حوارات

عبدالباسط أبوبكر: على القصيدة أن تواجه الرصاص

حاوره: محمد الأصفر

عن منشورات وزارة الثقافة والمجتمع المدني صدر ديوان “خارج الحبر” للشاعر عبدالباسط أبوبكر محمد، وهو الديوان الثالث في رصيد الشاعر بعد “في متناول القلب”، 2005 و”أوقات خارج الوقت”، 2008 م. توقف طويل ولحظة تريث لا بأس بها، عاشها الشاعر قبل أن يدفع بديوان ثالث للمطبعة، قضاها في القراءة والعمل الصحفي والرحلات الثقافية التي تلاحق قصيدة النثر أينما كانت بمناسبة صدور خارج الحبر التقته بوابة الوسط في هذا الحوار:

الشاعر عبدالباسط أبوبكر
الشاعر عبدالباسط أبوبكر

ما قصتك مع الخروج “خارج الوقت”.. “خارج الحبر” وربما حتى خارج التغطية؟
“خارج الحبر” مجموعة كتبت خلال الفترة (من 2001 إلى 2003، وكتبتها بروح القصد، معتمدًا على قراءاتي المتنوعة، وركنت فيها إلى منجز القصيدة الحديثة، مقتربًا كثيرًا من نسق قصيدة “الهايكو” أو “قصيدة الومضة”، لكنها فيها الكثير من روحي القلق، وارتباكي الواضح، والكثير من مورث وظف بشكل فني غير مباشر.

الكتاب الأخير هو ظل لقصائدي، كتب متجاورًا مع ديواني “مشارف الآن” و”الوقت جهة خامسة” وهما ديوانان جاهزان للطباعة.
“خارج الحبر”، هامش للقصائد التي كتبت في تلك الفترة. أعليت فيه من موضوع البحث عن الفكرة والقصيدة والألفاظ والبياض، كل هذا متجاورًا مع “هي” التي تُكمل كل هذا وتواكبه بطريقٍ أو أخرى.

رغم نشاطك في الصحافة الثقافية وكتابتك للمقالة الأدبية وتناولك أحيانًا للنقد، إلا أنك لم تصدر إلا مجموعات معدودة وقياسًا بالزمن الذي استغرقته تجربتك يعتبر إنتاجك ضئيلاً بالقياس إلى بعض الشعراء الآخرين من أبناء جيلك؟
أكتب بشكل يومي، ولي كومة كبيرة من القصاصات تشكل أكثر من ديوان، أعتمد على تكرير القصيدة إذا صح المصطلح، معتمدًا على أن النص يشكل مرحلة ويحتوي الكثير من الدلالات، لا أحب النصوص المستنسخة عن النص الأساسي والذي أفرد له الكثير من العناية قبل نشره.
وعمومًا لدي الآن أكثر من مجموعة حالت الظروف دون طباعتها.

الكتابة في زمن يعلو فيه الرصاص، وينهض فيه الخراب مقابل كل شيء جميل، هل ترى الكتابة مجدية في هذا الوقت، وبالأخص في ليبيا. الكتابة مهمة خلال هذه اللحظات التي تمر بها ليبيا، على القصيدة أن تواجه الرصاص، وثقافة الدمار والجهوية والأحقاد.

الكتابة ضرورة أكثر من أي وقت آخر، على الكاتب أن ينهض بالجمال مقابل كل العقول الضيقة، ليفرد للحلم والرجاء مساحاته الحقيقية.
على مستوى المشاركات الشعرية العربية، يظل نصك مطروح بشكلٍ كبير، حيث شاركت في الملتقى الأول لقصيدة النثر (مصر 010)، وتم تكريم

ضمن أفضل مئة شاعر عربي عام 2013 في تونس، وأخيرًا اختيارك ضمن ديوان “أعجبني عام 2014” في الجزائر، ماذا أفادتك هذه المشاركات والدفعات المعنوية المهمة؟!
هذا المشاركات جعلتني أقترب من الكثير من التجارب العربية، الاحتكاك جعلنا أكثر قربًا من بعض التجارب وبالتالي مقارنة تجربتنا مع تجارب الآخرين، أظهرت هذه المشاركات أيضًا مدى قدرة النص الليبي على الوصول إلى مساحات أخرى خارج الحدود، وأعترف أن النص الليبي قبل ظهور شبكة الإنترنت يختلف عن النص قبلها.

الكتابة اليومية على “فيس بوك” أو “تويتر” مساحة واسعة للكتابة وتقليب الأفكار والانفتاح على الآخر إذا تم الاستفادة منها بطريقة مناسبة.

أستهل يومي دائمًا بمطالعة سريعة على ما كتبه الأصدقاء وبالأخص الشعراء، هناك فرصة كبيرة للالتقاء ومناقشة الكثير من الأفكار، هذه النقاشات جعلت الكثير من الأفكار الصغيرة أفكار كبيرة تمثّلت في قصائد ومقالات، بل وكتب ودواوين أيضًا.

صفحتي على فيس، هي مسودة لكتابة يومية كانت حبيسة القصاصات، واستفيدُ كثيرًا من ملاحظات الأصدقاء والشعراء، مع خاصية الانفتاح الكبير على تجارب الغير.

رغم أنك تعيش في منطقة الجبل الأخضر، إلا أنّ كل قصائدك لا تمس الطبيعة وما بها كما يفعل القاص أحمد يوسف عقيلة ودائمًا قصيدتك تهتم باليومي والذات ولا تعر المكان اهتمامًا كبيرًا؟
هناك سؤال ملح ومقلق، أين يمكن للشعر أن يجد قصيدته، هذا البحث عن القصيدة ببصمة ليبية سؤال يلح على أذهان الكثيرين من الشعراء في ليبيا.
هناك من يقول: نصك خالٍ من أية مؤثرات تراثية أو مكانية، وبالأخص أنك قارئ جيد، ومنفتح على تجارب الغير، والبعض الآخر يقول لي: (إن مؤثرات التراث تظهر في الإيقاع واختزال المعني في كلمات قليلة متناغمًا مع “غناوة العلم” وما تحمله من قوة الإيجار وقوة الإيقاع. أحاول أن اختزل المكان الغني بالكثير في قصيدة، وابتعد عن بعض مباشرة أحمد يوسف عقيلة وبالأخص في القصص التي تقوم على حادثة أو قصة طريفة.

العملية أنها إعادة توظيف هذا التراث بجزئيات كثيرة، دون التماس المباشر معه، التواصل معه بشفافية دون السقوط في إبهاره بالكامل.

كتابي الأخير (جغرافيا الروح) يحاول أن يشكل المكان من خلال التوصل معه نثرًا وشعرًا من خلال تلمس هذا الأفق المهم في حياة أي مبدع.

بينما تتّجه نصوصي الأخيرة لتتلمس المكان بشكل عام ليبيا والمكان الذي أقطنه، الجبل الأخضر، ونصوصي الأخيرة على صفحتي على فيس تتضمّن هذه النصوص.

ما الذي لفت انتباهك خلال السنوات الأخيرة في الشعراء الشباب؟
هناك العديد من التجارب المُبشرة، وهناك الكثير من الأصوات التي تكتب بحماس كبير، وأجد أنّ كثيرًا من كتاب “فيس بوك” أقرب لي من مثقفين أخذوا مكانة القديس في الثقافة الليبية، وأصبحت تجربتهم تكرارًا مملاً وفجًا.

فيس بوك اختبار حقيقي للجميع، اعترف أنه لا يخلو من مجاملات، لكنه ببعض الضوابط القاسية سيكون ورشة عمل كبيرة للمبدع الحقيقي.

______________________________

نشر بموقع بوابة الوسط

مقالات ذات علاقة

سونيا الفرجاني … تُشفيك اللغة عبر شفتيِّ القصيدة

مهند سليمان

الروائي الليبي يوسف إبراهيم: الأدب يفضح ما نحاول إخفاءه

خلود الفلاح

الشاعر: خالد درويش/ المشهد الشعري الليبي، مشهد مكتمل

المشرف العام

اترك تعليق