معمر الزائدي
ليس مهما..
أن تترك الحاضرين
خلف فكرة
تخنق في جفنك النوم
تشعل في صدرك الأمنيات
تؤجج فيك الشغف
وأنت تمتص سيجارك
وتطلق في المدى
زفيرا من دخان الهموم
كأن تصحو في الصباح
على بلاد تزهر فيها الأماني
تحضن أبنائها
مثل أم رؤوم
تزيح عن أكتافهم..
غبار التعب
وتصنع الحلوى
لطفولة تشيخ قبل الأوان
ليس مهما
حضورك وسط الغياب
فتلك أسطورة
من ضباب العصور
شوارعنا رثة
تغرق فيها المدينة
وجباهنا أحرقتها الشمس
أكلت صبرنا
في انتظار ما ليس يجيء
غيابك وسط الحضور
ليس سوى
نقطة في الكلام
وشهقة..
في الظلام
فأنت لا ترى كالهشاشة
وصوتك لا يشعل ضوء النجوم
ليس مهما
بخور الصبايا
وتعويذة من رحيق السماء
تبسم شجر اللوز
ملابس الخروج
عطارة السنين
وحلم يشيخ هناك
مثل شمعة في الريح
تكابد الشوق
وتلمس حزنها في المرايا
يا للصبايا..
يذوين ..
في المرارة
دونما فرحة من ضباب الغيوم
ليس مهما
تجهم وجهك
حزنك البدين
صراخك في المدى
وهذي البلاد
تفر إلى حتفها
وتشرع في النشاز
أفواجا من الفوضى
أفواج..
أفواج..
عبث يمور في العبث
والتوابيت..
دونما زخرفة..
تعد لرحلة في الأبد
لا معنى لما يجرى
لكنه
ليس مهما..
طوابيرنا
تغرق في الأمنيات
تكتظ بالحالمين
تشتد
في الحنايا
تطلق الدعوات العتيقة
تذوب في الصلوات
يا رب ..
هب لنا من لدنك
مفتتحا للسكينة
وشيئا من المسرات
هبنا يا رب
نحن الراسخون في الجمر
بل نحن الفقراء
طابورنا لا يسير
أثقلته السنون
وقيده القلق
أطلقوا الأغنيات..
لتعود
منطفئة في المساء
تضمد ألحانها
وتشرع في البكاء
دونما جدوى
ليس مهما..
عجائزها يمضغن ماء الصبر
يلاحقن أحلامهن السراب..
لا وقت لطهو المودة
لا خبز لفتية الريح
لا حطب للحكايا
لا نوم في قلق العيون
لا شاي لعزلة من فراغ السنين
ولأحناء للثرثرة
لا شيء يشبه ما نريد..
وليس مهما..
شيوخ حكمتها..
يقبعون في الصمت..
يمضغون الفراغ
يصنعون الكلام بدقة
من ضفاف المعاني
لا خيل تسرج للمدينة
لا سيف لحمحمة الريح
ولا شطآن للمرسى
يلتصقون بالشمس
ساعة الغبار
يكلمون الهواء الأملس..
وينحتون الخواء.
ليس مهما..
دموع حرقتهم..
على زمن من الأساطير
أحرقته المدينة في ساعة الدم
وأضاعت نكهته في السراب..
سبتيموس سيفيروس..
يكابد البرد
في المتحف البلدي
والمختار..
في السجن
يكتب سيرته على الجدران..
ويرنو الى كوة..
في سقف السماء
متى يجيء الصبح
لا أعرف من معي
في زنزانة الموت
من الذي بال على اسمي
من عقر ناقة الصالح
يالهذا الخراب..
كيف تئن الشمس في الصحراء
وكيف من غابها تفر الذئاب …
كيف تموت المدينة
واقفة
وكيف يسود الضباب
يالهذا الخراب..
ليس مهما..
تبسمي في العيد
ليس في العيد..
غير اسمه..
ساعة تبكي الطفولة..
وتلعن هذي البلاد
اليباب.
خبزي أحرقته المهازل
وجهي مزقته القنابل
حلمي هدمته الزلازل
وضعت يا وطني
في زنازين الضباب..
هذا ليل مستفحل في حقده
طويل..
كزفرة من المستحيل
وموجع كابتسامة أم …
تنتظر وليدها في الغياب
ربما..
يمر الآن كفرحة
شبت على ساعدي
فتيا..
كحلم الصبايا بوردة
من زغاريد الفرح
ربما..
أعرفه..
يحب مفاجأتي..
سيجيئ..
وأبتلعه الغياب..
أينع الموت في وطني
فانطفأت الشمس
وليس مهما..
تراكم ليلك حتى تفاقم
في لحظة من هزيم الرماد
تجلس الان..
في الوحشة..
وحيدا..
لا شيء يمنحك السكينة
سوى ليل
من الأساطير.
يحكم سطوته على كل شيء
حين لا شيء يومض في داخل القلب..
غير العواء
يشرئب
عاليا
في الخراب
ليل من الأساطير
شعب من الفوضى
مجد من هتاف الجن
صراصير الحقول
ترفع الضجة
عاليا في الحقول
حزن بلدتنا
تغضن حكمتي
وجوقة من بكاء السحاب.
بوح العاشقين
توق لهفتهم
مجامر العطر
آهات المدى
ولطافة المعنى
توهج أحلامهم في المساء
واتساع الليل
وسائد الحزن..
وظل الشمس..
لا ظل للشمس غير الليل
نمص نكهته
ونشمخ كالجبال
ليس مهما..
وجع الحقائب في المنفى
شكل الغريب المجاور
عضة البرد
نشيج التعب
الضباب الغليظ
وتسارع الأحداث
في الغربة..
غياب العصافير
تكبر
بعيدا عن العناق
رجفة من حريق الفراق
ونظرة في الرحيل
خلف الشمس
حيث لا لغة بيننا
غير الحنين
لأشفهه كالبكاء
ليس مهما..
اضطرابي..
اغترابي
اكتئابي
ما دمت
هنا واقفا..
وحدي..
في بلاد
من نشيد السحاب.