زهرة سليمان أوشن
منذ 7 أكتوبر 2023م تعيش غزة الصامدة حياة وأوضاعا صعبة: بعد انطلاق العدوان الوحشي الإسرائيلي المدعوم بشكل فعّال ومباشر من عديد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هذا العدوان الغاشم استهدف غرة إنسانا وبنيانا، لم تسلم منه المباني والمؤسسات المدينة، مدارس، عمارات سكنية، مساجد، كنائس، مستشفيات، مقرات المنظمات خيرية وحقوقيه. الخ …ولا سلم منه الأطفال ولا النساء، ولا العجائز والمسنون، باختصار عدوان مدمر لا مقاييس أخلاقية عنده، والحصيلة البشرية قتلى ومصابون عالية العدد غالية الفاتورة
أما الحصيلة البنيوية فتشبه دمار كامل في القطاع كآفة والله المستعان.
وفى كل هذا العدوان ومن قبله على مدار عقود تتلقى القوى الصهيونية دعما ماديًا وتسليحا غير مشروط وغير محدود من دول الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وفوق الدعم المادي والتسليحي تتلقى دعما سياسيا و إعلاميا بل وحتى ثقافيا من تلك الدول، فهذا الكيان الغاصب
لأرض الرباط يستمر بهذا الدعم الفج من كل حكومات الدول الغربية.
وفي هذه المعركة كما في كل معركة، لا شك أن للحرب الإعلامية دورها الذى لا يخفى على كل ذي لب متابع للأحداث، ولعلي في هذا المقال أقف على ملامح الحرب الإعلامية الصهيونية في هذه المعركة، معركة طوفان غزة، فأقول بإيجار في النقاط التالية: –
1_ البتر والقطع
إذ يمارس الإعلام الصهيوني تقطيع السيناريوات وبتر الحقائق، لخلق رواية تتناسق مع ما يريد تسويقه ليظهر بمظهر المظلوم ويظهر الطرف الآخر بأنه الظالم المعتدي، فيصر على أن تبدأ الحكاية يوم 7 أكتوبر 2023 م عندما اعتدت حماس – والحقيقة حماس ثأرت للاعتداءات الهائلة التي تمارسها القوى الصهيونية على شعبها في غزه وفلسطين – بزعمه، وقامت بعملية عسكرية فهذه اربكت حساباته العسكرية والاستخباراتية، يقوم العدو الصهيوني بذلك ، في حين أن الرواية عميقة وعريقة بدأت من وعد بلفور عندما أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وامتدت إلى عام 1948م عندما جاءت العصابات الصهيونية لتستوطن هذه الأرض الظاهرة وتطرد أهلها منها ، بل وبعد كل التنازلات ومعاهدات السلام المزعومة ، لازالت لا ترقب إلا ولا ذمة ، تمدد مستوطناتها وتعتدي على الديار وتدنس المقدسات وعلى رأسها الأقصى المبارك .
2 _التضخيم والتهويل
وهو منهج أصيل في الإعلام الصهيوني لعله استمده من المنهج الفرعوني حيث يقول فرعون لموسى عليه السلام. (وفعلت فعلتك التي فعلت “، في تضخيم لقتله الخطأ للقبطي، متجاوزاً ومحاولاً أن يمحى من الذاكرة عشرات وربما أكثر من الرضع الذين قتلهم.
وها هو الإعلام الصهيوني يسلك نفس المسلك، فيهول ما قامت به المقاومة – وهو حقتها الشرعي والقانوني والإنساني – فيجعل من العدد القليل من ضحاياه عدداً أكبر ومن مصيبته مصائب، ويسعى لغض الطرف عن جرائمه في غزة التي أقل ما يمكن فيها توصف به أنها جرائم ضد الإنسانية
3 _ الافتراء والكذب
وهو المعتمد عند الإعلام الصهيوني ماضيا وحاضراً، وقد برز بقوة في معركة طوفان الأقصى، فطالعنا إعلامه وأتباعه بصور لرؤوس مقطعة. ومشاهر لأطفال مشوهين زاعما أن حماس ارتكبت فيهم ذلك في محاولة لتشويه ودعشنة المقاومة، وقد تبنى هذه الرواية الكاذبة عديد الوسائل الإعلامية الداعمة للكيان الغاصب، وتعدى الأمر إلى ترديدها من بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
وحتى بعد أن اتضح أنها عارية عن الصحة، ما زال العدو يرددها هو ومن على شاكلته، فالإعلام الصهيوني يعمل دائما بقاعدة: اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس.
4_ قلب الحقائق
فإعلامه يجعل المعتدي مظلوما، والمجاهد إرهابياً، والمدافع عن أرضه وعرضه مجرماً في حين يصور من يسفك الدماء ويهدم البناء مدافعا عن الحق، داعيا للسلام.
5 _تكميم الأفواه
فادعت حرية التعبير يقف في وجهها ما نشاهده من تكاثف عديد المؤسسات الإعلامية مع المؤسسات الإعلامية الصهيونية ضد كل شريف ناطق بالحق، وصده عن المدافعة بالكلمة ومنعه فردا كان أم مؤسسة من تقديم الحقيقية للرأي العام العالمي، ولا يستنكفون عن هذا الفعل ولوكان الناطق بالحق من بنى دينهم أو جنسهم.
6_ تبني الرواية الواحدة
إذ يتلو تكميم الأفواه سعي حثيث للإعلام الصهيوني ومن يسانده لأن يتبنى العالم الرواية الصهيونية عن الأحداث دون غيرها.
7_ المكاييل المتعددة
لمسنا وبقوة تعدد المكاييل للقضايا الإنسانية من قبل العالم الذي يسمى نفسه
متحضراً. وفى معركة طوفان الأقصى، يبدو الأمر واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، فالإعلام الصهيوني ومن والاه يغضون الطرف عن عشرات المباني المهدمة، والعدد الهائل من القتلى الذي تجاور – وقت كتابة المقال – 7000 شهيد مع آلاف الجرحى والمصابين في أوضاع مأساوية ، حيث لا ماء ، لا كهرباء ، لا دواء، ثلثهم نساء وأطفال تخرس عنهم تلك المنظمات التي تتشدق بحقوق المرأة والطفل، كل ذلك يحاولون تغييبه عن الصورة، في مقابل تضخيم ما حدث لهم، ليكون هناك مكيالات ترجح كفة العدو، بل لكل قضية مكيال ، محاولين ترجيح رواية العدو بكل ما أوتوا من قوة.
8_الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي
إذ يمارس العدو عبرها إرسال مرجة من أكاذيبه وادعاءاته ويستخدمها في حربه النفسية على أهلنا في غرة مقاومة وشعبا، ويقوم بدعم ناشطين في منصات التواصل الاجتماعي ليساهموا في التدليس والتدنيس الذي يمارسه، في حين يتلقى الصادعون بالحق عبر هذه الوسائل تهديدات مباشرة وغير مباشرة مع محاولات لإغلاق حساباتهم وتشويهها.
– هذه بعض الملامح عن الحرب الإعلامية الصهيونية في معركة طوفان الأقصى، وهي حرب ممتدة زمانا منذ نشأة هذا الكيان الغاصب، ومكانا تشمل كل المؤسسات الداعمة لهذا الكليان في الدول الغربية وغيرها. لكن رغم هذا السيل من الأكاذيب ورغم كل تلك الموجات الإعلامية المضللة فإننا نشهد وعيا عالميا في الرأي العالمي تجاه قضية فلسطين ومعركة طوفان الأقصى، والدليل خروج آلاف من المظاهرات في العالم بما في ذلك المسيرات الحاشدة التي خرجت في الدول الغربية و بقى أن تقول أنه يجب أن يكون لدينا إعلاما هادفا مدافع عن قضايانا ضد هذا الإعلام الصهيوني المضلل.