استطلاعات

دليفري الكتب.. كتابك يصلك إلى بيتك

هناك مبادرات فردية عديدة لدعم الكتاب العربي والتشجيع على القراءة، وقد تخطت هذه المبادرات حاجز المسافات والتأشيرات وأصبح بوسع الكتاب أن يسافر عبر القارات ليصل للقارئ من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة. ولكن هل ينعش ذلك معدل القراءة للقارئ العربي الذي تتهمه الإحصائيات بأنه لا يقرأ إلا نادرا؟، فقد أظهر تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي أن متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنويا، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق. “العرب” التقت أصحاب مبادرات “كتاب لبيتك” ليتحدثوا عن مشاريعهم.

عن صحيفة العرب
عن صحيفة العرب

كتب الأسقف دو بوري: في الكتب أقابل الموتى، وكأنهم أحياء يرزقون، في الكتب أرى الأشياء المقبلة، في الكتب تدور المناوشات، ومن الكتب تنطلق قوانين السلام.

ومع ذلك يعاني الكتاب مرة من القرصنة ومرات أخرى من تكلفته المرتفعة وطغيان الصورة، مرورا بأخبار السياسة والإرهاب. ولحمايته تقام المبادرات، ففي ليبيا أطلق نشطاء على الفيسبوك في سبتمبر من سنة 2015، حملة “ليبيا تقرأ” هدفها دعوة جميع المكتبات إلى القيام بتخفيضات على أسعار الكتب وتحقق ذلك.

تقول صاحبة الفكرة إيناس الرجباني “شعارنا فرقتنا السياسة والحرب… تجمعنا الكتب”. وتضيف “ليس هناك تاريخ محدد لنهاية الحملة، لأن هدفنا الاستمرارية ونقل رسالة إلى العالم أن ليبيا ليست بلد الدمار والحرب وباستطاعة الكتب والقراءة القضاء على الجهل والتخلف والإرهاب وإصلاح ما أفسدته الحرب”.

خدمة دليفري

بدأ مدير الـbook post ، خدمة التوصيل المجاني للكتب هادي بكداش، مشروعه كتجربة عبر الكتب المدرسية في شهر أغسطس 2013، أي قبل بدء العام الدراسي في لبنان وانطلق بداية العام 2014، كمشروع متكامل، يقول بكداش “خدمة التوصيل المجانية توفرت كبداية في لبنان، كنا نطمح أن نبدأ أيضا في دول مثل سوريا والعراق وليبيا وتونس غير أن الأوضاع التي لا تنفك تزداد اضطرابا تعيق ذلك، ونأمل خيرا خاصة أننا قمنا بتجربة الأمر في دمشق وبعض المدن الأخرى الهادئة في سوريا، إضافة إلى تونس العاصمة، وإن كانت كتجربة من أجل التحضيرات ليس إلا”.

أكثر الكتب المطلوبة هي التي تتحصل على جوائز أو المرشحة لها والتي تحوز على تغطية إعلامية واسعة

ويتابع “لا شك أن الحروب والاضطرابات المتتالية في عدد من الدول العربية لا سيما سوريا وليبيا والعراق أثرت بشكل ملحوظ في توقيت إرسال الكتب وكلفتها المادية التي ارتفعت بسبب المخاطر الأمنية، ولكني ألاحظ أنه ما إن تهدأ الأمور قليلا في بعض المناطق المضطربة حتى تزداد الطلبات مجددا وبوتيرة جيدة”. ويضيف “وفق إحصاءاتنا فإن الفئة الأكثر طلبا للكتب، لا سيما الروايات منها، هي بين 30 و40 عاما، تليها الفئة التي تتجاوز الـ60 عاما، فيما الفئات الأخرى أقل بكثير إن استثنينا الهدايا التي تقدم بمناسبات متعددة إلى الأطفال دون الـ12 عاما”.

وأوضح هادي بكداش أن الكتب التي تتحصل على جوائز أو المرشحة لها يزداد الطلب عليها، كما يبرز الطلب أيضا على الكتب التي تحوز لسبب أو لآخر على تغطية إعلامية واسعة، إضافة للكتب التي يقوم مؤلفوها بالترويج لها لا سيما على صفحات التواصل الاجتماعي المتعددة.

قال هادي بكداش عن تشبيه خدمة توصيل الكتب بدليفري الطعام “من الأسباب الرئيسية لبروز ظاهرة ‘دليفري’ في الحياة العامة هي تعقد الحياة بحد ذاتها، لضيق الوقت لدى الموظفين والموظفات وغيرهم، أو بسبب زحمة المرور الخانقة في أكثر الدول العربية، وهذا أدى إلى بروز ظاهرة ‘دليفري’ والتي لم يعد من الممكن الاستغناء عنها لدى الكثيرين، والسبب الرئيسي لـ’دليفري الكتب’، إضافة إلى أن تطور هذه الصناعة بسبب الكميات الهائلة من الكتب التي تطبع سنويا في مختلف الدول العربية والتي لم تعد المكتبات قادرة على استيعابها أو بسبب اختفاء المكتبات أو ندرتها في غالبية المدن والبلدات العربية، أوجب ابتكار أشكال أخرى لتوصيل الكتب إلى القراء.

ولعل من أحب الأمور لدينا أن نشبه خدمة توصيل الكتب بخدمة توصيل الطعام، ومن الأفكار الأولى التي بدأناها في مشروعنا هي توزيع الكتب داخل بعض المطاعم لدى دفع فاتورة الطعام. في كل الأحوال، فإن المكتبات بصيغتها المتعارف عليها هي للزوال والاندثار، إن لم تجد طرقا مبتكرة لتتحول من مكتبة عادية لعرض وبيع الكتب إلى ملتقى ثقافي إبداعي، ويعود أمر اندثار المكتبات بشكلها الحالي أو تراجع دورها إلى التطورات التكنولوجية المتعاقبة منذ ما يزيد عن العقدين، مما أوجد طرقا بديلة لبيع الكتب”.

وعن الأسس التي يتم وفقها اختيار الكتب وعرضها للقارئ يقول هادي بكداش “العرض على صفحاتنا يقوم على أربعة اعتبارات، الأول: العلاقات مع دور النشر التي نتعاون معها في مشروعنا، الثاني: العلاقات مع الكتاب والمؤلفين الذين نتعاون معهم لتسويق كتبهم، الثالث: ما نراه مناسبا في شركتنا لجهة المضمون أو الكاتب أو سمعة الرواية وتوقع رواجها، الرابع: الذائقة الخاصة لمجموعة العمل المعنية بمتابعة الصفحات”.

الفئة الأكثر طلبا للكتب، لا سيما الروايات، هي بين 30 و40 عاما، تليها الفئة التي تتجاوز الـ60 عاما

يعيش هادي بكداش مع الكتب يوميا وعن هذا العالم يقول “عالم الكتب رائع ومدهش لمن يحبه وهو بمثابة حالة عشق، خاصة إذا عاش الإنسان في كنف عائلة ترتب أوقاتها وزياراتها وفق قراءات أفرادها ولقاءاتهم مع الكتاب والمؤلفين من الأصدقاء، القراءة تثير الفضول والبهجة، وكما يقول ألبرتو مانغويل ‘القراءة مثل التنفس، إنها وظيفة حياتية أساسية’.

غير أن بعض تفاصيل العمل كمحتوى بعض الكتب أو طرق التسويق والطباعات المزورة والخلافات على حقوق الملكية تترك آثارها السلبية في عالم الكتاب، كما أننا في دولنا العربية كحكومات ودول لا نولي الأهمية المفترضة للكتاب وللثقافة والتعلم. وما نراه اليوم من مستوى مريع للتخلف والإجرام وعدم احترام لحرياتنا الأساسية هو انعكاس لذلك. في كل الأحوال ‘لا نهاية للقراءة، طالما نحن محاطون بالكلمات أينما ذهبنا’، كما يقول بورخيس”.

النساء أكثر قراءة

في ليبيا يقوم مشروع “تجوال للكتب” الذي بدأ كتجربة في يونيو 2012، وانطلق رسميا في نوفمبر 2014 على هيئة موقع إلكتروني بتسويق الكتاب الأكثر مبيعا في الشرق الأوسط والعالم، قال مؤسس المشروع حاتم الزياني “نقوم بتوفير الكتب لـ20 مدينة ليبية وتم استثناء مدينة سرت مؤخراً للظروف المرتبكة هناك لتصبح الآن 19 مدينة ليبية”. وأضاف “رغم الحرب، الطلب على الكتب أكثر من ممتاز، حتى الآن لم أستطع توفير كل طلبات القراء. قام متجر تجوال الإلكتروني ببيع 10231 كتاباً في العام 2015، كلها تمت بالتوصيل إلى المنازل وأماكن العمل”. وتابع أكثر الفئات العمرية طلبا للكتب بين 18 سنة و 44 سنة، ونسبة 9 % من الزبائن إناث. صحيح أن أكثر الكتب طلبا هي كتب الجوائز أو التي يكتب على غلافها الخارجي الأكثر مبيعا التي تحتل نسبة 60% من المطلوب، تليها كتب أخرى غير مشهورة بنسبة 40 %.

وعن سؤال هل تأثرت خدمة توصيل الكتب في ليبيا بارتفاع الأسعار؟ أجاب حاتم الزياني “خدمة التوصيل لم تتأثر ولكن نواجه صعوبة في خدمة الشحن من الخارج إلى المخزن في مدينة طرابلس”.

________________________

نشر بصحيفة العرب

مقالات ذات علاقة

الفصول الأربعة تسأل: لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم أنفسهم، وإعادة رابطتهم، وخلق صوت موحد لهم؟

خالد درويش

بيت سبها الثقافي لم يزوَّد بالكتب منذ ثورة 17 فبراير

المشرف العام

المثقف الليبي.. نسأل عن غيابه

محمد الأصفر

اترك تعليق