قصة

خُبز يابسٌ

علي باني

من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي
من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي

صِغاراً…

 كان والدي رحمه الله يتلذذ برؤيتينا نأكل الخبزة (البايتة) إذ كان يُحضرُ الخبز الطازج في (قروز) يُعلّق في (غانجو) باب الدار، ولا يقع الاقترابُ منه حتى يُستهلكُ الخبز (البايت) كاملاً.

استهلاك الخبز البيات كان يتّم صباحاً بوضعه على النار قليلاً حتى ينشأ على سطحهِ حُبيبات صغيرة ثُم يُغمس في الشاي وبعضاً من السُكّر، أما ظهراً أو مساءً فكان يُقطّع الى قِطع صغيرةٍ تُنثِرُ فوق صحن الفاصوليا، طبيخة البطاطا، وأحياناً (الشرمولة)..

والدي يعشق هذا المنظر ويبتسم عندما نلتهمها كاملةً لإيمانه أنّ ذلك شُكرٌ للنعمة وعدم زوالها، مع تحقيقه هدفٌ اقتصادي يتمثّل في إمكانية الشبع بتكلفة أقلّ.

أمّا إذا يَبُسَ الخبز الى درجةٍ يَصعبُ تناولها بشريّاً فأنه يتفضّل بها غذاءً لخروف أو أكثر عَادة ما يُربيه استعداداً لعيد الأضحى، وبعد أن يتأكد استحاله تحوله الى (بشماط) بأرساله الى كوشة (المحروقي)..

 فلكلٍ خبزته…

من غيرِ الخُبز كان لا يُخفي فرحته عِندما نضّطر طوعاً أو كُرها لتسخّين أكل اليوم السابق والتهامه بلذةٍ عَارمة، لا يشفع لك عدم تناوله تغيّر في مذاقهِ صيفاً، فالعذر جليّ مُقنعٌ: “فساد بطني ولا فساد رزقي”..

فرحةً تتعارض مع وصفهِ الكلام المُكرر المُمِّل بأنّه (تسخين بايت)..

وهو تماماً ما أودّ فعله لأتمكن من مشاركتكم عملٍ أكتبه وربط الأجزاء الجديدة الطازجة بالقديمة، سأقترح عليكم تسخين وتناول 3 وجبات (بايتة) قبل ذلك..

صغاراً كُنا نقبل ذلك خوفاً وجوعاً، ما أطلبه منكم مودةً وفضلاً..

أمليّ أيضاً الاّ تُغيّر حرارة الصيف مذاق وجبتكم.

مقالات ذات علاقة

لوحة فنية

ريم العبدلي

حبيبتي الأولى مختلفة جداً

عبدالله عمران

إدريـــس

اترك تعليق