رواية في الأدب الليبي الساخر
-5-
الساعة الآن تقترب من السابعة صباحا، وقد كان هذا التوقيت هو التوقيت الأنسب للانطلاق الي مقر المؤسسة الثقافية الأكثر فاعلية في العاصمة طرابلس، ففي هذه اللحظات فقط، قرر (مصباح) مغادرة المحطة، فبدأ يتلفت يمينا وشمالا مترصدا لمرور سيارة أجرة (تاكسي)، ليقله الي مؤسسة (حي على الثقافة)
…. في هذا الأثناء وفي مقر المؤسسة يصل نائب رئيس المؤسسة هو وسائق الرئيس الي المقر ويهمس للسائق قائلا:
اتفقنا
يرد السائق:
كلام واحد تم
الموضوع
ثم يردف قائلا:
اتفقنا
.. اتفقنا
قالها وهو يهبط من السيارة، ليفتح الباب لنائب الرئيس العازم على انتحال شخصية الرئيس الغائب، ليقوم بكافة المهام.
… ينزل نائب الرئيس (علي) من السيارة حاملا لحقيبة الرئيس، ويمشي ليصل الي مكتب الرئيس.
ثم يجري الرئيس المكلف عدة اتصالات مع رئيس الحرس وصغار الموظفين في المؤسسة وكذلك سكرتيرته الأبرع.
الاتصال الأول:
صباح الخير … معاك (علي) رئيس المؤسسة المكلف.
يرد رئيس الحرس:
نعم أستاذ … تهانينا بالمهمة الجديدة سعادة النائب، أقصد سعادة.. الرئيس.
الرئيس المكلف:
عليك بإبلاغ جميع المستشارين في المؤسسة بأن يأخذوا إجازة، لحين عودة الرئيس من المؤتمر المنعقد بتونس.
رئيس الحرس:
تمام ياريسنا …حنبلغهم، تمام
رئيس المؤسسة المكلف:
نبيك (1) تمنع أي شخص من الدخول إلى مؤسستنا، إلا بعد أن تطلع على كل معلوماته، وما الغرض من زيارته لي، كذلك.
وأضاف:
نبيك لما يدخل ممدوح وفريد وخليل ومالك، ادخلهم عليا مباشرة.
يرد رئيس الحرس:
في الحال ياريسنا
وأقفل (علي) الخط الهاتفي متمتما:
ايوا هكي هو الشغل … الاربعة حنخليهم يتقمصوا دور المستشارين ويتظاهروا قدام (2) الضيوف وزوار المؤسسة.
الاتصال الثاني:
يقوم رئيس المؤسسة المكلف بإجراء مكالمة مع زميلته الموظفة(سحر) والمتناغمة معه في نوعية الأداء الوظيفي، فيعرض عليها الانتقال للعمل معه كسكرتيرة خاصة.
رئيس المؤسسة المكلف:
صباح الخيرات (سحر)
سحر ترد:
صباح الأنوار أستاذ (علي).
رئيس المؤسسة المكلف:
كيف هي أمور الشغل معك.. عساها على ما يرام؟
سحر:
الحمد لله الأمور تكاد تكون على ما يرام، ولكن ما يعكر مزاجي هو عدم قدرتي ايجاد الفرصة السانحة والمناسبة لأبادر بفتح الموضوع أمام الرئيس بشأن رغبتي في نقل عملي الي وحدة العمل الإداري طرفكم، لأن الرئيس يتسم بالجدية المفرطة، وسيرفض فكرة انتقالي من موظفة الي سكرتيرة بجناح مكتبه.
الرئيس المكلف:
يا عزيزتي اعتبري نفسك، وقد انتقلتي للعمل في مكتب الرئيس نفسه، فطالما هو يسافر باستمرار في مهام رسمية خارج البلاد، ولا يمكث كثيرا هنا فلا بأس بانتقالك.
وأضاف بالعامية الليبية الدارجة مقهقها:
موش أنا اللي قعدت الرئيس في المؤسسة. هاهاها
حيث قال بما معناه مقهقها:
الم أقل لك أنني أصبحت رئيسا للمؤسسة؟ هاهاها
وأضاف:
إذن أعتبري نفسك بتشتغلي هنا.
سحر:
الله ايخليك
وأضافت:
أهو الكلام الصح اللي ما يقولاش الا راجل.
الرئيس المكلف ضاحكا:
هاهاها بلاش تضييع وقت
أوراقك وكل متعلقاتك وكرعيك (3) في غمرك (4) (وجري جري لمكتبي هيا باشري معايا هيا).
….. في هذه الأثناء يطرق باب المكتب، ويدخل الأربعة (ممدوح وفريد وخليل ومالك)، ويخبرهم الرئيس المكلف بأنهم سيتظاهرون بأنهم المستشارين الثقافيين الأربعة والمكروهين من طرفه.
وأقنعهم بأن عليهم أن يكونوا على مقربة من مكتبه ورهن الإشارة، وأن لا ينسوا تغيير ملابسهم بشكل يليق بلباس هيئة المستشارين.
حيث سيستدعيهم عند الحاجة إليهم.
… في هذه الأثناء تطرق السكرتيرة الجميلة (سحر) باب المكتب بعد أن قامت سريعا بتبديل حذائها من حذاء رياضي الي حذاء ذو كعب عال، حيث أن هذا النوع من الأحذية يجعل قوام المراءة أكثر جاذبية واغراء لمن حولها من الرجال، وقامت على الفور بإخفاء حذائها الرياضي الخفيف في حقيبتها.
… تدخل سحر للمكتب مرددة كلمات التهنئة والتبريكات للرئيس الجديد جراء توليه زمام الأمور في المؤسسة الثقافية (حيه على الثقافة)، تدخل مرسلة غمزة بطرف إحدى عينيها الفاتنتين.
فيغادر الجميع مكتب الرئيس، حيث وجدتها (سحر) فرصة ملائمة لتهمس في أذن (علي) مرددة:
(علي بابا الجديد)
هامش:
1- نبيك: اريدك.
2- قدام: أمام.
3- كرعيك: رجليك.
4- كرعيك في غمرك: تحملي رجليك بين مرفقيك.
