طيوب عربية

نخلع الظل على عتبة الباب!!

تغريدة الشعر العربي

الشاعر الإماراتي د. حسن علي النجار (الصورة: عن الشبكة)
الشاعر الإماراتي د. حسن علي النجار (الصورة: عن الشبكة)

الشاعر الإماراتي د. حسن علي النجار – 1984م.

“إنهُ في العراءِ مواسمُ أسئلةٍ ليس ثمَّ إجابهْ/ يبعثرُ حيرتهُ في الفضاءاتِ ما عادَ يتبعُ إلا سرابهْ/ ويُشعلُ موقدهُ حطبُ الشكِّ واللحظاتُ الرتيبةُ تشربُ من روحهِ ويقاسمها قلقاً/ مثل صوت عقاربها إذ تمس الهدوء المريب فتنتفضُ الأمكنة” / «من قصيدة: في سيرة الكمأ».

من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ومن إمارة الشارقة عروس الثقافة العربية، والتي تساهم في ترسيخ عملية الإبداع الثقافي حتى بدت قِبلة يؤمها عمالقة الفكر وأساطين الأدب والشعر معا.

ومن ثم كان لنا هذه التغريدة حول جماليات النص الشعري المتنامي بكل ظلاله من خلال تأملات في عالم الشاعر الإماراتي د. حسن النجار، أليس هو القائل من منطلق البحث عن الذات في إطار تجربته التي يستلهم من المكان روح القصيدة بكافة مقوماتها الفنية والإبداعية واستهلها بتعبيرات وصور ودلالات تعكس ملامح الجمال مع النظرة الفلسفية لصيرورة الحياة:

توارى حيث لا يبدو سؤالُ

وأوشكَ أن يطاردَه احتمالُ

ولكن كالنوارس ظل ينأى

ويُشْرَعُ -كلما انطفأ- ارتحالُ

وحيداً.. كان يزعجه انفرادٌ

ولكن صار أشهى ما ينالُ

يحاولُ حينَ حزنٍ لو يغني

ولو تشدو بضحكتِها الظلالُ.

* نشأته:

وُلد الشاعر الإماراتي الدكتور حسن علي النجار في عام ١٩٨٤ م في خورفكان بالشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة. حاصل على الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها من جامعة الشارقة. وقد درس في المراحل التعليمية الأولى بمدرسة الخليل ابن أحمد الفراهيدي.

وقد نال الشاعر الإماراتي حسن النجار درجة الدكتوراه في تخصص النقد الأدبي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، في جامعة الشارقة، وذلك عن أطروحته الموسومة بـ ( الجسد في الشعر الإماراتي) دراسة سيميائية تحليلية لنماذج مختارة.

وله قناعاته حول الشكل الشعري كونه يكتب القصيدة العمودية، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة نثرية، بقدر ما ينظر إلى قيمة الكلمة في إطارها الشعري، لذا فهو لا يعارض أي شكل للقصيدة، مؤكداً أن مستقبله في عالم الإبداع غامض، لكونه لا يعرف كيف سيكون غده في الشعر.

ومن ثم أصدر مجموعته الشعرية الأولى «حنين المرايا» عام 2007، مبيناً أن شعره في الغالب يتمحور حول العواطف الإنسانية والوجدانية، والصراع مع الذات، وأشجان الفقد والرثاء.

شارك في مسابقة «أمير الشعراء» في العام 2009 م. كما له نظرته حول فن الشعر والكتابات الأخرى السرد.

صدر له ثلاثة دواوين شعرية هي:

على وسادته مس من القلق» 2017 م.

ديوان «حمام الروح» 2011 م.

ديوان «حنين المرايا» 2007 م.

وفاز بالريشة الذهبية في ملتقى الشعراء الطلبة العرب في دورته الثالثة 2020 م، في تونس. وشارك في مسابقة أمير الشعراء في موسمه الثالث 2009، كما شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية داخل وخارج الدولة.

* مختارات من شعره:

يقول د. حسن النجار في قصيدته العمودية تحت عنوان ( سؤالُ الوقت ) حيث يطوف بنا بين عبقرية الزمان والمكان ينشد الجمال من الموروث البيئة مع روح العصر في مكاشفة وتأمل مطرز بالخيال داخل رحلة يومية تصويرية يجسدها بعمق معجم لغته الرصينة يصف لنا ملاصقة الدار ويرمز بفنجان القهوة إلى دلالات ومعاني وسط متغيرات تداهم الإنسان في واقعه:

البابُ -مُذْ غابَ عنهُ- صارَ يُشْرِعُهُ

هنا هنا جسدٌ والروحُ تتبعُهُ

هو انتظارٌ لمعنى الدارِ خارجَهُ

من غيرُهُ يخلقُ المعنى ويبدعُهُ

وكلما مرَّ ظلٌّ مالَ حيثُ خطا

يصدِّقُ الظلَّ والأوهامُ تخدعُهُ

يدنو، فيشهقُ، يتلو: “ربما وعسى”

ينأى، فتزفِرُ بالتأفيفِ أضلعُهُ

فنجانُ قهوتِهِ قد مسَّهُ شجنٌ

فمنذُ دهرٍ ولا فنجانَ يقرعُهُ

وفي الدِّلالِ كلامٌ كلما ذرفتْ

بُنًّا شجيًّا ولكن من سيسمعُهُ

لو كانَ جُبًّا لَقُلنا رُبَّ قافلةٍ

تأتي على بهجةِ الأقدارِ ترفعُهُ

تمرُّ مثقلةً بالغيثِ ذاتَ ضحىً

لكنْ إلى حيثما قد كانَ تُرجعُهُ

والروحُ قد هَرِمتْ من فَرْطِ ما انتظرتْ

ورقَّ، حتى سؤالُ الوقتِ يوجعُهُ

وأوهنَ العمرُ.. والمرآةُ قد شَحُبَتْ

وصارَ يَهذي ببيتٍ كانَ مطلعُهُ

يا للغيابِ! متى تأتي؟!

تُعيد ليَ المعنى،

وتغلقُ بابًا كنتُ أشرعُهُ

حسن النجار | 10 / 2 / 2023

وننتقل مع د. حسن النجار في قصيدة أخرى حيث السرد المنمق في إطار منطق الفيلسوف وهذا ما نلاحظه في هذا النص الذي يحمل معالجة، ويجعل من الحركة السردية والحكي انزياحاً تقوم عليه عملية البناء الفني والإبداعي كل هذا بمثابة مرآة تعكس مدى رؤيته بعنوان (ورق أبيض) نجد هذه الحركة وعي متباين ومتطور الأداء والأبعاد في تلقائية يكشف صدى الحقيقة بأدواته ومنها الورق في رمزية ينفذ منها إلى عالمه هكذا فيقول:

ورقٌ أبيضُ فوقَ المكتبِ

آخذُ واحدةً

علّي أكتبُ شعراً

خربشتُ عليها

ورسمتُ خطوطاً

بالعرض والطولِ

رميتُ الورقهْ

ثم تناولتُ الثانيةَ

تخيّلتُ الغيمَ تجمّعَ

ضوءَ بروقٍ

قصفَ رعودٍ

حتى انكسرتْ جرةُ غيمٍ

وتبللتِ الورقةْ

ها أتناولُ أخرى

ماذا؟!

هل أكتبُ

أرسمُ

أصمتُ؟!!!

قالوا: الصمتُ بليغٌ

لكنْ هل أحدٌ يُصغي لبلاغة بوحي

وظللتُ أدورُ بأوهامي

وتدورُ وساوسُ في صدري

من غير شعورٍ

إذ بي أرمي الورقةْ

حين يئستُ

كتبتُ على آخر أوراقي:

“هل يكفي كلُّ الورقِ الأبيضِ من حولي

حتى أبدأ في قدح زناد قصيدة “.

هذه كانت قراءة سريعة في عالم الشاعر الإماراتي د. حسن علي النجار الذي يتقن فن الشعر من خلال عبقرية المكان وصدق نبض الروح تجاه الحياة بكافة ظلالها مع إيمانه برسالة فن الشعر الذي يكشف أسرار الروح ويعالج قضايا الفرد والمجتمع والنظرية الفلسفية الجمالية ويحمل بواعث الوطن في سلسلة تنم عن وحدة متفاعلة مترابطة داخل لغة وإيقاع يختصر بهما المعادلة دائما.

مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله.

مقالات ذات علاقة

اغتراب وطن

هاني بدر فرغلي (مصر)

إختتام فعاليات مهرجان طرابلس المسرحي في المسرح الوطني اللبناني

المشرف العام

سر الحياة

المشرف العام

اترك تعليق