من أعمال التشكيلية الليبية .. خلود الزوي
طيوب عربية

بؤرة

من أعمال التشكيلية الليبية .. خلود الزوي
من أعمال التشكيلية الليبية .. خلود الزوي

(1)

عندما خلع الليل لباسه، كشف عورة البلدة النائمة. فى الزقاق القديم انتفض الكلب الأجرب وأثار نقعا كثيفا وهرول نحو الصباح، أطلت أم سعدية من نافذتها ذات الستائر الممزقة، لترى أين تبرز الليل،وأين القى قاذوراته؟ لتشعل البلدة بحديث الليل،  شاهدت بهانة الحلبية   تخرج مسرعة، من دار الفتوة الغريب الذى لايعرف له منبت ولايشبه أحد فى حبه للنساء. توارت خلف بابها الذى أرسل صريرا عاليا أوجسها، خلعت ملابس الرزيلة واغتسلت لتثبت طهارتها للصباح الجديد.  ابتسمت ام سعدية لهذا الصيد، على عتبة الدار يرقد هو لقد منعه والده من الدخول حتى يعرف أين قضى ليلته السوداء، مازال صوت نحيبها يخترق الجدران فقد جاء زوجها مخمورا وصفعها رد على سؤالها المكرور أين قضيت الليلة؟. لململت حواء الحاقدة بقايا  القوارير وحطام الكراسي، وطلبت من رجال الليل أن يجمعوا  أبعادهم ويغادروا خمّارتها، فقد تعري الليل وهي تخشى العسعس..الحاج فتح  لم يرفع نداءه لصلاة  الفجر، وُجد يئن  تحت جرح نازف من آلة حادة، اودعها جسده  المختلفون وفروا. لم ينهض الحاكم ليستقبل الصباح الجديد، أصابته نوبة قلبية ، عندما لم يجد زوجته الثانية فى مخدعها للمرة الرابعة، ولايدري أين  تمضى لياليها، عندما يغيب متجولا فى المخادع الأخرى، ولكن حراسها يعلمون! نُكس العلم وأعلن الحداد،كان صباح  البلدة الجديد  مشرقا!

(2)

وان

دنفت الشمس غاربة تاركة لليل مكانها، جمع  العم عبدالجليل بضاعته المفروشة أرضا. وأزاح الحجر الصلد الملتصق بمؤخرته جانبا، وحمل بضاعته الكاسدة متكاسلا، وتدحرج نحو بيته العاري من النوافذ والأبواب. ابتسم لأول مرة فى هذا اليوم عندما استقبله صنبور المياه  الصامت بخريره الدافق، تحرر من  جلبابه الوحيد وسرواله الممزق وغطس فى الماء واغتسل وغسل ملابسه وانتعش.

 نشر ملابسه واختفى تحت غطائه البالي فى ركام حجرته المتهالكة  يحضن  وحدته..يغمض اجفانه  على صورة زوجته الراحلة عند مولد ابنه، المفقود منذ زمن، رفض التجنيد واعتقل..عشرات السنين عبرته وهو في هذا الركام ينتظر…

 سمع خطوات منتظمة قادمة، جعلته يهرول عاريا، نسي نفسه  من فرط سعادته فقد رأى طيفا يحاكي ابنه فى هيئته..قفز نحوه  يحتضنه، سقط على الأرض بقسوة.. استعاد يقظته رأى نفسه يحضن جلبابه المنشور والريح تعصف.

سعاد محمود الأمين

مقالات ذات علاقة

القمر عيناه إلى النهر!*

إشبيليا الجبوري (العراق)

هل العزلة ثقافة أتصال أم انفصال؟ (0 ـ 7)

إشبيليا الجبوري (العراق)

شيء عن السخرية والساخرين

فراس حج محمد (فلسطين)

اترك تعليق