حاورته: خلود الفلاح
فتحي بن عيسى صحفي ومؤسس مكتبة الكون في القاهرة التي تأسست في 31ـ أكتوبرـ2019، تنظم المكتبة صالونا ثقافيا في القاهرة أول سبت من كل شهر، فنظمت في فبراير الماضي ندوة حول كتاب (مفتي ليبيا الشيخ عبد الرحمن القلهود)، وفي مارس الماضي نظمت ندوة حول كتاب (أساسيات انتاج الدراما التلفزيونية)، ثم توقف الصالون بسبب جائحة كورونا. اتجهت مكتبة الكون في الفترة الأخيرة للنشر. فكان السؤال. ما الذي سيضاف للكتاب الليبي في ظل النزاع الدائر اليوم.
في هذا الحوار يتحدث الصحفي فتحي بن عيسى عن ظروف إنشاء المكتبة والكتاب الليبي والرقابة والتوزيع.
الحرب والكتاب
ينطلق مؤسس مكتبة الكون الليبية في القاهرة الصحفي فتحي بن عيسى من فكرة سد الفراغ وأن تكون هذه المكتبة حلقة وصل بين الناشر والمؤلف الليبي وقارئ العربية خارج ليبيا، وجاء اختيار القاهرة كونها عاصمة للكتاب العربي، وما يحتاجه هذا التواصل من خدمات لوجستية كالشحن والبيع والشراء عبر قنوات رسمية قانونية، وهذا ما توفره القاهرة، ويلفت بن عيسى النسبة الأكبر من محتويات المكتبة هي اصدارات ليبية أو تتحدث عن ليبيا، حتى باتت المكتبة تعرف بأنها معرض دائم للكتاب الليبي في القاهرة. مستطردا ” أن ما تمر به ليبيا من أزمات ومدلهمات، جعلت دور الثقافة كمؤسسة رسمية يتراجع، وينحصر، فلا ميزانيات، ولا خطط تنموية للقطاع، لا صوت يعلو على صوت الرصاص والقتل والدمار.”
يقول فتحي بن عيسى أن مكتبة الكون اسمها عنوانها ودليلها، فالكون يعني الاتساع، التنوع، وحتى الاختلاف والتضاد، لهذا المكتبة تضم كل أجناس التأليف والاصدارات، نؤمن أن الفكرة لا يمكن أن تقارعها إلا فكرة أخرى، وأن الحجب يوفر بيئة خصبة لنمو الأفكار التي ندعي أنها هدامة ونريد منعها. يفضل رواد المكتبة الاصدارات التاريخية، الروايات، كتب الأنساب والمذكرات الشخصية.
ويأتي ضمن استراتيجية المكتبة منح ما يعرف بقلادة الكون والتي هي تعبير وامتنان من المكتبة تمنح بشكل شهري لشخصية أو مؤسسة قدمت خدمة جليلة في المجال الثقافي عموما والكتاب خصوصا، فقد تم منحها للشاعر رامز النويصري، والأستاذة فوزية أبو القاسم البوسيفي. يأتي هذا ضمن خطط المكتبة للتعريف بالمبدع الليبي داخليا وخارجيا. ودعمه ولو معنويا وهذا جهد المقل. بحسب بن عيسى.
ونسأله عن المعايير التي تعتمدها دار ومكتبة الكون للنشر؟ وهل يتم النشر وفق ذائقته كناشر ومثقف ام وفق ذائقة سوق الكتاب؟ فيقول “المعيار الوحيد أن يضيف الكتاب المراد نشره قيمة مضافة للمكتبة الليبية خصوصا والعربية والإنسانية عموما، أن يحمل فكراً ورسالة وهدفاً، لا نهتم بمعيار (تذاكر الشباك) بقدر اهتمامي بجودة الإصدار ونوعيته، فهذه الإصدارات هي التي ستخلدها الإنسانية. أفخر أن كتب الكون تحمل مضامين فكرية ورسائل وأبعاد إنسانية خالدة.
أصدرنا رواية (خليفة النمرود) للروائي الشاب فتحي مسعود. ونقوم بتجهيز عدة اصدارات سنعلن عنها تباعا، أرجو أن تشكل قيمة مضافة لمكتبة الكون بمعناها الحرفي.”
ويؤكد ضيفنا أن المكتبة بدأت في تفعيل خدمة الطباعة عن بعد وهذا ما حدث مع رواية (خليفة النمروذ)، والمجموعة القصصية (حكاية مشط) للقاصة هدى القرقني، وديوان (صديقة الشيطان) للشاعرة هناء المريض.
النشر الإلكتروني
يرى الصحفي فتحي بن عيسى أن النشر الالكتروني سيحل مشاكل الرقابة والتوزيع بشكل كبير جدا. وبما أن صناعة الكتاب اليوم تشكل مسئولية فمن الضروري مناقشة كل الأفكار. مؤمنا أن الفكر الذي لا يناقش ويتم قمعه ينمو ويشتد عوده.
ويضيف: “إذا آمنا بأن الانسان هو أساس أي نهضة وتقدم، عندها فقط يمكن القول إن صناعة الكتاب مشروع استثماري مربح. لدينا قارئ عربي تواق للمعرفة، لكنه مكبل بقلة ذات اليد تارة، وتدخل الأجهزة الرقابية تارة أخرى.”
أوضح ضيفنا أن الكتاب الليبي تأثر بالظروف الراهنة التي تعاني منها البلاد، حيث وصل الأمر أن العنوان المسموح به في منطقة ما مرفوض في أخرى، بل المسموح في بلدية غير مجاز في بلدية أخرى رغم أن كلاهما في مدينة واحدة. أيضا الاستقطاب وما تبعه من تأويلات منافية للمنطق والعقل. في زمن الفوضى لا مكان سوى للخطوط الحمراء الداكنة والباهتة، النشر مجازفة اليوم، والناشر والمؤلف كلاهما مقاتلان في معركة الوعي، لكل منا دور وواجب عليه أن يؤديه. وبالمناسبة رواية (خليفة النمروذ) تدور أحداثها في أحد مستشفيات بريطانيا. تحاول الاجابة عن سؤال طالما حير الناس ولا يزال، من يحكم العالم؟ ويتحكم فيه.
لا يتفق ضيفنا مع الرأي الذي يقول إن المبدع الليبي يبحث دائما عن دور نشر عربية، ويضيف:” كثير من الكتاب الليبي فضلوا النشر عن طريق مكتبة الكون رغم علاقاتهم بمكتبات عربية، ما يبحث عنه الكاتب الليبي ناشر يفهمه، ويقدر ابداعه، ويهتم بتسويق كتبه والترويج لها.”