أسماء بن سعيد
لمقاومة واقع سياسي ما اختار بعض الفنانين والأدباء أنْ يقاوموا بطريقتهم، عن طريق الفن والأدب بمختلف تفرعاتهما.
والوطن العربي عرف هذا النوع من المقاومة، فقد بزغ نجم كثير من الفنانين الذين أُطلق عليهم لقب «الثوريين» في فترة مبكرِّة وتحديدًا بعد النكبة الفلسطينية في العام 1948، أمثال الفنان التشكيلي ناجي العلي بأيقونته «حنظلة» المتمرد والرافض للاحتلال والظلم، والفنانين التشكيليين الفلسطينيين إسماعيل شموط، وتمام الأكحل وعبد الحي مسلم وسليمان منصور وغيرهم، كذلك ظهرت المقاومة في أشعار محمود درويش وسميح القاسم وعز الدين المناصرة وغيرهم.
فن وأدب المقاومة في أوروبا ظهر أيضًا في بعض أعمال الفنان التشكيلي الإسباني بابلو بيكاسو مثل لوحة «جرينيكا»، التي صوَّر فيها تدمير قرية في منطقة الباسك على يد القوات الألمانية ورفض حُكم فرانكو، وقبله الشاعر والمسرحي والتشكيلي وعازف البيانو ومؤلف الموسيقى الإسباني فيديريكو لوركا الذي حُكم عليه بالإعدام بالرصاص بتهمة كونه جمهوريًّا.
في أميركا الجنوبية وتحديدًا بعد الثورة الكوبية في العام 1959، ظهرت موجة من فنانين وأدباء المقاومة ممَن ذاع صيتهم في العالم تحديدًا في ستينات وسبعينات القرن الماضي، مثل الكُتاب غابريل غارسيا ماركيز من كولومبيا وماريو فرغاس يوسا وكارلوس فوينتس من بيرو، والشاعر التشيلي بابلو نيرودا وغيرهم من الأسماء الذين تُرجمت أعمالهم الأدبية والشعرية لكثير من اللغات.
نلتقط خيوط هذه الحكايات لنلج لموضوع مهم جدًّا بدأ يظهر على الساحة الفنية والثقافية الليبية، وسط نشاط ما يُعرف بجماعة «أنصار الشريعة»، هذه الجماعات التي تُحرِّم الفن والثقافة والطرب بمرجعية دينية، الأمر الذي كانت نتيجته أنَّ بعض الفنانين أخذوا خطوة للوراء خوفًا على أرواحهم وعائلاتهم من تهديد تلك الجماعات وغياب القانون، في المقابل اختار آخرون المواجهة بأنْ استمروا في نشاطهم الفني ومشاركتهم وإنْ كان خارج حدود الوطن.
وهذه بعض المحطات للمثال لا الحصر على النوع الأخير من المشاركات الفردية والأهلية وما تم نشره أخيرًا حول المشاركات الليبية في الداخل والخارج.
مهرجان الخريف السياحي في هون
مدينة هون، التي تتوسط منطقة واحات الجفرة، والتي تتوسط بدورها ليبيا تشهد اليوم ختام الدورة الـ18 لمهرجان الخريف السياحي الدولي في الفترة من 13 إلى 15 نوفمبر 2014، وقد ضم هذا المهرجان عددًا من المعارض التراثية والفنية والفعاليات الثقافية، وسيكون ختام المهرجان بإحياء ذكرى إعدام عدد من المجاهدين في معركة عافية التي خاضها سكان مدينة هون ومَن معهم من المجاهدين الليبيين ضد قوات الغزو الإيطالي.
أعلام طرابلس في 200 عام
بعيدًا عن التفجيرات والسيارات المفخخة، في العاصمة الليبية، فقد أعلنت مؤسسة التراث الطرابلسي عزمها إقامة معرض «أعلام طرابلس في 200 عام»، وذلك خلال العهدين القرمانلي (1711-1835) والعثماني الثاني (1835-1911) وهذا المعرض تأجَّل مرات عدة نظرًا لظروف قاهرة مرت بها العاصمة طوال الفترة الماضية مثل الاعتداءات الكثيرة التي طالت المباني والآثار، وهدم الأضرحة عامة، الأمر الذي تطوَّر إلى التعرُّض للمساجد التاريخية من تخريب للمنابر والجدران ولوحات التدشين الأثرية، كما وقعت أعمالٌ تخريبية في جوامع ميزران وأحمد باشا القره مانلي ودرغوت باشا، ولم تقنع الأيادي الخفية والمجهولة بهذا القدر من التخريب، بل طال أيضًا تمثال «الحورية والغزالة» في أشهر ميادين العاصمة، بعد إصابتها بقاذف «آر بي جي»، لمبررات وأسباب شاعت تقول إنَّ تمثال الحسناء عاري الجسد وأخيرًا سرقة تمثال شيخ الشهداء عمر المختار في 8 نوفمبر بمنطقة الماية غرب العاصمة (طرابلس).
«فلاش باك» إلى المغرب
أجواء العنف والتفجيرات لم تمنع الفرقة الليبية للمسرح في مدينة شحات من استمرار نشاطها، فقام أعضاؤها بالربط مع مهرجان المسرح المغاربي العربي، الذي يُقام بولاية الوادي الجزائرية خلال فبراير 2015، وفعلاً حصلوا على موافقة للمشاركة في المهرجان بمسرحية «فلاش باك»، للمخرج عزالدين الدويلي، والمسرحية مقتبسة من مسرحية «المهرج» للكاتب محمد الماغوط.
«تحولات سيد وزير» إلى الأقصر
ومن شحات أيضًا، تعاونت جمعية «الزناد» لرعاية المواهب، مع فرقة مسرح كشافة البيضاء، وشاركت أخيرًا في مهرجان طيبة الدولي للفنون التلقائية ومسرح الطفل في محافظة الأقصر المصرية، المُشارَكة كانت بالعمل المسرحي «تحولات سيد وزير» عن قصة «تحولات» للكاتب الليبي أحمد يوسف عقيلة، بطولة عماد ياسين عبدالرازق وإبراهيم بشير علي وإبراهيم فضل الله نصيب وخالد جمال محمد وعبدالسلام حسن الإخواني وموسى القرم وسند سعد محمد وحميدة سعد حميدة، تأليف وإخراج شرح البال عبد الهادي، إشراف عام حافظ الدويلي، وهذا المهرجان جاء بمشاركة تسع دول عربية وهي مصر وليبيا والسعودية والإمارات والجزائر والسودان والأردن وتونس والعراق.
و«الحكاية الطرابلسية» إلى بورسعيد
الفنانة الليبية خدوجة صبري تم تكريمها أخيرًا في مهرجان الحياة لدعم الدراما العربية والمبدعين بمحافظة بورسعيد في مصر عن مسرحية «حكاية طرابلسية»، وهذه المسرحية سبق عرضها على مسرح الهوسابير في مصر أيضًا كما عُرضت في تونس والجزائر، وستشارك في مهرجانات عربية وأوروبية عدة متخصصة في الموندراما كما صرَّحت الفنانة خدوجة صبري .
نابل تُكرِّم الشيخي ومسرحية «الكهف»
مسرحية «الكهف» لفرقة القرية للتمثيل شاركت أخيرًا في مدينة نابل التونسية ضمن الدورة الثالثة للمهرجان المغاربي لمسرح الهواة والذي كان في الفترة من 30 أكتوبر وحتى 3 نوفمبر، والذي تحصَّلت فيه ليبيا على جائزة لجنة التحكيم، كما تمَّ ترشيحها لجائزة العرض المتكامل، كما تمَّ ترشيح الفنان مكرم اليسير لجائزة أفضل ممثل أول، وفي اليوم الختامي أيضًا تم تكريم بعض الشخصيات الفنية منها الفنان الليبي المتألّق خالد الشيخي. مسرحية «الكهف» من تأليف وليام سويدان، وإعداد وإخراج الفنان علي القديري وبمشاركة الفنانين عادل الحاسي ومكرم اليسير وأحميدة إخويطر من ليبيا ويوسف مارس ورفقة محمود من تونس.
ليبي نائبًا لرئيس اتحاد المنتجين العرب
في ذات السياق نجد نشاطًا لبعض الفنانين الليبيين وتبوأهم مناصب سيادية في مؤسسات ثقافية وفنية عربية وإقليمية، تُحسب للمشهد الليبي بشكل عام، كقرار الدكتور إبراهيم أبو ذكري رئيس الاتحاد العام للمنتجين العرب، الذي تمَّ من خلاله تعيين الفنان الليبي عزالدين عبدالكريم نائبًا لرئيس مجلس الإدارة لشؤون شمال أفريقيا، نظرًا لمجهودات عبد الكريم المتواصلة في الاتحاد، الأمر الذي كان واضحًا جدًّا وأسهم في إنجاح الدورتين الأولى والثانية لمونديال القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
تراث ليبيا في فنلندا
الحراك الثقافي والفني الليبي تجاوز العالم العربي ليصل إلى أوروبا، إذ شارك عددٌ من الفنانين التشكيليين ومصوِّري الفوتوغراف في المهرجان الدولي للتراث الليبي في فنلندا الذي نظَّمته جمعية «البيت الأصيل» الليبية و«الجمعية العربية الثقافية» في فنلندا، الذي تحصَّلت فيه التشكيلية عائشة معتوق على الترتيب الأول، بينما تحصَّل الفنانان عبدالقادر عثمان عبد القادر على الترتيب الثاني وعبد الرحمن بلامة على الترتيب الثالث.