كتاب تقاليد الرواية العربية.
طيوب النص

قراءة في الرواية الليبية.. من كتاب أكسفورد «تقاليد الرواية العربية» (6/7)

بوابة الوسط :: محمد عقيلة العمامي

تنشر «الوسط» الجزء السادس من ترجمة الفصل السابع عشر من كتاب «جامعة أكسفورد» بعنوان «تقاليد الرواية العربية» لوائل حسن، وهو الفصل الخاص بالرواية الليبية، الذي حرره الدكتور علي عبداللطيف إحميدة، ويترجمه محمد عقيلة العمامي.

رزان نعيم المغربي (مواليد 1961)

الشاعرة: رزان المغربي
الشاعرة والقاصة.. رزان المغربي

وهي روائية مختلفة الأسلوب والخلفية أيضاً، غادر جدها ليبيا سنة 1931، على إثر استشهاد نصف مليون من أبناء وطنه وسقوط المقاومة الليبية، واحتلال إيطاليا لترابها. في ذلك الوقت فأرغموا أكثر من 100ألف على العيش في المنفي في مصر وسورية وتونس والأردن وتشاد والجزيرة العربية وسورية، حيث ولدت وتزوجت هناك من مواطن سوري. ومن بعد وفاة زوجها، قررت العودة مع ابنتها إلى طرابلس في بداية السبعينات. أعمالها تعكس أسلوب أولئك الكتاب الليبيين الذين عاشوا في المنفي وكتبوا في الشأن الليبي، مثل: عبد الله ويوسف القويري، وعلى مصطفى المصراتي، ورباب أدهم، وصبرية ونادرة العويتي، وآخرين عادوا إلى ليبيا من بعد الاستقلال.

السيدة رزان المغربي كتبت ست مجموعات قصصية قصيرة وروايتين: (الهجرة إلى مدار الجدي 2004) و(نساء الريح (2011). الرواية الأولى هي سيرتها الذاتية، وتغطي الفترة الزمنية التي تفصل بينها هجرة جدها إلى سورية خلال فترة الاستعمار، إلى عصر القومية العربية والناصرية، ثم تأسيس وقيام الجمهورية العربية المتحدة العام 1958 ونهايتها في1961، وصولاً إلى الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003. حبكة الرواية تعكس التناقضات، والتشتت ما بين الآمال والأحلام والهزيمة، وخيبة الأمل، والاغتراب، وتستكشف تأثير هذه التغيرات الاجتماعية والسياسية على عائلتها، حياتها في دمشق، زواجها من أدهم وموته وانتقالها إلى طرابلس حيث وقعت في حب رجل ليبي اسمه عمر.

تقدم الراوية ناشطاً قديماً صادقاً وشريفاً اسمه عبدالرحمن كان منفياً من مصر إلى ليبيا، وتقدم من خلاله وجهة نظر تتناول نقداً لمشروع الوحدة بين مصر وسورية وفشلها العام 1961. لغة الرواية شاعرية، وأنيقة، تعكس باقتدار الشغف الليبي بالشعر الشعبي.

أما الرواية الثانية فهي أكثر صقلاً ونقاء، تُركز موضوعها على النساء اللواتي عليهن المواجهة والتحمل ومواجهة المجتمع الذكوري وتسخير الجنس في معاركهن، فضلاً عن عذابات الاغتراب.

نجوى بن شيتوان (مواليد 1968)

الكاتبة نجوى بن شتوان
الكاتبة نجوى بن شتوان

شاعرة، وكاتبة قصة قصيرة وكتبت أيضاً للمسرح. أول رواياتها، (وابر الأحصنة (2003 ) وهي سيرة ذاتية، تبين من خلالها نضال أنثى ناضجة، والضغوط لتتوافق مع ما تريده من الأسرة على الرغم من مركزها الثانوي من بعد إخوانها، على الرغم من حصولها على تعليم جيد. السرد هو في آن واحد خفي، رمزي، وقوي حد الذكاء. وظفت فيه المصطلحات التعبيرية العربية والثقافية والأمثال فواصل الفاري ممتعاً ومنعشاً. والرواية تعد كرسالة مفتوحة تقول إنه على الرغم من التقدم الكبير بالنسبة للمرأة الليبية في مجال التعليم والوظائف، إلاّ أنها ما زالت تواجه عدم المساواة بين الجنسين داخل عائلة الواحدة.

وفاء البوعيسي من مواليد (1973)

وهي الرواية الليبية الأكثر جراءة. ولقد اجتازت المرحلة الجامعية من دراسة القانون ونالت شهادة الماجستير من جامعة قاريونس في بنغازي، وأصبحت محامية وناشطة في مجال حقوق المرأة. روايتها الأولى (للجوع وجوه أخرى 2009)، أثارت في ليبيا الكثير من الجدل بسبب نقدها لثلاث محرمات: الدين والجنس والأوضاع القائمة. تحديها لم يكن للوضع المرأة التقليدي في المجتمع الليبي فقط، ولكن أيضاً للإسلام نفسه، لدرجة أن المحافظين من الشيوخ في بنغازي أعلنوا أنها مارقة، فخافت على سلامتها، وانزعج نظام القذافي من الجدل العام بشأنها فأرسلها إلى هولندا، حيث فضلت السياسية وﻟﻢ تعد إﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ.

الكاتبة وفاء البوعيسي
الكاتبة وفاء البوعيسي

الرواية تتناول معضلة فتاة ليبية شابة، كانت عالقة في مصر خلال الأزمة السياسية التي نتجت عن زيارة أنور السادات لإسرائيل التي نتج عنها اتفاقية كامب ديفيد، سنة 1979، والتي على إثرها قطعت ليبيا علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، ولم يعد بمقدور الليبيين دخول مصر. الآلاف من الليبيين الذين كانوا متزوجين من مصريات، وأطفال هذه الزيجات، منعوا من زيارة عائلاتهم. هذه الشابة والدتها من الإسكندرية، أما والدها ليبي الجنسية. هذه الفتاة لم تتمكن من العودة إلى ليبيا، وفرض عليها البقاء من خالها المفرط في تناول الكحول، الذي مزق جواز سفرها الليبي، لأنه أرادها أن تكون مصرية.

وعندما ماتت (اعتماد) زوجة خالها وتزوج من امرأة سيئة تدعى نجلاء، لم يمكن بمقدور الفتاة أن تعيش معها، لأنها كانت كزوجة الأب الشريرة، لم تُحرم المرأة الشابة من والديها في بنغازي فقط، بل حُرمت أيضاً من الطعام والرعاية والحب إلى أن تعرفت على عائلة قبطية حنت عليها، ورافقتهم إلى كنيستهم ولم يطل الأمر حتى اعتنقت المسيحية. ولأنها مراهقة وحيدة، ويائسة، تنجرف نحو الخمر والحشيش، والعلاقات الجنسية. وبعد اغتيال السادات في العام 1980 واستئناف العلاقات الليبية – المصرية، يأتي والدها إلى مصر، ويعود بها إلى ليبيا، ونكتشف أن عائلتها محافظة وصارمة، وهي لم تعد جائعة لكنها تصبح غريبة في وطنها وبائسة. عندما يرتبون لها زواجاً تقليدياً ترفضه، وتصّر على الزواج من شاب تونسي أحبته. تتوالى أحداث الرواية، منفجرة بالكثير من التناقضات والمحرمات جراء تركها الإسلام، تتعاطى المخدرات والخمر، وتتزوج من شخص ليس ليبياً، ومن طبقة اجتماعية أدنى من طبقتها. عنوان الرواية لا يشير فقط إلى الجوع المادي، ولكن أيضاً إلى جوع للحرية وللاختيارات. لغة الرواية جريئة وتصادمية أكثر قوة مما نقرأ من أية روايات الليبية الأخرى.

مقالات ذات علاقة

وهّابة الشمس

عبدالسلام سنان

أمي لا تقارن بأحد

سعاد الجروشي

امرأة ترقص على معزوفة البحر

المشرف العام

اترك تعليق