تربعت امرأة أربعينية تميل إلى البدانة على العشب تلتهم رأس زوجها الممدد وتتجاذب الحديث مع شاب يشاركها الأكل مفضلاً أطراف الزوج الطريح .
تجمع آخرون حول جثة فتاة لم تبلغ الحلم ، فيما حاول كهل الهروب والاختباء في أحد الأزقة.
شلّني المشهد ، ولم أعرف سبب هذا الجنون الجماعي . انتبهت إلى أصوات صارخة خلفي ، اجتمع حشد يراقب مدحلة تطحن أجساداً غابت ملامحها .. فيما تكفل آخرون بقطع الأشجار وتحطيم أحواض الورد وتهشيم واجهات المحلات الزجاجية .
مر بجانبي أحدهم ونظر إليّ ملياً ثم ذهب إلى وجهة أخرى . أدركت أنني إن لم أشارك بطقس الجنون هذا فسوف أصبح ضحية لا محالة .
وصدق حدسي ، فقد عاد الذي مرّ بجانبي وخلفه حشد غاضب متجهين صوبي ، أخذت أجري في شوارع مدينة لا أعرفها والحشد خلفي مسلح بالعصي والسكاكين .. ضاقت المسافة بيننا وشعرت بيد تلمس كتفي فسقطت من الرعب في هوّة عميقة .
فتحت عيني فألفيت نفسي في الفراش وبجانبي زوجتي تنام بوداعة .. تنفست بعمق وحمدت الله على أن ما رأيته ليس حقيقياً ، وأنه لا وجه شبه بين ما رأيت والحياة في هذه المدينة .
ولعنت زوجتي ـ في داخلي ـ على وجبة العشاء الدسمة التي أعدتها لي هذه الليلة .