طيوب عربية

تدمير غزة: جريمة تاريخية وخسارة للإنسانية جمعاء

غزة أرض العزة
غزة أرض العزة

يستمر الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023 في عدوانه الهمجي ومجازره بحق البشر والشجر والحجر في قطاع غزة، التي خلّفت أكثر من 30 ألف ما بين شهيدٍ ومفقود حتى تاريخه، في مشهد دامي لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب والكوارث البشرية، يندى له جبين الإنسانية جمعاء، وسيبقى وصمة عار وخزي في التاريخ الإنساني بالكامل.

تشير الإحصائيات إلى أن طائرات الاحتلال الإسرائيلي ومدافعه قتلت حتى تاريخه، نحو 13 ألف طفلاً، وأكثر من 5 آلاف من طلبة المدارس،  ونحو 500 طالب جامعي، و قرابة 100 من العاملين في قطاع التعليم العالي، وأكثر من 40 مبدعاً فلسطينياً من الكتّاب والمثقفين والشعراء والفنانين.

باتت هذه الأرقام الصادمة والمفزعة تشغل نشرات الأخبار وعناوين الصحف والمجلات، بطريقة جافة توحي بالاعتياد على المشهد، ولكن يجب علينا أن نتذكّر دوماً أن وراء كل رقم هناك إنسان.. إنسان فقد حياته وحلمه. وشهداؤنا في غزة ليسوا مجرد أرقام بل أشخاص وأحلام وتجارب .. هم آباء وأمهات وفلذات أكباد وأجداد وجدات وطلاب ومسعفون وصحافيون وفنانون .. وأطفال يريدون أن يحيو بسلام وأمن كغيرهم من أطفال العالم.

 شهداؤنا في غزة هم قامات ومبدعون حققت بعض إبداعاتهم صدىً عالمياً، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، البروفيسور سفيان التايه الذي ارتقى مع عائلته نتيجة قصف منزله في قطاع غزة، وهو حامل كرسي  اليونسكو لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في الجامعة الاسلامية بغزة، ويعد من أفضل 2% من علماء العالم.

وفي عدوانه لطمس الهوية الفلسطينية، نصف المباني والمؤسسات الثقافية والمواقع الأثرية والتاريخية تقريباً طالها القصف والتدمير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها المسجد العمري وكنيسة القديس برفيروس اللذان يعدّان من أقدم أماكن العبادة في العالم، ومتحف وقصر الباشا، والذي كان يحوي ألاف القطع الأثرية النادرة، ولا يعرف مصيرها حتى الآن. هذا فضلاً عن استهداف محيط موقع الأنثيدون – ميناء غزة القديم والمدرج على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي ولائحة تراث العالم الاسلامي. وسرق جنود الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة نقوداً وذهباً وتحفاً ومعادن ومشغولات يدوية تُقدّر أنها بعشرات ملايين الدولارات.

إن ما حدث من استهداف للمبدعين والقامات العلمية والطلبة الذين قُتلت أحلامهم وإبداعاتهم التي كانت في طور النمو، إضافة إلى تدمير الأماكن التاريخية في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي لهو خسارة كبيرة ليس للفلسطينيين وحدهم وإنما للمنظومة التربوية والثقافية والعلمية العالمية برمّتها، و للتاريخ الإنساني بالكامل، إذ أن ما تمتلكه غزة من إرثٍ ثقافيٍ وأثريٍ نادر لهو ميراث وملك للبشرية جمعاء.


* كاتب وباحث فلسطيني (fadiabubaker@hotmail.com)

مقالات ذات علاقة

رماد الدمع مستدير! *

إشبيليا الجبوري (العراق)

27 دولة تشارك بمعرض مسقط الدولي للكتاب

المشرف العام

فاعليةُ شعـرِ الرفضِ والتمرد

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق