سرد

رواية الحـرز (ما بعد النهاية) الأخيرة

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

إبراهيم الإمام الباحث في التراث الثقافي لمدينة غدامس من خلال المخطوطات

ما بعد النهاية

بعودة الابن الضائع إلى حضن أمه يمكنك اعتبار الحكاية انتهت..
انتشرت تفاصيل القصة بين الأهالي.. اعتبروا ذلك نصرا جديدا للواحة على أمة الخفاء.. يضاف لانتصارات سابقة حققها الأسلاف.. احتفلت الواحة بذلك بالمزيد من حفلات الربازة للنساء والغيطة لمجامع الرجال.

لكن هناك الكثير مما يجب الحديث عنه لتكتمل الصورة وتملأ بعض الفراغات التي قد تفسد جمالها.

 فالحكاية التي تثير تسائلا في رأس متلقيها تعد ناقصة ما لم تجب على هذا التسائل.

 ربما لن يغفر لك تجاهل ذلك.. فخمسون حلقة ونيف من سرد حكاية لا يكفي عند البعض ما لم تملأ تلك الفراغات.

أحدهم سيسأل عن القافلة المختفية على مشارف الواحة.
أبشرك صديقي السائل أنه في اليوم التالي سمع الحراس نباح كلابها ورغاء جمالها.. هرع الناس لاستقبالها.. هذه القافلة حظيت باستقبال اكثر حميمية من غيرها.. فمعرفة ما جرى لها بالتأكيد سبب وجيه لهذا الاستقبال.

قاريء آخر سيكون سؤاله الوحيد متعلق بالشباب الذين خرجوا بحثا عن القافلة .


اطمئنك صديقي انهم عادوا مع القافلة.. واخبروا الناس انهم تاهوا في صحراء لم يروها من قبل.. فقدوا الطريق الى واد آوال.. على الرغم من قربه من الواحة واستحالة ضياع أي طفل في الوصول إليه فما بالك بشباب خبروا الصحراء.
 لاشك ان البعض يرغب في معرفة ما حدث للزوج الغائب.
أقول إنه عاد بعد عودة طفله بأشهر قليلة.. أخبر زوجته انه شعر فجأة برغبة ملحة بالسفر إلى غات.. لم يكن قد خطط لذلك.. حدث ذلك قبل زيارتها للعجوز التي نصحتها بتعليق التميمة.. أضاف أن شيئا خارجا عن ارادته ورغبته دفعه للتوجه إلى تمبكتو.. شعر أن هناك من يدفعه بعيدا عن الواحة.. بعد أن اقترب من تمبكتو شعر بزوال تلك الرغبة فقرر العودة الى الواحة ليسمع بكل تلك الأحداث التي وقعت في بيته.
اخبره شيخ العرش ان وجوده في الواحة كان سيفسد تخطيط أمة الخفاء.. فردة فعل أب يكتشف استبدال رضيعه قد تكون خطيرة ليس عليه فقط بل على رضيع أمة الخفاء.. لذلك فإبعاده كان خيارا صائبا.. اضاف ان عليه ان يحمد الله انهم دفعوه للذهاب لتمبكتو.. ذلك خير وافضل من إرساله إلى الآخرة .
الأخ الشقيق عاد بعد عودة الأب أيضا.. قال أنه قرر فجأة العودة للواحة.. لم يجد مبرراً لهذه الرغبة التي حاول كبحها وتأجيلها.. لكنه في النهاية عاد.


قال الشيخ له ان طائفتين من امة الخفاء تتنازعان.. إحداهما ترغب في عودته ليكون عونا للشقيقة والأخرى ترغب في إفشال هذا التدبير وإبقاءه بعيدا ليكتمل ما خططت له.. إنه التفسير الوحيد لذلك.

أعتقد أن كثيرين يرغبون في معرفة دور الحية السوداء في كامل الحكاية.
اعتقد انه من السهل اكتشاف انها تمت بصلة قرابة للرضيع المستبدل.. لنقل أنها أمه أو من طرف أمه.. اختارت الظهور بهذا الشكل لأنه الوحيد المتاح لها.. كما لا يخفى عليكم أنها من أحرقت بيت الأعرج لأنه اكتشف أن أم الرضيع هي من زار الغريب متخفية بزي رجل.. هذا قد يكشف كامل القصة وقد يتعرض الرضيع للخطر.. كما لا يخفى عليكم أنها ظهرت في شكل عجوز من عجائز العرش لتفضح أمر الأعرج للنسوة.. فحدث ما حدث من استجوابه.. حرق بيته كانت رسالة تهديد له غادر بعدها الواحة دون أن يفضح أمرها.. كان هذا كافياً له .
يقال انه حقق غايته وأصبح له اسم مهاب في إحدى واحات الصحراء وصار له خدم وأتباع.. حدث ذلك بعد سنوات طويلة من البحث عن من يعلمه صنعة السحر.. لكنه لم يعد إلى ااواحة أبدا.

أحدهم سيسأل عن المعركة التي نشبت أثناء استرجاع المفقود..
كانت الخطة تسير حسب المرسوم لها.. استطاعت الوصول إلى طفلها وإلباسه التميمة التي تمنع أمة الخفاء من السيطرة عليه والتعرض لها.. لكن توقف عازف الغيطة فجأه حرر حراس الطفل وحاولوا استرجاعه.. لكن ظهور الحية السوداء حال دون ذلك..
كاد الحرس يحاصرونها لولا عودة العزف من جديد.

أعلم أن أحدهم سيسأل عن سبب التوقف.

أقول أن الإعياء قد أصاب العازف ناتج عن كبر سنه وسرعة اللحن المعزوف.
كاد يختنق لولا أن استطاع استرجاع أنفاسه وإكمال العزف.. علما بأن البنادرية لم يتوقفوا عن العزف ولو فعلوا لربما انتهت القصة على غير هذه النهاية..

 قد يشكك أحدهم بتأثير اللحون على أمة الخفاء كل هذا التأثير.
أقول إن لها تأثيرا كبيراَ.. وقد رأينا ولا نزال نرى ذلك في مجالس الأنس.. نشعر بوجودهم بيننا يسمعون بل يستمتعون ويصابون بالوجد فيتلبسون أحدهم ليشبعوا رغبتهم رقصا مثيرا عجيبا.


ملاحظات جديرة بالذكر.

التميمة كان اسم اخترته بعد كتابة الحلقة الاولى.. ربما لن يعجبك هذا الاسم لكني تورطت فيه على كل حال.

يمكنك اعتبار هذه الحكاية الجزء الثاني لروايتي آيت أدا التي صدرت قبل ثلاثة سنوات.

قد تسألني عن الرابط بينهما خاصة إذا كنت قد قرأت آيت أدا..
أقول: هناك أكثر من رابط.. أحداها إنها تدور في عوالم ما ورائية خفية.
ثانيها اني كتبت كليهما على هاتفي النقال .
ثالثهما اشتركتا في الحديث عن اللحون ومدى تأثيرها على أهل العالية والسافلة.

وعدتها ان اكتب الحكاية اذا اعجبتني.. بل سأنشرها ليستمتع بها اصدقاء صفحتي على الفيسبوك.. هم يعشقون الحكايا كثيرا.. قلت لها ستجدين الدليل على ذلك في رسائلهم لي كلما تأخرت عن نشرة حلقة منها.

 كتبت الحلقة الأولى من التميمة في مدينتي الثانية رأس لانوف على شاطئ البحر.. ثم توالت الحلقات.. كتبت جلها في طرابلس.. وعدة حلقات في تونس.. وحلقة في مصراتة وثلاثة حلقات في غدامس.. وحلقة في الطريق الى مطار مصراتة.. وحلقة كتبتها في طبرق وحلقة مهمة كتبتها في طريقي إلى غدامس.. أما هذه الحلقة فاكتبها في انتظار تعبئة البنزين لسيارتي بجنزور..

اعلم ان النهاية غير تقليدية وارجو ان تتقبلوها.

طرابلس 2019

مقالات ذات علاقة

مقطع من رواية جاييرا

سراج الدين الورفلي

رواية الحـرز (8)

أبو إسحاق الغدامسي

ما خلف الأكمة..

عبدالله الغزال

اترك تعليق