رواية (غياهب الحي المقابل) للكاتب حسن أبوقباعة المجبري
سرد

رواية غياهب الحي المقبل – الفصل الثامن والأخير

اقتران ورحيل

*** مع بداية العام الدراسي الجديد.. بدأت الفصول الدراسية في استقبال طلابها الذين عادوا إليها في نشاط وحيوية..كعادتهم في مطلع كل سنه دراسية جديدة.

صخب وفرح ..هرج ومرج..وكلمات ترحاب مبعثرة ومتناثرة هنا وهناك.. وفى أحد جوانب الكلية ظهرت ثلاثة من الطالبات وكلهن متجهات إلى المكان الذي يقف فيه الأستاذ(ادهم) والأستاذ (حكيم) للترحيب يهما أيضاً… لكونهما من أركان هذه الكلية الآن.

لم تكن الفتيات القادمات سوى .. (أصالة) وزميلاتها .. (حنان) و(إيمان).

– قال (حكيم): “هس ..انظر من قدم نحونا!؟”

– قال (ادهم): “ياألهى..ماذا يردن؟!”

– قال (حكيم): “أنهن قادمات للتعارف بالطبع.. ولكن تحت ستار الترحيب بالعام الدراسي الجديد”

– قال (ادهم): “كله سيان”

– قال (حكيم):

“تعقل قليلا ..لقد اقتربن .. “وأضاف:”اصمت يا (ادهم) اصمت”

– قال (ادهم):

“سمعا ُوطاعة ياصديقى”

– قالت (حنان):

“أهلا أستاذ (ادهم).. أهلا أستاذ (حكيم). كيف الحال؟ وكل العام وانتم بخير.

لقد أصرت صديقتاي ..(إيمان) و (أصالة) .. على الترحيب بكما”

– قال (حكيم):

“شكراُ لقدومكن..وعلى هذه اللفته الرقيقة”

– قالت (أصالة):

“لا داعي للشكر فهذا من واجبنا ياأستاذ (حكيم) .. ولكن!!

مابال الأستاذ (ادهم) شارد الذهن ولا يتفوه بكلمة…. أتراه مشغولا بالتحضير للعام الجامعي الجديد!؟أو أننا قد قدمنا في وقت غير مناسب”؟

– رد (ادهم) ، بعد أن هام في بحر من أحلامه الوردية:

” لا . لا . أبداُ.. أهلا بكن في أي وقت.. كل الأوقات مناسبة”. وأضاف مازحاُ:

“حتى وان لم يكن كذلك..سنجعلها مناسبة لأجلكن”

– قالت (أصالة):

“شكراً لكما..ولكن في الحقيقة أن (إيمان) تريد أن تستفسر عن بعض المراجع والكتب الهامة.. وعن كيفية اختيارها من بين العدد الهائل من المراجع الموجودة في مكتبة الكلية.”

– رد (ادهم):

“بكل سرور.. ونحن سنسعد بخدمتكن جميعاُ”

– قالت (حنان) وبعد أن نظرت في ساعتها:

“والآن بعد أن اتفقنا على كل شي علينا أن نذهب..مخاطبة (أصالة) و(إيمان) – هيا”

– قال (حكيم):

“لايزال الوقت مبكراُ على الذهاب”

– قالت (إيمان):

“شكراُ..ولكننا منشغلات بعض الشيء ، والأيام القادمة كثيرة وستملون منا أكيد” وسارعن بالابتعاد عن المكان خجلاُ وحرصاُ.

– قال (حكيم):

“لا أظننا سنمل منكن عزيزاتى..فنحن لا نمل من مثيلتكن.. فأنتن كل شي في الحياة ، الماء والهواء والسماء والأزهار والهناء والشقاء ..واوا..وا..وا..

وبينما (حكيم) مسترسل في وصفه وهذيانه قفز (ادهم) مبتهجا وصائحا:

“أنها هديه الله… يا للسماء أنها تمنحني أجمل مخلوق ..لقد حدث كل شي في لحظات..لقد حدث التعارف بشكل سريع جداُ..الشكر لله..الشكر لله.

– قال (حكيم) ومتظاهراُ بالحكمة:

“تعقل يا (ادهم) ..تعقل يامجنون ولا تفضحنا .. ماذا لو عدن فجأة,ووجدناك تقفز وتصرخ هكذا”.

– قال (ادهم):

” أجل ..صدقت..أجل.. الآن حان وقت التصرف بعقلانيه أكثر..أجل”

– قال (حكيم): “(سترك يارب)”

ومع مرور الأيام توالت اللقاءات وتوطدت العلاقة بين مجموعة الطالبات والأستاذ (ادهم) وزميله (حكيم) ، وفى أحد أيام الدراسة ..اتفقت الطالبات الثلاث على ترك (أصالة) لتنفرد بالأستاذ (ادهم) حتى يتم تعميق العلاقة بينهما.

حدث كل شي بسرعة ..بعد ترك (حنان) و(إيمان) لأصالة بمفردها مع الأستاذ (ادهم) .. ثم تمت المصارحة العاطفية بينهما واتفقا على استمرار اللقاءات.

توالت لقاءاتهما بمرور الأيام..وتبين أن كلا منهما يكمل الأخر… فاتفقا على الزواج بمجرد إنهاء دراسة (أصالة وتسلمها الشهادة العلمية من هذه الكلية.

كانت من أجمل ليالي الحي تلك الليلة التي زفت فيها (أصالة) إلى الدكتور (ادهم).

الكل مبتهج بهذا الحدث الجميل .. الكل مسرور ويشارك في إحياء الفرح بطريقته.. الكل مسرور فيما عدا (إدريس) .. وقرينه الذي جلس وحيدا شاردا حزينا بعيدا هناك في أخر الحي .. جلس حزينا يحاول التفكير للقيام بشيء ما .

لم تظهر عليه بوادر العدوانية تلك الليلة.. بل ظهر عليه الهدوء والحزن الشديد والاستغراب من عدم مبالاة أخوته وعدم شعورهم بالندم والتأثر لقتلهم والدهم ذلك الشيخ المسن فى تلك الليلة المشئومة .

.. وتسأل :

هل هم اخوتى حقاً؟

” لأدرى” كلمة رددها (إدريس) أكثر من مرة مستغرباً!.

تمكن قرين (إدريس) الشبح (1111) شبح الغريق من اخذ (إدريس) دون أن يدرى إلى الشاطئ حيث كان بانتظارهما أربعة أشباح مرتدون ملابس سوداء بالية ويستعدون للرحيل بالقارب إلى الأرض الأخرى.

زفت (أصالة ) إلى (ادهم) في ليلة من ليالي الربيع الدافئة, وبعد اكتمال مراسم الحفل بدخول العروسين.

نام الجميع .. جميع سكان الحي فيما عدا بقية الأشباح التي انسلخت من أقرانها ورحلت بعيداً

بعيداً إلى حيث بنيت المقبرة الجديدة

***

تمت بحمد الله

مقالات ذات علاقة

ما الذي يبقى من الإنسان إذا ضاعَت المخيّلة ؟!

مهند سليمان

على الدرب نفسه الذي امتشقني مراهقاً

المشرف العام

مقطع من رواية «زمن الاخ القائد»

فرج العشة

اترك تعليق