عن الطرق
عندما تنتهي
لا يهم إن تشتت الطرق
وبقيت الساحة والعمارة العالية.
عن الدائرة
من خبث الدائرة أنها تسقط
كما تسقط ثمرة من أعلى الشجرة.
من خبث الدائرة أنها في مكانها
وهي تنزل المنحدرات المتعرجة،
عمياء كالليل،
بصيرة كالحدأة.
من خبث الدائرة
تمتلأ بالفرح
كما يمتلأ البئر بالماء.
عن الفتى إقليدس 325 – 265 ق.م
1
خطوطٌ في الهواء مدّها وأسقطَ سلالم السكينة على الأرض.
قالت عنه امرأةٌ بالمدينة:
هذا ولدٌ خطفته جنياتُ النيل وسقته بغايا المعبد خمرتهنَّ المعتّقة. ترفقوا به إن قابلكم يلوّح بيده في الهواء، أو نائماً على عتبات بحر الاسكندرية، لا تشوشوا عليه أغنياته وفوق هذا وذاك، لا تلتقطوا ما يتساقط من أعداد تحت قدميه.
الأعداد حجارة وديان تحلم بالماء.
الكون درجة وعدد. ثم استراح فيثاغورس في سريره مسرورا.
النيل للمصريين كالسبعة للخمسة.
2.1
ما لا يغطيه ثوب كامل، عارٍ.
ما لا يعبر عليه عدد كاملٌ، أصم.
أمثلة:
تفاحتان، ثلاثة رجال، خمس دجاجات، ست فراشات ذهبية، سبعة شجرات توت، ثمانية ألوية غازية وعشر قصائد كونية.
2.2
حفاظاً على ديمومة الكون، على توازن الطائر الطنّان، من أعلى البحار، الذي افشى السرّ، قذفته أيدي حرّاس الأعداد الصمّاء.
الفضاء سلة السرّ وما هناك سيبقى هناك وما هنا سيبقى هنا.
2.3
الاستقامة مسافة وبعد.
الاستقامة تبدأ بنقطة ما خارج الاستقامة.
المستقيم لا يعرّف.
الحقيقة منحنية
الواقع مقوّس
والفلسفة تلهث عطشانة للفودكا.
مَنْ يجد الباب يجد البيت.
لكنك لن تجد الباب ولن تجد البيت.
2.4
لأكثر من ألفي عامٍ الجميع رأوهم أزواجاً أزواجاً.
2.5
الغابة قالت مرّ بي فردٌ كاملٌ أو لعله لم يمرّ شيءٌ!!
2.6
في الفراغ تخونك الأعداد الغفيرة.
2.6
التكرار طريقٌ مسدودٌ
التكرار صحبة دنان النبيذ لا يتوقف إلا ليستريح.
النقطة فارغة.
الخطُّ طول فارغ.
الحدُّ، جانبٌ لشيء. الحدُّ لا يعرّى.
الشكلُ، بيت الحدود.
دائرةُ الطائر شجرةٌ وبُعدٌ.
2.7
السنّ في فم القنفذ
السنّ في فم الأسد
السنُّ على ظهر الضبع الميّتِ
السنُّ في مقلاة الطاهية الماهرة.
فرضية 1
إلى الكأس أخذتْ النارُ الحاميةُ الرملَ.
إلى العنب أخذتْ الشمسُ والأملاحُ الإلتفاتةَ الخجلى.
إلى السُكْرِ أخذتْ البهجةُ الشاعرَ والمغنيةُ الراقصَ.
فرضية 2
وبيننا هواءٌ وشجٌر وحُروبٌ.
وبيننا جبالٌ وأنهارٌ وسُحبٌ.
وبيننا قلاعٌ وأعلامٌ ومقابرٌ.
وبيننا أسرّةٌ تصطكُّ أرجلُها وأسواقٌ وأغاني.
وبيننا كلامٌ فصيحٌ وكلامٌ معجمٌ ونومٌ ويقظةٌ.
فرضية 3
الوقوفُ على رأس التلّ معرفة بالغيوم.
الوقوفُ على رأس النهر معرفة بالصمت.
الوقوفُ على رأس البحر مكانٌ خاصٌ للصدّيقين.
فرضية 4
يدور الكلامُ على نفسه كثور الطاحونة.
يتساقط الشعير في الكيس
كتساقط صوت الماء في أذن الثور.
فرضية 5
قرص الشمس
أبيضَ مرتعشاً ساخناً يراه العرّاف من نافذته الضيقة.
فرضية 6
النقصانُ ككيس رملٍ مثقوب،
تخدعك قلّةُ قمّته وتخدعك كثرةُ أرضه.
لك أن تتمسّكَ بخديعتكَ
أو بنقصانٍ لا تعلمَ قّلته من كثرته.
نقصانٌ حولك ولا تراه.
فرضية 7
إن كوّرتَ يديكَ حصلتَ على
ثقبين،
كُرتين،
مطرقتين،
جَملين ينوآن بحمليهما،
تابوتاً
لكلامٍ ميّت.
فرضية 8
يمينكَ يأخذ من شمالك
ما أخذ من يمينك.
لا نقصان ولا زيادة،
يأتي الحقل على أعتاب
صاحب المكْس ومُحصِّل الضرائب.
فرضية 9
صاحب التوت يُقسّم يومَه:
في النهار توتٌ أبيض وفي الليل توتٌ أسود.
ولا يحلم إلا بخمرة التوت عاريةً مفتوحة الفخذين.
فرضية 10
القفز من المنحدر الضيّق قفزٌ غير واثق،
يخلو من متعة السكينة وخصومة الثعالب.
عن الفتى أرخميديس 287-212 ق. م
1
“قتله أحدُ جنودي.”
قال الجنرال مارسيلوس.
وقيل:
مات في عمر الثالثة والسبعين وهو يحلّق في الفراغ بعدةٍ من خطوطٍ مستقيمةٍ ومنحنية.
حدّقَ الناسُ في عريه وهو يصيح:
وجدتهاـ وجدتها.
وكان هو يحدّقُ في عري المرآة.
2
الشكلُ على الرمل لم يكتمل
الحياة اكتملت في سيف الجندي الغاضب.
أيّ الأشكال سيرسمها دم عالم الرياضيات؟
أيّ أرواح نجت من آلتك يا قائد الجيشين؟
3
لأني خباتُ مفتاح الكُرة،
الحلقةَ والمستقيمَ تحت حجر الفراغ،
لا أحد يسرقُ هوى أصابعي.
4
هكذا تبدأ الأمور:
الصباحات الصافية
الصباحات التي يسير الناس فيها سريعاً
الصباحات بنكهات الربيع
الصباحات المغلقة على نفسها
الصباحات المتردّدة في عبور الشارع.
السموات البعيدة
السموات القريبة
السموات الكسولة
السموات في الثكنات العسكرية.
البحار كما هي.
الأرض كما هي.
الرجل كما هو.
المرأة كما هي.
بقية الكائنات
بقية الجمادات
بَعْدَ كَمْ من الأعداد ستنتهي الأسماء؟
5
قال الحاكم وهو يتثاءب:
أيّهما اكثر في ميزان الحساب
حبّات رمال أركنو
أم
كلام الناس في مدن الشمال؟
قال الشاعر:
أيّهما أكثر في ميزان الشجن
صفير الرمال الشتوي
أم
غناء النساء في الليالي الطويلة؟
قال دليل القافلة:
أيّهما أكثر في ميزان المسافات
وطأة أخفاف الإبل على الرمال
أم
أحلام المسافرين الميتين؟
عن الفتى ديوفانتس الأسكندراني القرن الثالث الميلادي
لا علامة للنقصان ولا علامة للتكرار ولا علامة للزيادة.
النقصان طلب ورغبة.
الزيادة قدومٌ واتيان.
التكرار لاشي، لا شيء.
عن الفتى رينيه ديكارت 1596- 1650
وانهارَ كثيبُ الأسئلة!
كلّما صعدتُ كلّما صار المكان أضيقَ والفضاء أرحب.
1
ما أبغي؟
مطرقةٌ وسندانٌ.
كلامٌ مستقيمٌ وكلام ملتوٍ على نفسه.
الاستمرار أحياناً كالسفر على ظهر حلزون.
2
سأجدُ مفتاح كلّ الأقفال.
سأجد الخطوات كبيرها وصغيرها
على طاولتي في الصباح الاستثنائي.
3
حذار من زهرة الصبّار.
اقترب منها قبل أن يهرب الندى مع حاشية الليل.
سهلٌ وصفُ زهرةِ الصبّار
صعبٌ إدارة الحديث مع زهرة الصبّار.
4
بأيّ لغة تفكّر ُ نحلة الربيع؟
5
نسيتُ إلى أين كانت تمضي الرغبات ذات القميص الأزرق!!
عن الفتى اسحاق نيوتن 1642 – 1727 م
ربطتْهُ السماء بخيط من نور.
صار يفكّر كيف يعيد النور إلى النور.
الطريق من الرياضيات إلى الإلهيات تقوده العتمة الكثيفة.
عن الفتى عاشور الطويبي 1952 –
1
هذا ما جاء في النقش:
الكثبان الرملية بنات الريح الجنوبية.
بيتُ العناكب صغير على سفينة النجاة.
هذا واديكم رشيقٌ كمتسلقِ نخيل.
الراقص يسأل الناس عن إيقاعه المسروق.
موقد الرحالة ورمادهم لم يبرد بعد.
اقتربي أكثر أيتها العيس العطشى.
من نهديها يسيل نهر الكوثر.
بلا سهام مسمومة،
بلا صيحات المعارك
يخرج الفارس إلى الميدان.
لها في بئرها قلادة وضحكات، اجتنبوها.
السِرُّ في الرأس والجنّةُ في الحوض الكبير.
مُدَّ يديكَ ونم على حكاية الغريب.
لقد دخلتْ الأنعام في المصيدة الحجرية.
2
ترفّقْ بي وأنا أنزل المنحدر.
يدٌ تحملُ إبريق ليلي
ويدٌ يتدلّى منها سيفي المثلوم.
3
ارتجافة وراء ارتجافة
مخيلةُ الشاعر
على حبْل الكون.
4
أختار
أن أنزع قشرة السكينة
أو
أرشَّ على سريري ماء الخيبة.
5
الهواء خاصرة الزهرة
و المدى بحر.
6
حرّكْ قدميكَ يا راقصُ.
الأرضُ يبابُ
والشواهدُ تُغربَلُ هناك
بين
جبل أصمّ
و
رابية تسيلُ منها الشهقات.
7
العين
حوتةٌ
وكفُّ
سال دمها
على قطيفة الأماني.
8
بمغرفتي ألتقطُ
الرياح وهي عاريةً
النومَ في تيهه
والنساءَ الجميلات
في مقاهي المدينة.
9
تغيير في البوصلة فقط.
تعرضُ أحلامي في النشرة الرسمية.
10
عليّ أن أنعطفَ
وأؤجّلَ شهواتي
حتى
أصلَ البحر.
11
من طبيعة الثعابين طلب الظلّ.
من طبيعة الثعابين سلوك الدروب الضيّقة.
فتحت المصيدة بابها للتائهين.
12
تحت قدم المنحدر بنيتُ بيتي.
وضعتُ في المطبخ قنينة ماء، موقداً حجرياً، تفاحاً، شاي سيريلانكي.
وفي غرفة نومي، سريراً من خشب بلّوط، ستائر حمراء من دمشق، ووسائد من بلاد الهند.
لكني حتى الساعة لم أجد ما أضع في الشرفة غير إناء ماءٍ للقططِ العابرة.
13
بين صخرةٍ وصخرةٍ
وقفَ التيسُ مترقباً،
نامت العجول الصغيرة
رفع الراعي يديه مرحّباً بالضيوف
ألقَتْ العجوز تبناً طريّاً أمام الثور الهائج.
14
لم ينم الذئبُ الحارسُ.
كانت النار موقدة والأرض بعيدة.
كان لا يعلمُ تقلّب الرغبات تحته
وكان لا يعلمُ أنّ البابَ بداية الغياب.
15
في مروحةِ المرأة الحامل
زفير البحار وغرغرة السحب.
16
إلى وسط السّاحة يذهب الطائرُ
فرح بفستانه الطويل
وبحناء القدمين.
17
للطائر سنبلة الحقل
وللقردِ الأطرشِ خُمار الصباح.
18
بنادقهم فوق الأكتاف.
قبّعاتهم بيضاء كبيرة تتدلّى منها حبّات عقيق نقيّ.
عازف الناي المزدوج يسبقهم إلى ساحة السوق.
محافظ المدينة في يده عصا السلطة يقفُ وحيداً تحت عريشة العنب.
19
لقد اسميتُكَ مُشعلَ النيران
وأنت أسميتُكَ خازن الدموع
وأنتِ عاجنة الليل
وأنتِ راعية البحر والوديان
لا تتعاركوا فعندي لكلّ واحدٍ منكم اسماً ونقشاً على الكتف الأيسر.
20
لم نجد شيئاً نتركُ عليه بصماتنا غير الحجر.
21
عليّ بذل جهد أكبر لأقرأ هذا النقش الباهت قبل غروب الشمس وقبل أن تتصلّب عضلات ظهري.
الصيّاد بيديه يقلّب الأسماك على بطنها في الماء.
الصيّاد فخورٌ بشعره الطويل.
الصيّاد لضحالة الماء يأتي راكباً خشبة من تلال البقرة السمينة.
نقش اليد الممدودة الأصابع توضع على مبنى لحانة أو لعبة ميسر.
أولئك المشدودون على الأعمدة أسرى الحرب الماضية، عافتهم النسور.
كلمات غير واضحة
الراقص الماهر لا يخلع برقعه إلا في ليلة البدر الكامل وبعد نوم الفتيات الصغيرات.
هلمّوا إليّ يا بنات الغابات وأولاد السور الطويل، أنا قنطرتكم إلى الفرح.
كلمات غير واضحة
كسر .
انتهى
22
البحر لم يتعرّف على الأقدام وهي تقف على عتبة بابه,
من الرائحة عرف أن امرأة كانت تقودهم وأنّ الريح الشمالية رفعت مئزر الحاجب.
حين مدّ البحر يده لامس الألم في الوجوه.
حافظَ بقدرٍ على سكينته وأمر مياهه أنْ ترجع إلى منامة السلاحف.
قبل أن ينام على أغنيتهم الحزينة تابع ببطءٍ بالغٍ صعودَ الطائر..
استمع إلى صالح عبد الحي يغني بحرقة: يكون في علمك أنا مش فاضي.
وما تبقى من كأس صديقي الزرقاني أقذف به بعيداً.
23
– كلّ شيء متاح
– وكلّ شيءٍ يُقال بعدد لا يُحصى من الطرق.
– لو أخذتَ قبضةً من الهواء يمكن أن تجدَ:
يد2أ ،
حبوب لقاح،
حبات رمل،
بكتريا،
أنسجة خشبية،
و….إلى ما نهاية من الأشياء.
– لكن هل هذا حقّاً له قيمة؟!!
– لا أعتقد!
– لأنك لن تجد فيه أيّ عاطفة أو وجدان؟
– ألستُ أبالغ في هذه الرومانتيكية الساذجة؟!
– امضِ إلى حيثُ يأخذكَ قلبكَ
ربما تصل !!
24
لكي يكون للماء خريرٌ عليه أن يتدفّقَ أوّلاً.
25
يا حامل الراية، خذ الماء واضربه بمفتاح الوصول.
احسبْ كمْ زنبقةً على درفة النافذة؟
كمْ قهقهةً تنزلق على رخام السّاحة؟
كم جدولاً فتنته رشقات الطير
كمْ وثبةً اطلقتها الأماني في فضاء الروح؟
26
– كيف أعرفه؟
– بمكحلةٍ في يده اليمنى؟
– هل هي المكحلة الطلب؟
– بل العين في الكفّ.
– وإن كثر عدد حاملي المكاحل؟
– استفتِ قلبك.
27
جاء في كتاب الرمل:
الأحايين نارٌ مفتوحةٌ على شفة وردةٍ مشتعلة.
حمرة االزعفران مواءٌ متواصلٌ على وسادة االليل.
فانظر في أيّ الحجرات علّقتْ عاملةُ النزل شمعدان النسيان.
28
النقطة تتنقلُ من بيت الساحر إلى بئر القرية،
عارية من نقطتها وعلى وجهها حمرة الخجل.
هي تسعى للفت انتباه الفارسِ حامل راية الملك.
هي أيضاً تحفظ مائة قصيدة للشاعر الكبير.
ستنتظر أسبوعاً كاملاً ثم تغرق في السبات الشتوي،
فلا تظلموها ولا تعلّقوا عليها الآمال.
29
في كتاب الإنسان، الصراخ فمٌ وبرّيةٌ لا تُحدُّ.
_____________________
نشر بموقع كيكا
