متابعات

مفتاح العمّاري : سأدافع عن قصيدتي بحجم الوطن

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

ندوة حوارية تكريمية للشاعر “مفتاح العمّاري”

احتضنت فعاليات ليالي المدينة ببيت محمود بي بطرابلس ندوة حوارية تكريمية للشاعر الليبي “مفتاح العمّاري” أدارها وقدمها الكاتب “حسين المزداوي” وسط حضور للنخب الثقافية والإعلامية، وذلك مساء يوم الأربعاء 23 من شهر أغسطس الجاري حيث توقف الشاعر العمّاري عند أبرز محطات مسيرته مع كتابة الشعر موضحا بأن البداية كانت مع الكتاب والشغف بالقراءة أخذ يتدرج مرحليا، وأردف بالقول : كنت أحوج ما يكون لوجود رفقة بحياتي وولجت إلى عالم الكتاب وأنا خال من أي إرث عائلي أو أي ذاكرة تتعلق بوجود الكتاب، فحتى الآن معظم بيوتنا الليبية تفتقر للعلاقة بينها وبين الكتاب للتصالح والتسامح مع الكتاب، لفت العمّاري إلى أن العلاقة مع الكتاب بقدر صعوبته بقدر بساطتها فكانت الرواية هي منطقة الجذب الأولى، وامتد ذلك خلال مطلع عشرية سبعينيات القرن المنصرم، وتبعا للعمر آنذاك انكببت على مطالعة أعمال “إحسان عبد القدوس”، و”يوسف السباعي”، و”محمد عبد الرحيم عبد الله”، ولم يكن أوان ذاك الزمن أملك من النضج الذي يؤهلني لاختيار حتى هذه العناوين وقياسا بتكلم المرحلة لا تشكل هذه القراءات محطات في السرد بيد أنها تظل ملائمة لسن محدد، وأضاف العمّاري قائلا : يبدو بأنني لامست منطقة أخرى هي تتصل كذلك بالسرد وهي قصص ألف ليلة وليلة وهذا العمل ساهم بشكل كبير في تغذيتي فاستطعت من خلاله أن أعيش أجواء خاصة، واستمرت لعبة القراءة، ولاحقا تأسست عائلة من أسماء أدباء مهمين وأخذت اللعبة في التطور فتربّت الذائقة وتنامت يصاحبها وعي بامكانية لتحديد الخيارات، وحتى عام 1975م لم يظر قط أي مؤشر للكتابة، وأشار العمّاري إلى أن المحاولات الأولى للكتابة بدت ساذجة تنسجم إلى حد كبير مع أسئلة المرحلة كالحرية والكيان الاجتماعي التقدمي.

محطات مع السيرة
كما واصل العمّاري حديثه حول النشر قائلا : إن أول مغامرة للنشر باعتباري كنت منضويا تحت مؤسسة عسكرية، وهي مؤسسة تُضيِّق الخناق فيما يتصل بأي نشاط إبداعي، وبالتالي كان النشر كفيل بتعريضي للمساءلة القانونية الذي يتعارض مع القوانين العسكرية فهي تمنع وتحظر ممارسة أي نشاط حتى ولو كان اجتماعيا، وأشار العمّاري بالقول : لقد سُجنت لمجرد أنني غادرت البلاد للمشاركة في أنشطة مهرجان المربد وأودعت سجن أبوسليم فكانت مرحلة صعبة جدا، وتابع : لمن مروا بالتجارب العسكرية يدركون تحديدا حالة المهانة بخلاف أن تكون سجين رأي فأحيانا المرء يُسجن لمحض ترهلات بمقتضى مزاج نزوي معقد لذا مسألة أن أمارس فعل الكتابة والنشر أمر يُعد ضربا من ضروب المغامرة وقد أخذت مسارها وتدرجها ومحطاتها في سيرتي، من جانب آخر أكد العمّاري أثناء سرده لمشواره مع الشعر والحياة بأن مجرد نشر نص يحمل اسمي اعتبرته انتصارا، وتابع بالقول : إنني إزاء الكتاب لدي رهبة كبيرة لما أجده فيها من قداسة، فيما بيّن العمّاري ظروف نشأته بضواحي مدينة بنغازي والهوّة بينها وبين الحياة البيئة في الثكنات العسكرية واختلاف تقاليدها التي تطغى عليها السلوكيات البدوية فالمجتمع الموجود داخل الثكنة هو مجتمع بدوي، مضيفا بالقول : كنت كل ما أحتاج إليه هو أن أقول شيئا وأن أعبر عنه وهو بأن أكتب تبعا للحظة التجلي، وأجدني حتى يومنا هذا كلما أشرع في كتابة نص ما أحس بأني أكتب لأول مرة فتلازمني معاني الشرف والفرح والخوف والتردد مع كتابة كل قصيدة جديدة لكنني في المقابل أستشعر بأني أكتب شيئا مقدسا.

الرهانات على الممكن
وتوقف العمّاري بالقول عند قضية الرهان على أمر خاسر قائلا : لطالما استأثر عليّ إحساس بطريقة ما بالغبن فالشاعر وسط بيئة تعترف بوجوده أصلا ضمن نسيج موحّد، وتبدو قصيدة النثر اليوم في عزلة كهفية، وبعض الشعراء ممن يتعاطون مع كتابة قصيدة النثر هم بالأساس يفتقدون لأي علاقة حقيقية وفهم حقيقي لقصيدة النثر، مايضاعف من الاحساس الاهمال والخسارة، مشيرة في آن الوقت إلى أن الشعر بدأ ينحسر ويتراجع على مستوى العالم كله وهو مؤثر يتعلق بواقع الوجدان فمع تفسخ القيم تغيرت العديد من المفاهيم ففقد الشعر بالتالي موقعه ومنزلته، وما يمثله من جوهر معرفي وما يعبر عن الهوية والوجدان، وأكد العمّاري قائلا : إن ثقتي الكبيرة جدا لا تعود للواقع بل في الممكن بعبارة أدق المراهنة على نص إلى حد كبير مُزدرى ومُحقّر ولا يشكّل أي اهتمام ما يجعل الشاعر يتردد أن يعرضه إنتاجه الإبداعي على أي ناشر بل حتى تعريف الشاعر بنفسه، وأكد العمّاري بالقول : الشعر منحني القدرة على المقاومة وساعدني كثيرا على التشبث بالحياة بكل شغف ساعدني على الحب وعلى السفر برغم كل الظروف الصعبة لست نادما على شيء ولم أخسر شيئا فقد كسبت أخطائي، وكانت أخطائي أجمل مدرسة في الحياة لذا راهنت ولازلت أراهن على الشعر، وسأدافع عن قصديتي بحجم الوطن، وختام الندوة الحوارية تم منح الشاعر “مفتاح العمّاري” درعا تكريما وتقديرا لمشواره الإبداعي المتميز طوال أكثر من أربعة عقود ونيِّف .

مقالات ذات علاقة

دموع الفنادي تنهمر في منتدى السعداوي

المشرف العام

مجمع اللغة العربية ينظم محاضرة عن النحو التعبيري

مهند سليمان

القلب يصفق وقولوا يا رب تعيدان الحريري للأضواء

مهند سليمان

اترك تعليق