متابعات

الباحث أحمد دعوب: قضية نقاء التراث الغنائي مسألة شائكة

محاضرة للباحث “أحمد عبد الله دعوب” بعنوان :جمع وأرشفة وتوثيق التراث الغنائي الليبي – طموح وآفاق-

بقاعة عبد المنعم بن ناجي بدار حسن الفقيه حسن للفنون نظمت الجمعية الليبية للآداب والفنون محاضرة جديدة ضمن الموسم الثقافي لعام 2024م تطرق فيها الباحث “أحمد عبد الله دعوب” لقضية حسّاسة تمثلت في جمع وأرشفة وتوثيق التراث الغنائي الليبي – طموح وآفاق- فيما تولى الكاتب “مفتاح قناو” تقديم المحاضرة بحضور لافت للنخب الأدبية والفنية، وذلك مساء يوم الثلاثاء 30 يوليو الجاري باستضافة من جهاز إدارة المدينة القديمة طرابلس.

الصحوة المتأخرة
بدوره تناول الباحث دعوب جملة من الموضوعات الخاصة بأرشفة وتوثيق التراث الموسيقي الليبي والتي شغلت البُحّاث والمهتمين الليبيين، وأشار دعوب إلى أن صحوة التوثيق جاءت متأخرة بعض الشيء في ليبيا فلم تنل فيها البلاد السبق قياسا بالدول العربية الأخرى واهتمامهم المبكر بهذا الجانب الهام حيث تبنوا خطوات جادة في مٍسألة توثيق وأرشفة التراث الغنائي مما أوجد لديهم أرضية أو قاعدة بيانات للانطلاق في هذا الصدد، وأردف دعوب أن من نتائج تأخرنا كليبيين أنتج حالة فوضى وتخبط في تناول المعلومة ففي كل موقع ورواية تتضارب المعلومات الأمر الذي لم يُمكّن البُحاث من الوصول لأية مرجعية موثوقة، وأعزى دعوب أسباب وجود هذه القصور إلى تقاعس مؤسسات الدولة عن الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه هذا الأمر، وتابع دعوب بالقول : إنه إذا ما وضعنا مقارنة بين مركز البحوث ودراسات الموسيقى العربية المتأسس عام 1983م، ومركز المحفوظات والدراسات التاريخية سنخرج بنتيجة مفادها أن مركز المحفوظات يعد هو المؤسسة البحثية الوحيدة التي تشكل الذاكرة الحاضرة لليبيا سواء في مجال التوثيق والأرشفة أو حتى على صعيد الإصدارات والنشر.

تداخل التراث الغنائي
من جانب آخر بيّن دعوب أن التراث الغنائي شأنه شأن أي معطى ثقافي وتاريخي واجتماعي متوارث يتبلور ويُصقل عبر الهجرات المختلفة فعلى سبيل المثال ثمة شواهد سمعية معينة نجد بأنها ليبية صِرفة وتُعبّر عن نفسها بنفسها، وبالتالي قضية التراث مسألة شائكة تتداخل فيها العديد من الثقافات ولا يُمكننا الفصل فيها إلا بواسطة الوثائق الدامغة التي من الصعب الوقوف عليها في الأعمال التراثية القديمة.

توطئة تاريخية
كما قدم الباحث دعوب توطئة تاريخية أشار من خلالها إلى أنه منذ منتصف القرن التاسع عشر انتشرت في بعض الدول الأوروبية عدة محاولات جادة من الدراسات والأبحاث العلمية التي اهتم بها الباحثون الموسيقيون لاسيما ممن اعتنوا بحفظ وصيانة التراث الموسيقي والغنائي بكاقة أنواعه وأشكاله، وساهمت هذه الظاهرة في انتشار الدراسات الجادة المختصة بجمع وحفظ التراث الموسيقي وتدوينه ما دفع بالكثير من الدول للإسراع في إنشاء المراكز المتقدمة بأبحاث الموسيقى وفتح آفاق التعاون مع الأكاديميات العلمية والمعاهد الموسيقية، وأضاف دعوب أن الجمعية الاهلية لعبت دورا كبيرا في حفظ التراث الموسيقي وتدوينه أيضا بمختلف الأنماط والأشكال.

ثراء الموروث الموسيقي
وأوضح دعوب أن اتساع الرقعة الجغرافية لليبيا ساهم بصورة مباشرة في إحداث تنوع تراثي موسيقي وغنائي ممزوج بخليط من الثقافات الموروثة من سكان المناطق المختلفة في ليبيا بدءا من مدينة طرابلس التي ذاع صيت فن المالوف فيها والانشاد الديني والأغنية الطرابلسية، وأغاني الزمزامات وسواها من ألوان الغناء الشعبي مرورا بواحات الجفرة بالمنطقة الوسطى مثل هون وودان وزلة ووجود العديد من الأنماط الغنائية والموسيقية بقوالب متعددة وإيقاعات متنوعة، وصولا للجنوب الليبي وما تضمه مدينة كمرزق مثل من فن المرزقاوي وانتشار هذا اللون الغنائي بتكوينه الإيقاعي واللحني المتفرد بجميع أرجاء البلاد. فيما أكد دعوب في المقابل أن مشروع جمع وتوثيق وأرشفة التراث الموسيقي والغنائي الليبي يعد من الأولويات الهامة والملحة التي شغلت بال المهتمين منذ عقود إذ اعتبروه مشروعا وطنيا بامتياز.

انعدام الوعي بقيمة التراث الغنائي الليبي
فيما أضاف دعوب أن مشروع توثيق الموروث الموسيقي والغنائي في ليبيا لم يجد صدىً لدى الجهات ذات الاختصاص المسؤولة نظرا لانعدام الوعي بقيمة ما تملك بلادنا من تراث فني وتاريخي كبير بيد أن استمرار المحاولات والجهود الفردية ظلت مستمرة لكن وإن بإطار محدود وضيق، ولفت دعوب إلى ان فكرة إنشاء المركز القومي للبحوث والدراسات الموسيقية العربية عام 1983م كان أولى الخطوات الرسمية الجادة لتنفيذ هذا المشروع الوطني خلال المرحلة الأولى بغية جمع وأرشفة وتوثيق التراث الغنائي الليبي فضلا عن ترسيخ الهوية المحلية والتعريف بها وبقيمها الفنية.

بواكيرالجهود التوثيقية
بينما نوه دعوب إلى مجموعة من المراحل التي مر بها مشروع توثيق التراث الموسيقي والغنائي في ليبيا متوقفا عند أهم محطاته حين شُكلت لجنة لجمع التراث الغنائي الأندلسي بقرار من وزير الثقافة آنذاك الأديب “خليفة التلسي” عام 1964م حيث نجحت اللجنة في توثيق زُهاء 250 نوبة مالوف بالإذاعة الليبية التي أصبحت اليوم المرجعية الأولى لفن المالوف الليبي علاوة على ما قامت به فرقة المدائح والانشاد الديني من جهود في توثيق فنون الانشاد والمدح بالإذاعة المسموعة.

مقالات ذات علاقة

جلسة ثقافية حداثوية في الزاوية

المشرف العام

قصص محمد المسلاتي في ضيافة «ضمة»

مريم العجيلي

التشكيلي محمد هارون يسبر أغوار الحرف العربي

مهنّد سليمان

اترك تعليق