حاورته: فاطمة غندور
الأستاذ خليل العريبي الفنان والانسان شغفهُ بالفن واخلاصهُ له جعلهُ صاحب تجربةٍ ثرية أضاف الى ذلك أنه خلق اسرةً فنية مُتواصلا مع ما يُحب ويعشق، حتى وأن تجاذبتهُ الرياضة حينا وإدارة الصحافة حينا اخر ومجالات أُخرى إلا انهُ ظل من المُنشغلين بالفن حضورا وتعاونا ودعما وظل شغلهُ الشاغل، هو اليوم نقيب الفنانين الليبيين، وعقب تقاعدهِ وهو نموذجٌ في النشاطِ والعطاء مازال يُواصل سيرتهُ الفنية حتى وإن صَعبَ ذلك الزمانُ والمكان.
• استاذ خليل دعنا نُعرف قُرائنا ببعضٍ من مُفتتح سيرتكم: فمن انت؟
إسمي خليل عبد الحميد خليل العريبي من مواليد مدينة بنغازي العام 1947، عشتُ سنواتي الأولي في منطقة (الصابري) ودرستُ السنة الأولي إبتدائي بمدرسة (دكاكين حميد)، كما درستُ وحفظتُ أجزاء من القرآن الكريم في أحد المساجد بتلك المنطقة، والدي هو عبد الحميد خليل يوسف العريبي من مواليد 1923بمدينة سلوق (50 كم جنوب بنغازي) وعاش بداية حياته فلاحاً إلي أن إنتقل إلي بنغازي العام 1946، وعمل في تجارة بيع وشراء المواشي بمنطقة دكاكين حميد بالصابري إلي أن تحصل علي عمل بمعسكر الجيش البريطاني بالدقادوستا بمنطقة (البركه) العام 1955 بمرتب شهري قدره (5و4 ج ل) فقط أربعة جنيه ونصف، والدتي هي أم العلو أحمد المصوكي العقوري من مواليد 1927 بمدينة سلوق، وعاشت طوال حياتها ربة بيت، لي من الأخوة شقيقان وأخت وجميعهم أصغر سنا مني، توفي شقيقي الذي يصغرني مباشرة العام 2008، في سن السابعة إنتقلت إلي منطقة البركة حيث أتممت بها دراستي الإبتدائية بمدرسة البركة رقم (1) والإعدادية والثانوية بمدرسة بنغازي الثانوية، والتي أصبحت فيما بعد مدرسة شهداء يناير، وشاركتُ في مظاهرات الطلبة العام 1964 تضامُناً مع طلبة الجامعة الليبية الذين حاصرتهم قوات البوليس داخل الجامعة وقد أُصبت بجروح بليغة في الرأس والجسم. وكنت قد إلتحقتُ بالجامعة الليبية مُنتسبا بكلية الآداب قسم (إجتماع وعلم نفس) وواصلتُ الدراسة حتي السنة الثالثة بها ثم أوقفت قيدي لذهابي في دورة دراسية ببلغاريا وعند عودتي العام 1979تم إستدعائي لإداء الخدمة الإلزامية بالقوات المسلحة والتي قضيتُ بها أربع سنوات. ثم إنتقلت العائلة العام 1963 إلي منطقة الماجوري وعشتُ بهذه المنطقة إلي أن تزوجت العام 1970 حيث إنتقلت بالسكن وسط المدينة مُتنقلا من مكان إلي آخر لظروف الإيجارات في تلك الفترة ومزاج أصحاب الشقق. زوجتي سعاد فرج شتوان (الفنانة سعاد خليل) من مواليد بنغازي 1953، تاريخ زواجنا العام 1970 ولي من ثمرة هذا الزواج عشرة أبناء (ستة أولاد وأربع بنات).
• حدثنا عن مدارج حياتك العملية وأول تسلسلك الوظيفي، كيف بدأت كُل لك؟
في المجال الوظيفي إلتحقت العام 1965 بالعمل بميناء بنغازي البحري كمُحاسب ومُراجع حسابات ثم إنتقلت للعمل بوزارة الإعلام والثقافة العام 1970 إلي أن إنتقلت للعمل بمؤسسة الصحافة العام 1993 وبقيت بها إلي أن تقاعدت إداريا بحكم السن العمرية العام 2009، وتاريخياً كنت أيضا قد إنتسبتُ إلي نادي بنينه الرياضي العام 1965 (أصبح فيما بعد نادي الطيران) وقدتُ فريقهُ لكرة القدم تحت إشراف المدرب الوطني الراحل داوود السعيطي للحصول علي بطولتي الدرجة الثالثة والدرجة الثانية حتي إلتحقنا بالدوري الممتاز بالدرجة الأولي، وفترة تواجدنا بالنادي كان لنا نشاط فني حيث مارست التمثيل المسرحي والكتابة والإخراج المسرحي كهواة وشاركنا في النشاط المتكامل الذي كان يُقام بشكل سنوي في تلك الفترة، وفي العام 1970 إنتقلتُ للعب بنادي الهلال الرياضي لموسمين مُتتاليين، وأثناء الوظيفة الإدارية تقلدتُ العديد من المناصب منها رئيس دائرة الفنون الشعبية بوزارة الإعلام والثقافة ومدير الشئون الإدارية والمالية بفرع المؤسسة العامة للصحافة ورئيس قسم الإعلانات بها وأخيرا رئيس قسم التوزيع. . وكنت شغلتُ منصب مُدير تحرير صحيفة (كل الفنون) التي تصدر عن مؤسسة الصحافة، وكذلك مدير تحرير مجلة (أفانين) التي تصدر عن مجلس الثقافة العام، كما عملتُ مندوباً لمجلة (شهرزاد) التي كانت تصدر بقبرص وترأست تحريرها الكاتبة فاطمه محمود. وقد ذهبت لدراسة اللغة الإنجليزية في دورة لمدة ثلاثة شهور علي حسابي الخاص عام 1975 بمدينة برادفورد بالشمال البريطاني، و أجيد اللغتين الإنجليزية والبلغارية.
• أنت من أوائل رواد فن الرقص الشعبي (راقصا ومُدربا ومُصمما للرقصات) حدثنا عن تلك التجربة والخبرة مع قلة مُتخصصيها لدينا؟
كنتُ قد أوفدتُ العام 1976من قبل الهيئة العامة للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية مع زملاء من طرابلس ودرنه والزاوية في دورة دراسية عن الفنون الشعبية في جمهورية بلغاريا لمدة سنتين، وتحصلت علي دبلوم عال في مجال الفنون الشعبية. وفي العام 1968 تم الإعلان عن تأسيس فرقة الفنون الشعبية ببنغازي حيث إنضممتُ لهذه الفرقة ضمن المُؤسسين وبقيت بها حتي هذه اللحظة، وتدرجتُ بها راقصا ثم مُدربا ومُصمما للرقصات ومُديرا لهذه الفرقة، كما صممتُ العديد من الرقصات التعبيرية للتلفزيون والمسرح. وشاركتُ مع الفرقة في كافة المهرجانات والمناسبات الوطنية وكذلك في العديد من المهرجانات العالمية في اوروبا وآسيا وأفريقيا وقدمنا عروضاً فنية بجميع المُدن الليبية وغالبية الدول العربية وعشرات الدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية. و تحصلت الفرقة علي العديد من الجوائز في المهرجانات المحلية والعالمية وشهادات التقدير والتميز. وكنتُ من مؤسسي الفرقة الوطنية للفنون الشعبية بالهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون العام 2009، وكُلفتُ مُديرا لها، وشاركتُ الفرقة في المهرجان الثقاقي الإفريقي بالجزائر كما قدمتُ عروضاً بإيطاليا وسلطنة عمان والسنغال. وقد كُلفت برئاسة المهرجان الوطني للفنون الشعبية لعدة دورات، وأنا خبير في إدارة المهرجانات الفنية وفي مجال الفنون الشعبية والتراث، ومن مؤسسي مهرجان المدينة الثقافي، ومهرجان النهر الصناعي في مدينة بنغازي.وكنت مُؤخرا رئيس وعضو مُؤسس للجمعية الليبية للمأثُورات الشعبية (تأسست العام 2011).
• ماذا عن دورك في تأسيس نقابة الفنانين؟
تم تأسيس النقابة العامة للفنانين العام 1967 وكنت من ضمن المُؤسسين، ورُشحت رئيساً للنقابة ببلدية بنغازي لعدة دورات، وفي العام 1981 تم دمجُ النقابة مع إتحاد الأُدباء والكُتاب لتُصبح رابطة الأدباء والكتاب والفنانين، ورُشحت أمينا عاما مُساعدا لهذه الرابطة الجديدة وبعد أن تم فصل الرابطتين وفي العام 2004 أصبحتُ أميناً عاماً مُساعدا للرابطة العامة للفنانين، وبعد ثورة 17 فبراير 2011 أصبحتُ نقيبا عاما للفنانين الليبيين حتي هذه اللحظة.
• كيف تُجمِل الصعوبات التي واجهت أدائك الوظيفي في العمل النقابي؟
واجهتنا الكثير من الصعوبات في العمل النقابي منها عدم وجود مقرات مناسبة، وعدم تخصيص ميزانيات لهذه النقابات ولم يُسمح لنا بتفعيل دورها لتسلط الدولة عليها حيث كان الغرض من تأسيسها من قبل الدولة مُجرد واجهة أمام الغير بأنهُ لدينا نقابات واتحادات ولكنها إسميا فقط. أما بخصوص عملي في الصحافة والذي بدأ العام 1993 وقد كُلفت مديرا للشئون الإدارية والمالية بفرع بنغازي، وكانت المركزية مُهيمنة في تلك الفترة حيث القسم المالي بطرابلس والمُرتبات تأتينا من هناك حتي المصروفات الضرورية للفرع نستجدي فيها من طرابلس مركز المؤسسة، وفي تلك الفترة لم يتم إصدار أية مطبوعة من بنغازي كُل الصُحف والمجلات تصدر بشكل مركزي ونحن مركز توزيع فقط، حتي قرارات الإيفاد مُحتكرة علي صحفيي مركز المؤسسة في طرابلس.
• ماذا عن التلفزيون والمسرح أين موقعك فيهما؟
كتبت وأخرجت للمسرح الإستعراضي وقدمت مسرحية (المشوار) العام 1980 بمشاركة 120 فنان وفنانة من راقصين وممثلين وموسيقيين. وقدمت بالتلفزيون عدة برامج تراثية مباشرة منها (سهرة شعبية) و(تراثنا الجميل) وغيرها. وقد شغلتُ عضوية لجنة إدارة الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون العام 2009 وكلفت مديرا لفرع الهيئة في المنطقة الشرقية، وكذلك عضوية اللجنة العُليا للمهرجان الوطني للمسرح لعدة دورات، وترأست الدورة الثالثة لمهرجان الأغنية الليبية الذي أُقيم في بنغازي.
• ما يقارب النصف قرن من العمل الرياضي والصحفي والفني بمن تأثرت؟ ومن هم الاصدقاء الاقرب اليك؟
كان من أصدقائي في النادي الرياضي المدرب داوود السعيطي، الراحل داوود كان من خيرة المُدربين الوطنيين في تلك الفترة، حقق لفريق الطيران بُطولتين مُتتاليتين وبفضله صعد نادي الطيران إلي الدوري الممتاز، وكان يُطبق تدريباته وخطة اللعب علي السبورة ثم ينقلها للتدريب في الملعب قبل كل مباراة، وهو الأمر الذي لم يكن معروفاً لدي بقية المُدربين الوطنيين، وكان يلفُ الساحات الشعبية والحارات لإختيار المواهب من اللاعبين ليضمهم للفريق وهذا ما حصل معي وزملائي. ومن الاصدقاء أيضا الرياضي والمُعلق (الرياضي) حاليا عياد الزوي، وفيما بعد فترة الفنون الشعبية أصبح وهبي الزروالي والدكتور عبدالرحمن يدر من الأصدقاء المقربين. ومن خلال عملي بالصحافة وبالنقابة تعرفتُ علي شخصيات ثقافية وفنية تأثرتُ بها وإستفدتُ منها أمثال الأساتذة (ومع تعاقب الأجيال): الراحل حسن عريبي، وأمين مازن والراحل كامل عراب، والراحل سعد نافو، والراحل علي الفزاني والشاعر الراحل حسن السوسي والشاعر راشد الزبير والشاعر الراحل محمد المهدي، ومن أصدقائي أيضاً والأستاذ ابراهيم العريبي والأستاذة خديجة الصادق والشاعر فرج العربي وعبدالله الفيتوري، وأحمد الفيتوري وعبدالرزاق الداهش، ومحمود البوسيفي وعمر السنوسي، ومن الفنانين طاهر القبائلي وفتحي كحلول وسعد الجازوي وعلي الفلاح وخالد الشيخي والراحل فرج الطيرة والراحل محمد إدريس والراحل سالم بن زابيه، والراحل فتحي العريبي.
• ما مُنجزاتُك مُؤخرا؟
صدر لي كتاب (رقصات ليبية) عن مجلس الثقافة العام، ولدي مخطوطات أحدُها عن عادات وتقاليد الأفراح في ليبيا، والثاني عن أغاني العلم، والثالث مقالات في الثقافة والفن، كما كانت لي دراسات ومقالات تراثية وفنية في كثير من الصحف والمجلات المحلية. وانا عضوا بالمكتب التنفيذي لإتحاد عام الفنانين العرب كما إنني أحمل عضوية المجلس العالمي للرقص ( CID ) التابع لليونسكو ومقره أثينا، وكذلك عضوية المنظمة العالمية للفنون الشعبية (IOV) وهي أيضا تتبع اليونسكو ومقرها فيينا. وشاركت في العديد من الندوات وورش العمل المتعلقة بالفنون الشعبية في كل من: مصر – تونس – المغرب – موريتانيا – لاتفيا – اليونان – تركيا، وحاليا مُشرفا علي الصفحة الفنية بصحيفة ليبيا الرسمية التي تصدر عن الهيئة العامة للإعلام والثقافة بالحكومة المؤقتة. وكان في العام 2012 بعد إصداره لصحيفة (ميادين) قد دعاني الأستاذ احمد الفيتوري للإنضمام لأسرة تحرير الصحيفة حيث توليتُ الشُئون الإدارية والعلاقات وكذلك الإشراف علي الملف الفني بها، وكانت بالنسبة لي تجربة جديدة تعرفت من خلالها علي العديد من الكُتاب والصحفيين أمثال فاطمه غندور وصلاح نقاب وعمر جهان والمخرج حسين بن عطيه وسالم العوكلي وغيرهم.
• وانت المعجون بالفن كل سنوات حياتك لمن تستمع اداءاً ولحناً وكلمةً؟
من المُطربين أميل للإستماع للفنان عادل عبدالمجيد وسلام قدري ومحمد حسن ومحمد رشيد وسالم بن زابيه، ومن الملحنين كاظم نديم ومحمد مرشان ويوسف العالم وابراهيم أشرف، ومن شعراء الأغنية فرج المذبل وعبدالسلام قادربوه وسليمان الترهوني وأحمد الحريري.
• ما هي هواياتُك؟
هواياتي الرياضة والقراءة (والمُراسلة في بداية حياتي).
• أنت ابن بنغازي مالذي تعنيه لك هذه المدينة الأم؟
بنغازي تعني لي المأوي والإستقرار والذكريات والحنين إليها مهما بَعُدتُ عنها، والصمود في الوقت الحالي، والأمل في المستقبل، بها عائلتي وأصدقائي، بها ترعرعت وكبرت ودرست وإشتغلت، بنغازي تعني لي الكثير هي ليبيا بنسيجها الإجتماعي الذي يحتضن كل الليبيين من شرق البلاد وغربها وجنوبها.
____________
نشر بموقع ليبيا المستقبل