الطيوب : حاورها / مهنَّد سليمان
إن ما تحمله أغوار النفس البشرية من خواص متعددة شديدة التعقيد والمرونة في آن تمور في لُجّة من المتناقضات وكتلة من الارباكات التي تُحدد ماهية الفرد وهُويَّته وما سيكون عليه، وهذه الأبعاد تتبلور ملامحها أكثر تبعا للظروف البيئية والعوامل الاجتماعية والأسرية البذور الأولى للنشوء وأطوار ومراحل التكوين والنمو، مما لا ريب فيه أن الصحة النفسية بناء جوهري لا غنىً عنه لتمام الصحة العضوية للأفراد فانعكاسهما متشعّب وشائك لترابط أواصرهما ترابطا طرديا، وبسبب الوصم الذي طال الجانب النفسي تاريخيا وتفشّى في عدة ثقافات وحضارات يظل أثرها السلبي متجذّرا حتى اليوم في معظم المجتمعات لاسيما النامية منها فضلا عن شيوع الاعتقادات المغلوطة حول ارتباط الأمراض والمعضلات النفسية بالخرافات وعوالم الجان ما دفع وربما يدفع بالكثيرين للجوء لغير الأطباء والاختصاصيين، الجدير بالإشارة إلى أن هناك إحصاء غير رسمي يُبيّن ارتفاع مفزع للأمراض النفسي داخل مجتمعنا الليبي خلال العقد الأخير بنسبة تصل لـنحو 75% ما يجعلنا نستشعر خطورة الأمر وجلله، وهو كذلك ربما يُفسّر لنا أسباب التردي الفاحش للأخلاقيات العامة وانتشار معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات والمسكرات، أسئلة متنوعة دفعنا بها على طاولة النقاش مع الدكتورة “ثريا الشامي” المعالجة والاختصاصية النفسية المقيمة ببريطانيا، والحاصلة على درجة الماجستير في علم اللغة الإنجليزية والماجستير في الموارد البشرية، وإجازة الدكتوراه في الإدارة التعليمية، وهي معالجة نفسية معتمدة في بريطاينا تشغل حاليا وظيفة مترجم مُحلِّف لدى القضاء البريطاني للمترجمين بالإضافة لشهادة (سيلتا) لتدريس اللغة الإنجليزية.
متى انخرطت فعليا في مجال الإرشاد النفسي؟
بدأت فعليا في عام 2020
كيف نُميّز بين العلاج السريري والارشاد النفسي ؟
العلاج السريري كما يوَضح في المسمى نفسه، يتضمن الإيواء وتناول بعض الأدوية ولكن الإرشاد النفسي يتمحور حول التواصل الشفهي والتواصل مع الشخص.
ما هي الحالات المرضية التي تتطلب ربما الإرشاد النفسي ؟
معظم مشاكل الصحة النفسية تحتاج إلى الإرشاد النفسي حتى تلك التي قد تستوجب تناول أدوية ووصفات علاجية.
لماذا لازال العلاج النفسي ذو سمعة موصومة حتى الآن؟
ذلك يدل على أن مستوى وعي البعض لازال منخفضا وهذا يتطلب عمل جماعي وأحيانا حتى مؤسساتي برعاية منظمات حكومية وغير حكومية.
ما رأيك في ألية أو التقنية التسليم للسماح برحيل المشاعر السلبية هل هي مُجدية ؟
في الحقيقة فكرة السماح فكرة مربكة، ولكن تثقيف الذات بأبجديات الصحة النفسية وجعلها أسلوب حياة أو العمل مع مرشد نفسي أو معالج نفسي قد يساعد الشخص على التعامل مع هذه المشاعر السلبية.
هل للمحن الشخصية دور في تحديد خيارات المرء؟
لرد فعلنا مع المحن الشخصية والخيار الذي نحدده اتجاهها دور وليس لها هي في ذاتها دور في خياراتنا خاصة في مرحلة متقدمة من العمر .
غالبا ما يتم الربط بين الألم والنتائج الإيجابية، أتجدين بأن النتيجة المثمرة لابد أن يسبقها ألم عظيم ؟
سؤال عميق فعلا ولكن لنتفق أنه إذا ما تم التعامل مع الألم بشكلٍ واع وصحي فإنه من الممكن أن تكون هناك نتائج إيجابية.
لماذا يبحث الكثيرون عن طريقة مُثلى وجاهزة تنظم لهم حيواتهم سلفا؟
من حق كل إنسان أن يبحث عن طريقة مُثلى ولكن ليس بالضرورة جاهزة لتنظيم حياته فنحن نختلف بطبيعة الحال.
ألهذا الحد يميل الناس للاستسهال؟
قد يحظى البعض بحياة يسيرة وهذا الأمر لا ينطبق على الجميع وأستغل هذا المساحة لأذكّر الجميع بأن يمتنوا كثيرا لذلك أما لمن واجهتهم العثرات والصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والصحية فإن التوكل على الله والعمل والعمل بجد هو مفتاح الوصول لأهدافهم .
هل ترين بأن أليات التعويض تأتي بنتائج مرضية؟
فكرة التعويض عن أي شيء أو أمر فقدوه قد تمون نتائجه مرضية بالنسبة للشخص وهذا يخضع لتقديره الشخصي بدون أن يعلق في البحث عن التعويض في حد ذاته، وبالفعل، التعامل بإيجابية أكثر مع ما فقدناه بدل البحث عن خيارات تعويضية هو الخيار الصحيح، وبالنسبة للتبصر فهو تمرين ذهني يمارسه الإنسان كلما يمر بتجربة محاولة لأن يجد المعنى أو الدرس المستفاد وبالتالي يحسن جودة خياراته وتجاربه
كلمة أخيرة:-
أوجّه رسالة إلى الجميع بأن يركزوا على الحاضر ولا يجعلوا الأسف والحزن على ماضٍ بعيد يسرق منهم حاضرهم.