الذاكرة الليبية
منذ أن كان طالبا في المدرسة أحب الموسيقى والعزف وكانت الموهبة في تلك السنوات مثل صغير يحبو .. كان يجيد التقاط الألحان من خلال أذن موسيقية تعشق المقامات .. وفي فترات الإستراحة كان الطالب الصغير خليفة ميلاد يقصد حجرة الموسيقى .. تقوده ذائقة الفنان ليكتسب مهارة العزف على آلة الأكورديون .. تلك السنوات بدأت علاقته بالآلة التي سحرت وأبهرت العازفين ..
خليفة ميلاد علي الزنتاني من مواليد عام 1959 م في مدينة بنغازي التي ستشهد نبوغه في الفن وكذلك الحفلات الشعبية التي ترنم فيها عمالقة الأغنية الشعبية وكان الفنان الموسيقي خليفة ميلاد مرافقا لهم مع عازفين آخرين على آلات العود والقانون والكمنجة والمزمار والإيقاع ..
في حي السلماني بمدينة بنغازي أقامت عائلته .. وسكن بجوارهم الفنان الكبير عبدالجليل عبدالقادر وفي الساحة المجاورة لهم كان الفنان عبدالجليل يمارس هوايته المفضلة لعبة كرة القدم ويلتقي بشباب الحي الذين أخبروه أن جارهم الشاب خليفة ميلاد يعزف على آلة الأكورديون ..
حدث ذلك في منتصف سنوات السبعينيات من القرن الماضي .. عندما نادى الفنان عبد الجليل جاره الشاب خليفة وعرض عليه أن يرافقه في حفلاته واشترط عليه أن لا يرافق أحدا آخر لأي حفلة وأن لا يخالفه ..
وبدأت شهرة الفنان الموسيقي خليفة ميلاد في حوالي عام 1977 م كعازف متميز على آلة الأكورديون واستطاع بموهبته الكبيرة أن يتقن العزف وكان معجبا بعازف آلة الأكورديون الشهير الفنان سليمان بن زبلح ..
وعن ذكرياته مع الفنان عبدالجليل عبدالقادر الذي كان أكثر من رافقه في حفلاته الغنائية يقول خليفة ميلاد :
( كان الفنان عبدالجليل يجهز أعماله وينسقها قبل الحفلة وكان يتأثر بالجو الذي حوله في الحفلة ولم يكن يتقاضي مقابلا ماديا عن حفلاته وكان يغني في حفلات أفراح الطبقة الشعبية الفقيرة .. وكان أغلب الفنانين يقلدونه في بداياتهم الفنية ..)
وفي رأيه حول جيل الرواد الذين أحدثوا نقلة في الأغنية الشعبية يضيف خليفة ميلاد :
( أنا عاصرت جيل العمالقة من الفنانين الشعبيين وفي نظري أن الفنانين الذين أثروا الأغنية الشعبية وأضافوا لها من إبداعهم ثلاثة ..
الفنان علي الجهاني الذي أحدث تغييرا في الأغنية الشعبية وهو انسان مثقف وكانت تربطني به علاقة وطيدة ..
والفنان عبدالجليل عبد القادر وهو مؤسس الأغنية الشعبية الحديثة
والفنان سيف النصر وكان في بداياته الفنية متأثرا بالفنان عبدالجليل ثم طور أداءه بجلسات العود وغنى الأعمال ذات الطابع الشعبي في الإذاعة وتأثر به الناس وانتشرت شعبيته ..
ومن الشعراء المجددين في الأغنية الشعبية يذكر خليفة ميلاد :
يونس المرغني ــ عادل الغزالي ــ احميدة خميس ــ عادل اسنيدل ــ ونيس الشريف .. وغيرهم من الشعراء الذين كان لهم دور في تجديد كلمات الأغنية الشعبية ..)
مع حلول عام 1980 كان الفنان الموسيقي خليفة ميلاد قد نال شهرة واسعة على مستوى الأغنية الشعبية وذلك بأداء الوصلات الموسيقية مع عمالقة الأغنية الشعبية في حفلاتهم أمثال الفنان عبد الحميد الكيلاني والفنان سيف النصر والفنان علي الجهاني والفنان احميدة درنة والفنان ناجي ميلاد والفنان جمال عاشور والفنان بشير المسلاتي والفنان مفتاح الفهري وغيرهم من الأجيال اللاحقة لهم ..
دخل خليفة ميلاد مرحلة أخرى في مسيرته الفنية مع إطلالة عام 1981م ليبدأ تجربة التلحين ويضع ما يقرب من 300 لحن للأغاني الشعبية ويعتبر من الملحنين الذين خاضوا مرحلة التجديد في الأغنية الشعبية واستطاعوا تطويرها والإنتقال بها من إطارها التقليدي إلى نمط آخر جديد مع الحفاظ على خصوصيتها المحلية ..
ومن الأغاني التي لحنها الفنان خليفة ميلاد من كلمات الشاعر يونس المرغني :
دمعك غير زايد ــ وين يتهايا ــ في يوم عيدالله ــ لاالعين ملت ـــ
ومن كلمات الشاعر فتحي البكوش أيضا :
بغيته صقر العلالي ــ كذاب ما يقدر جديد يحيده
وأغنية دير اللي يرضيك للشاعر مفتاح التاجوري
وأغنية مااللي جرى لي منك للشاعر باسط عمران
وأغنية انظر عيني للشاعر فرج بالحمد
كما لحن الفنان خليفة ميلاد من كلمات الشاعر عادل الغزالي :
ان ماجيتني رضاي راني جيتك
عرف خاطري قبلك كثير وغالا
خليفة ميلاد فنان موسيقي مفتون بالمقامات .. ترافقه آلة الأكورديون وذكريات من زمن العمالقة في الأغنية الشعبية .. وضع بصمته الفنية في ليالي بنغازي وحفلاتها وشارك الجميع بهجتهم ..
المصدر :
مقابلة شخصية مع الفنان الموسيقي خليفة ميلاد بتاريخ 14 . 5 . 2024
خالص شكري وتقديري للأستاذ سعد الترهوني