أن أمراً جلل قد حدث.
27/9/2023م / درنــــــة.