ساجدة أنعم
أكَان رحمةً أم هلاكًا؟
هكذا أول ما جال بخاطري من بوحٍ صادق غيرُ مدرك، عندما قرأتُ ما كُتب على جدران أحد المنازل الشبه مُدمرة من أثارُ تلك الليلة بعدما تم تمشيطها من أي جُثث.
أرحمةً أن يرحل كل أفراد الأسرة، جُملة واحدة وكأنهم ذاهبين لرحلة ما، آمنين، أخذي بأيدي بعضهم البعض دون وداعٍ لنا في ليلةٍ كان الظلامُ يغشاها؟
أم كان هلاكٌ لنا أن نتألم بل ونصبرُ وأمامنا هذا العمرُ الطويل على ألم فراقهم؟
الحادي عشرَ من سبتمبر ذاك اليوم الذي نُكبت فيه مدينةُ درنة، مدينتنا الزاهرة.. لنُصبح من بعد تلك الليلة جميعًا ثُكالى، غارقين في ميَّاه قد أردت أحباءنا في ليلةٍ ليلاء، ووحلٌ أَردغ كل المدينة.
حتى الذي لم يطله الفَقد منَّا قد بات حزينًا في سربه، أو ليس عدم ذرف الدموع والعبَراتِ في مُصيبةٌ كهذه مصيبة؟
عزاءنا الأعظم أنهم اصطفاهم الله لذاك الشرف العظيم، بل ونشعر بالغبطة من كل من أدركتهم رحمة الله لينزلوا بهِ وهو خير المنزول به.
لأعاود النظر إلى تلك الأحرف التي كعادتي أشعر بعدم الإدراك حين قراءتها “متوفيَّة بالكامل!!!؟”
الحمد لله حمدًا يخلقُ في جوف مرارة الابتلاء صبرًا، حمدًا يخففُ من وطاءةُ ما لحقت بنا من رزايا، ولكنها إرادة ومشيئة الله، فالحمد لله حمدًا تطيبُ به الأنفس رغم البلاء.