لطيفة الشابي | تونس
لا الأُسْدُ تُرْعِبُنِي ولاَ الأَعْدَاءُ
لكنّمَا الحظّ العثيرُ لَصيقِي
دهري أوَتْ في خِدرِه الخَنْسَاءُ
ولقد خبَا متجشّمًا بطريقي
وخَيال حُلمٍ تَغشَهُ الظّلماءُ
فيذوبُ فجري تائقا لبريقي
لي موطنٌ يحنو له العظماءُ
لكنّ كُثْرَ الغَدْرِ فرَّخَ ضِيقِي
وهممتُ أكرعُ والمياهُ، رِواءُ
نَبْعٍ مِنَ الخَوْفِ كَطعم رهِيقِي
الكُلُّ ضِدِّي، مَكْرُهُمْ أرزاءُ
لمَّ التَشفّي اسْتَاءَ منْ تمزيقِي
لِي أحْرُفٌ يُنْهَى بِهَا الإمْضَاءُ
مِمَّا أصوغُ وحُكْمُهُمْ تَغريقي
مَكْلُومَةٌ منْ جُرْمِهم بأساءُ
فعلامَ أخشى والرّدَى تَعتيقِي
أُكْذُوبَةٌ في الغالبِ الأنباءُ
والفَاهُ يَعْجُز موجزٌ تحْقيقي
ما منْ حليف والدُّنَى صَمَّاءُ؟
وَرِيَاحُ غَدْرٍ ألّبَتْ بِعَقِيقِي
وَلَقَدْ أذيتُ وأمَتِي جرداءُ
معهم سَئِمْتُ فألزموا تفريقي
وَلَكَمْ سَمَا فِي قدسنا النُّبَلاءُ
والأرضُ عِرضي، بيّتوا تَسويقِي
فالأرضُ نَبْضٌ والنفُوسُ إوَاءُ
هَلْ ذَا يُرِيحُ الجُرْحَ مِنْ تَفليقِي؟
لا تعتلوا جرحي أنَا الخنساءُ
يَا عُزْوَتِي عِنْدَ الرّزى تعنيقي
لا تُطْفِئُوا نُورِي، لِمَ الظَلْمَاء
فالنّبضُ يَخْفِقُ اخْفِتُوا تَزْوِيقِي
نُذري بدتْ أمثالُهَا الفُرَقاءُ
يَا لَوْعَتِي خَلِّي الجوى وأفِيقِي
مُدِّي يَدَيْكِ تُخَضَّبُ الحِنَّاءُ
ويَفِيضُ مَا تَجْنِيهِ من إبريقِي
الكُلّ ضِدِّي، لعنتي إسفاءُ
وبها، التَّمَلَّقُ يصطلي كحريقِ
وَالحَالُ نَوْمٌ وَالدُّنَى إغفاءُ
في مَرْقَدٍ لَمْ يُنْسِهِ تَطويقِي
والليْلُ نيلٌ هدّهُ الإغْمَاءُ
بعد السّكونِ قد خبا تَعليقِي
فأثَرْتُ بَيْنِي واعْتَرَاني الدّاءُ
يا مجدُ عذرا لافْتِرَاقِ فَرِيقِي
وكأنّ الجَرِيمَةَ، حِكْمَة ٌ وإحَاءُ
سَكَبُوا سُمُومَ الخَطْبِ منْ إبْرِيقِي
وظللتُ أشربُ والدُنَّى خَرْسَاءُ
فسرى بقلبي والجفا تَشرِيقِي
يا بْنَ الأشاوِسِ، طِينَتِي غَرّاءُ
قد نكّلوا بي، مُكْرَهٌ تصديقِي
لاَ تَبْكِيَنَّ أنَا، أنَا الخَنْسَاءُ
عِنْدَ الصُّرُوف قَصَائِدِي تَوْثِيقِي
فالشِّعْرُ صرحٌ شَادَهُ الشّعراءُ
بَلْ قَدْ تَعَطَّرَ بَوْحُهُ بِعَقِيقِي
لَوْ أنّ صوتي تثره البغضاء
ما بتّ أحْكي ملجئي تعتيقي
آلوا لهدمي والدّنى عصماءُ
سَتَفِيضُ بَحْرًا لوْ أفقتَ شقيقِي
صَوْبَ الأقَاحِي أنْهُرِي إضْفَاءُ
فَلَعَلَّ نَهْرَكَ في القِفَارِ شفيقِي
والفَخْرُ يُجْدِي لَوْ ذرى الإسْفَاءُ
أعلوا به، في المُعْتلى تَحْلِيقِي
عُذْرًا فَهَذِي دِيجَةٌ دَهْمَاءُ
فيهَا الرّضوخ، وسَاجِنِي كرفيقي
مَهْلاً فهَذِي غَايَتِي الخَرْسَاءُ
ولعلّه الإخفاقُ منْ تَصفيقي
عُدُّوا الشُجُونَ فإنَّنِي الخَنْسَاءُ
وَدَوَاةُ دمعي مَرْفَأُ التَّفْرِيقِ
صوتي انْبِثَاقِي والنّوى إخلاءُ
والحُلْمُ حُلمي والإبَا توثيقي.
قصيد من ديوان – مدّي يديك تخضّب الحناء